الجزء الثاني من سيرة البسيط والهيئة العليا-12-

ناس حدهوم أحمد

2008 / 11 / 23

دخولنا إلى ولاية طكساس كان متزامنا مع العملية الإنتحارية التي وقعت بمدينة ميونيخ الألمانية والتي قام بها كوماندو فلسطيني موقعا مأساة للطرفين عملا بالمقولة
التي تقول ( علي وعلى أعدائي ) . ولهدا كان الإحتراس من العربي مسألة قائمة . بدأت أشعر برائحة اليهود تحوم من حولنا . وقد قدم لي ( فارس ) شخصا يهوديا
وكان بالنسبة لي دلك مسألة عادية لأنني كنت أحسب جميع الأجناس بشرا مثلنا . كان ديفيد يعلق على صدره نجمة داود . وكنا نتناقش في مسألة إسرائيل وفلسطين
كان هو يدافع عن موقعه بينما أنا كنت أيضا أدافع عن الفلسطينيين بصفتهم أصحاب حق أولا وأخيرا . وقلت له بصراحة أنني لا أعارض بأن يكون لليهود وطن
كسائر خلق الله ولكن ليس على حساب شعب بأكمله . ولم يكن نقاشنا يتحدد في هده القضية فحسب . بل كنا نتناقش في عدة مجالات. كما قلت له بأنه يعيش داخل
الولايات المتحدة ولا يعرف ما يجري حقيقة على الأرض داخل الوطن المحتل. كما قال بأنه يخدم قومه بتقديم المساعدة المادية كسائر اليهود الموجودين هنا.
كنت أنا صريحا معه بينما ( فارس ) كان حينما يسألونه عن جنسيته يقول بأنه بربر ي . وكان ديفيد يجاوبه بأن بربري تعني عربي .
دات مساء دعانا ديفيد إلى بيته كما قال . دخلنا فيلا كبيرة وواسعة تتوفر على حديقة ومسبح . كانت هده الإقامة مسيجة بسور إسمنتي قصير الطول . بمجهود قليل يستطيع الإنسان تسلقه والقفز خارجه. كان داخل الإقامة أربعة أشخاص . وقد أوحى لي دلك بأن البيت ليس بيته كما زعم. جلسنا في صالون الضيوف وكان الجو عاديا أول الأمر . وكانت التلفزة مشتغلة وكان الممثل فرانك سيناطرا يدير برنامجا لم أفهم موضوعه لعدم إلمامي باللغة الإنجليزية بشكل كافي. قال ديفيد
بأننا نحن العرب حينما يكون لدينا ضيوف نأتي لهم بالماء ليغسلوا أيديهم ثم نقدم لهم المائدة ونعود لنفس عملية الغسل بعد الأكل . وأضاف بأنهم عكس دلك. ثم طلب
مني مرافقته ففعلت فأدخلني مطبخا واسعا يشبه محلا تجاريا توجد به كل أصناف المأكولات المعلبة في أغلبها وأشياء أخرى لم أعرف محتواها كما اطلعني على ثلاجة البيت الكبيرة الحجم وفتحها معلنا بأنهم يسمحون للضيف لكي يأخد ما يريد بشرط أن يخدم نفسه بنفسه. شكرته ورجعنا إلى الصالون .
بعد ساعة ونيف بدأ جرس الإقامة يرن باستمرار وصار يتوافد على المكان مجموعات من الناس كلهم رجال أغلبهم بالشوارب . كانت وجوه صارمة نظراتها حادة .
وبهم شبه كبير بوجوه العرب . لاحظت أنهم لا يتقدمون للسلام بل كان كل واحد منهم يأخد كأسه وينتشرون في الحديقة على جانب المسبح . وكان واحد منهم من حين لآخر يفتي عليهم فينفدون ما يشير به في حينه. كما لاحظت أحدهم يقف متصلبا في موقع الباب واضعا يديه ودراعيه على صدره. دكرني برجل الأمن أثناء خضوعي للبحث بخصوص مشكل الباخرة. أحسست بالقلق في حين كان( فارس )غائبا عن هدا الإحساس تماما رغم تحديري له المتكرر. ومازا الطين بلة هو لما قام بالتجرد من لباسه ولم يبق إلا بالتبان ثم قفز للمسبح. تقدمت أنا نحو المسبح ووقفت بجانب الرجل الدي أعطاني الإنطباع بكونه رئيسهم ( وكان عمله محاميا حسب
ديفيد حينما قدمه لي سابقا خلال إحدى اللقاءات العابرة ) . تجرد ديفيد من لباسه وكدلك هو الشأن بالنسبة لآخر لم أره من قبل . ثم قفزا معا إلى المسبح . بدا لي
كما لو يمزحان مع ( فارس ) وفجأة إنقضا عليه وهبطا به إلى قعر المسبح. أحسست كما لو أن صفعة أيقضتني .. رباه مالعمل ؟ فكرت في الهرب بنفسي وبدا لي سياج الجديقة أقصر مما تصورت من قبل . إنشق الماء كما لو مسته عصى موسى وصعد الثلاثة أولهم ( فارس ) كان مدعورا وهرع بسرعة فائقة نحو السلم في حين
كان ديفيد ورفيقه ةيضحكان ويتجهان معا نحو السلم للجهة الأخرى . لكن بهدوء . إلتفت إلى الرئيس أناشده الإنسحاب لنلتحق بالباخرة . أشار الرجل بيده إلى الحارس الواقف مكان الباب متصلبا . فحضر للتو . وأمره بأن ينقلنا إلى الباخرة . وكان واضحا أنهم أدركوا الخوف الدي إنتابنا .
داخل الباخرة جلسنا نتنفس الصعداء واختلط بيننا عتابي له واعترافه باندفاعه وما يمكن أن يحصل لو أراد هؤلاء الإعتداء علينا . لم أكن أفهم أنا أيضا من هم
هؤلاء لكنني بعد مرور السنين على الحادث صرت أومن بأن أولائك لم يكونوا إلا أعضاء شبكة الموساد المنتشرة في البلد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن