الحياة في الكتابة_ثرثرة

حسين عجيب

2008 / 12 / 9


"ما نحن سوى قصص تحكي قصصا"...
صديقي الخاصّ جدا بيسوا اختصر كل الأجوبة في عبارته.
أن تكون المعرفة هي الملاذ الأخير للكائن الحميمي,على رأي إيف بونفوا, يبقى بعض الصراع أو الرغبة فيه لم تمحى بعد,....والإعراض نهائيا عن فظاظة الواقع.
.
.
صدفة وجدت في الموت( الافتراضي أو المتخيّل ...وفكرة الانتحار أخيرا) السلاح الأقوى في موجهة الغباء والأحادية.
بعدما تغلق في وجهي,ويتراكم ما يفوق طاقتي على النسيان أو التسامح....أستحضر فكرة الانتحار كحلّ أخير. ألعب بها بداية_ تحويل الخوف إلى لعبة بدورها لعبة مدهشة.
_فجأة أدخل في الجدار.
وكأنني لأول مرة أختبر هذه المشاعر الفظيعة.
.
.
أشعر بالغيرة تجاه الكثيرين من زملائي كتاب سوريا.
يركبون السيارات السريعة ويسافرون على هواهم ويلعبون في المهرجانات العامّة والخاصّة ويحظون بالاحترام والتقدير... فوق ذلك لديهم بيوت وعائلات....أسماؤهم في الجرائد والمجلاّت وثيابهم نظيفة وجديدة وموبايلاتهم حديثة فيها كاميرات وأشياء مختلفة تشعرني بالغيرة فعلا,......والدهشة.
.
.
من طيز هذا الزمان جاءتني فرصة واحدة يتيمة ....وأنا على أبواب الخمسين.
أركب الطائرة وأعبر المحيط.....وأرى العالم والحياة من جهة أخرى.
_ممنوع من السفر!
تخليّت وبإرادتي ورغبتي الواعية عن الوطن و المال والسلطة والعائلة والسمعة....مقابل حريتي وعدم الإزعاج.
لا فائدة. لا جدوى. لا أمل.
كيف تثبت أنّك بريء!؟
كل أدب كافكا محاولة فاشلة للإجابة على السؤال الفظيع.
سبقه تشيخوف,وقلب الصفحة إلى الحياة اليومية البسيطة....وعرف كيف يحبّ.
*
قد يكون الموضوع بمجمله إجراء روتيني.
وتمنح تأشيرة الخروج مع فريدة السعيدة....وخلال أيام تعود برغبتك وإرادتك الواعية أيضا إلى اللاذقية.......التي لن تغادرها أبدا.
كيف سيكون موقفك عندها يا عبقري زمانك؟
كل يوم يأتي بكلامه وثرثرته.....وجمالياته ومخاوفه وقبحه_معه بنفس التوقيت.
_يتساءل كثيرون جدا: كيف تكتب بهذه السهولة والغزارة؟ وكل يوم!
حياتي كلمات وخطوط....ولا أمتلك أيّة مهارة
أشرب وأدّخن وأحلم وأتخيّل......ولا شيء آخر.
*
ربما شكّل عالمي الوجداني كلّه موت أختي الصغيرة ملكي وقبل أن تكمل السنة....أمام أعيننا الثلاثة.....عليا وأنا والله.
وفقدت الثقة وخسرت الإيمان بعدها.
طيلة ساعات _تلك الليلة الرهيبة_ بقيت تحتضر بيننا,في حالة عجز مطلق ونهائي.
لا أستطيع التسامح ....
لا مع الله
ولا مع عليا
ولا مع الصبي الذي كنته
جريمة كاملة تواطأنا نحن الثلاثة على طمسها.
وصار للموت عين هائلة وأذرع شيطانية بلا حدود.
*
لا تقنعني عبارات من النوع: الكتابة كحالة تضادّ مع الموت, أو أنها للتحرير من العادات والمخاوف,أو أنها للمتعة أو الفائدة...أو
تكتب لأنك لا تستطيع أن تفعل أي شيء آخر.
ليست الكتابة صراخ ولا نداء,ليست لتعداد المفاخر والانتصارات,كما أنها ليست للشكوى والتذمّر......الكتابة
الكتابة صدى الحياة السريّة في وجدان أحدنا.
*
من بين الأربطة الكثيرة بيننا فريدة السعيدة وأنا_الكتابة
وثرثرتي في المقام الأول.
حريتي مطلقة شرط أن أغلق الباب خلفي.
_لا أحبّ الشعر ولا الشعراء
عبارة فريدة القاطعة المانعة.
لن نختلف أبدا ما دام العقد بيننا بهذا الوضوح والبساطة وبمقدورنا قبوله.
*
هل عندي رقيب أو رقابات؟
لا أظنّ.
لا أعرف....أكثر دقّة وصدقية.
.
.
أكتب كما أتنفّس وأضحك وأبكي وأضجر....أو سأبحث عن إدمان آخر
أتوقّف عن الكتابة في اللحظة التي يتوقف فيها الألم الداخلي
بعدما يموت الوحش والمسخ والشره والمتفاخر واللصّ....,وبقية شخصياتي الكريهة.
بعدها
أرتقي إلى الحبّ والغناء
والضحك الصافي والمعيق بلا كدر ولا أحزان
أو
سأفعلها
وأطلق رصاصة الرحمة
في قلب الألم.
.
.
اليوم خمر وغدا أمر
على رأي جديّ الحقير امرؤ القيس.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن