أوسمة الجنرال ... انتصارات ؟ .. هزائم

اديب طالب
adeb.talb@cmail.com

2008 / 12 / 9

قافلة من قبيلة الجنرال "تكتل التغيير والاصلاح" ،اعضاء في "التيار الوطني الحر" ،اداريين وصحافيين واعلاميين الى دمشق ايذاناً ببدئه زيارة غير مسبوقة ستمتد من الاربعاء الى الاحد، غاديا رائحا، فاتحا منتصرا، محررا وطنه لبنان من قبضة الوصاية ،وعلى رأسه اكليل الغار، وفي قبضته حزمة من ورود الحرية والسيادة والاستقلال وعلى صدر بزته العسكرية اوسمة الفخار. تذكرت هنا ان اغلب جنرالات الشرق الاوسط المعاصريزينون صدورهم بعشرات النياشين الخلبية دلالة الحروب التي ادمنوا الهزيمة فيها ... طوبى للجنرال !!.
رد الجنرال على منتقدي زيارته ساخراً من "جهلهم للتاريخ المسيحي" ،وان سوريا ساحة المسيحية الرئيسية في الشرق ، نذكر الجنرال ان سوريا قبل " فتحها" من قبل السلطان سليم العثماني ، كان ثلاث ارباع سكانها من المسيحيين وان السلطان " الفاتح " ادخل غالبيتهم في الاسلام ترغيبا وترهيبا وعائلتي الكريمة كانت من جملة العائلات التي كانت مسيحية وقتها واسلمت وتسننت وعلى المذهب الشافعي وكنا من سكان مدينة " يبرود " .
هل يطمح الجنرال ان يكون بطركا سياسيا لمسيحيي الشرق ، ريثما يقيض الله له الجلوس على الكرسي في "بعبدا " والله على كل شيء قدير، وعلينا ان لا ننسى شهادة طهران بان الجنرال قطب الرحى للمسيحية الشرقية ، وعلينا ان نتذكر بان المدح في غير موقعه ذم من منافق لا دين له أومن متحمس غبي مؤيد على عماها او من دساس ثعلبي لئيم . وارجو ان يأخذ الجنرال هذا الكلام من باب الدعابة وقد عرفت عنه هذه الروح الرحبة الانيسة .
زيارة الجنرال للنظام السوري حصلت منذ ثلاث سنوات وآتت أكلها مذ انقلب الى المقلب السوري. واثمرت " ورقة التفاهم " وعهدت اليه القيام بدور " المبرراتي " للشائنات من الأفعال ، الاغتيالات ،هدم استقرار البلد ، الحرب على باريس 3 ، احتلال وسط بيروت ،وقمة الشائنات غزوة بيروت في السابع من ايار .
النائب سمير فرنجية : " الزيارة هي عملياًَ نوع من إعلان لما هو قائم منذ ثلاث سنوات من علاقات وتنسيق وتحالف".

عندما تعاون الزعيم العاقل جمال عبد الناصر والجنرال العاقل فؤاد شهاب ؛ كان لبنان أقرب الى استقلاله وسيادته وكانت هناك محاولات ناجحة لاعادة بناء الدولة والادارة . وعندما تعاون جنرال الرابية مع الرئيس السوري بشار الاسد حصد لبنان اغتيال عدد من اهم سياسييه وقادته ومفكريه وعسكرييه . وتعطلت الادارة والدولة وتحول الاستقلال الى وهم مريض . وبدل ان يؤدي ذاك التعاون الى حماية المسيحيين واستعادتهم دورهم المرسوم في الطائف ؛ادى ان يكون الشهداء المسيحيون ثلثا ضحايا ذاك التعاون .
قال نقولا ناصيف في كتابه " جمهورية فؤاد شهاب " : الناصرية والشهابية قادتا لبنان الى الاستقرار واعادتا بناء الدولة والادارة .

من حق الجنرال ان يفخر بـ"تسلّم حراسة بوابة الشام" عندما يحقق لنائب الرئيس السوري بشار الاسد ، السيد فاروق الشرع أمنيته بالغاء قانون محاسبة سوريا "الامريكي الامبريالي الوقح " ، والجنرال اولى الناس بهذا الالغاء ؛ فالقانون قد صدر اثر شهادته التاريخية في الكونغرس على ان سوريا محتل فاسد ووحشي للبنان " الحمل الوديع ". قال الجنرال مؤخرا: أشرس خطاب لي كان في الكونغرس الأميركي تجاه سوريا ، ونرى ان الحل شديد البساطة ،ليذهب الجنرال وليقل للكونغرس : غيرت رأيي اريد قانونا لتكريم سوريا والكونغرس جاهز للاستجابة فخاطر الجنرال ليس شيئا قليلا ، ومما يساعد ان السيد " اوباما " اسمر حنون .

هل علينا ان نفهم ان زيارة الجنرال وتعاونه وصداقته الصدوقة مع سوريا الاسد تعني كما قال حازم صاغية :
أن اللبنانيّين، فرداً فرداً، "أبناء ستّ"، والسوريّين، فرداً فرداً، "أبناء جارية". ونكمل من عندنا ان قدر السوريين الاستبداد وقدر اللبنانيين الديمقراطية في بركة الديكتاتورية و حماية الجنرال ودفء خيمته ؟

زيارة جنرال الرابية للنظام السوري – والله اعلم – وعلى الاضواء الساطعة وفي غبش الظلال وزحمة ما تحت الطاولة وهمس الزوايا وخفت الكوى هي في آخر المطاف للتأكد من ضرورة اصطفاف جديد مع سوريا ؟ مع ايران ؟ مع " الحزب " مع " الحركة " ؟؟ مع كل هاتيك الدوائر ؟ مع بعضها ؟ مدى القرب ؟ مدى البعد ؟ . أم هو البحث عن دور تضاءل ؟ وقد تضائله مسارات المحكمة ؟ وقد تعاظمه كموقظ للفتن وموقد لنار الشر ؟ وقد تصاغره فالقانون الدولي يمهل طويلا ولا يهمل اطلاقا ؟ وقد تعاظمه بحدث ينسي الناس المحكمة ومماحكاتها ؟ ويضع القرار الدولي الحازم بحماية لبنان واستقلاله وسيادته في خبر كان اللئيمة ؟؟
وقد تصدق نبوءة حليف الجنرال ، الوزير السابق سليمان فرنجية، بحصول حدث كبير يؤدي إلى تأجيل الانتخابات النيابية, وتغيير مسار الجمهورية اللبنانية.
وقد يكون حقيقة ما قاله رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع قال: "عون ذاهب إلى سورية ليحل مشكلته وليس مشكلة البلاد".
يقول الياس الزغبي : إن العماد عون منذ ثلاث سنوات على الاقل، يجسد حالة منحرفة جداً عن السياق اللبناني والسياسي والوطني الصحيح ويجسد الخطر الحقيقي لفكرة كيانية لبنان ومشروع بناء الدولة الحقيقية في لبنان.
ونقول ببساطة وللاسف : ان الزيارة تأكيد على تلك الحالة البائسة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن