نذرت حياتك أيّها الرفيق جوهر في سبيل الشعب والوطن والحزب

أحمد رجب
ahmad44rajab@hotmail.com

2004 / 6 / 25

  في سنوات النضال السري القاسية عام 1964 كنت والرفيق الشهيد كمال نامق والمرحوم جلال كريم (جلال أبو شوارب) نتردّد على دار( الملا الحاج محمد كاكه ئه ولا ) في قرية كولان الواقعة على سفح جبل بانيخيلان بالقرب من نهر ديوانه، والحاج محمد كاكه عبدالله شخصية وطنية معروفة ومحبوبة عند أهالي المنطقة، وكنَا نعقد الاجتماعات  وننظَم أعمالنا الحزبية مع الرفاق المسؤولين ومنهم الرفيق الطيب الذكر الدكتور فارس الذي توفي في موسكو، والرفيق عبدالله ملا فرج قره داغي، وفي تلك الأيام القاسية تعرفنا على الشاب اليافع رؤوف الطالب في متوسطة دربنديخان.إنّ قرى كولان الثلاث رغم قربها من المدينة ومعسكرات الجيش العراقي، كانت المكان الأمين لإختفاء القادة الحزبيين والأسرار الحزبية، وفي خضم أيام النضال القسري انخرط أهالي القرى المذكورة ومنهم أولاد وأقارب الحاج  في الحزب الشيوعي العراقي، الأمر الذي دفع الآخرين أن يطلقوا عليها اسم موسكو الحمراء.انتمى الشاب رؤوف الحاج محمد للحزب، ومنذ الأيام الأولى وفي الظروف القاسية أخذ يعمل بجدية ونشاط، وكان مثالاً رائعاً للبسالة والإلتزام الصارم والصمود البطولي لا تلين له قناة، وفي زمن قياسي أصبح عضواً في الحزب، ومن ثمّ عضواً في لجنة جوتياران، وهذه اللجنة كانت تقود المنطقة بما فيها مدينة دربنديخان.ونظراً للدور المشرق وتألق الرفيق رؤوف في إنجاز المهمات الحزبية، وبناءً لإقتراح من اللجنة العسكرية، انتدب للعمل بصفة مستشار سياسي في السرية العاشرة( لقى 10) المناضلة لأنصار حزبنا الشيوعي العراقي التابعة لقوات بيشمه ركة كوردستان الباسلة.وبعد صدور بيان 11 آذار التاريخي واظب الرفيق رؤوف دون كلل أوملل مواصلة النضال، ودخل في عدد من الدورات الحزبية لزيادة معلوماته الفكرية والتنظيمية، وأستطاع الإستفادة من تلك الدورات واستيعاب التطورات التي عاشها العراق آنئذ.أصبح عضواً في لجنة محلية محافظة السليمانية ومسؤولاً عن قضاء دربنديخان، وكان كادراً فعالاً أذهل رفاقه في تأدية واجباته، ولم يأبه قط لممارسات السلطة المجرمة، وبذلك نال ثقة الحزب والرفاق والجماهير، وأصبح هو الآخر كوالده محبوباً من لدن رفاقه وجماهير المنطقة، ومن ثمّ أصبح عضواً في منظمة اقليم كوردستان الباسلة.وعند إشتداد الحملة على الحزب  بداية عام 1978 قامت السلطات الدكتاتورية بعدة محاولات للقبض على الرفيق رؤوف، إلا أنّها فشلت في ذلك، حيث أختار الرفيق التوّجه إلى منطقة قرداغ للإختفاء، ومن ثمّ الذهاب مع رفاق آخرين إلى هورامان وتأسيس قاعدة للحزب وأنصاره في منطقة به له بزان وتحمّل بصفته مسؤولاً ورفاقه متاعب كثيرة في توفير الطعام لهم وللرفاق الذين استطاعوا الهرب من جحيم الدكتاتورية الفاشية والالتحاق بالقاعدة، ومن ثمّ توفير السلاح والدفاع عن أنفسهم والحزب إذا قامت القوات العسكرية المجرمة بغزو المنطقة، وكان عدد الرفاق 150 – 200 ولا يملكون غير 10 بنادق قديمة مع عدد من المسدسات.بعد معارك عنيفة خاضتها القوات الإيرانية ضد الحزب الديموقراطي الكوردستاني – إيران ( حدكا ) في مدينة باوة، اضطرّ رفاقنا ترك المقر وعبور نهر سيروان والتوجه إلى جه مي كريانه القريبة من ربايا العدو الفاشي، وقد لعب الرفيق رؤوف واسمه الحركي ( جوهر ) دوراً رائداً ومتميزاً في شرح المهمات والامور العسكرية المستجدة وكيفية الدفاع عن المقر والرفاق في حال وقوع هجوم مباغت من قبل القوات العسكرية والجحوش.قاد الرفيق جوهر مفارز عديدة إلى المدن والقرى القريبة، وخاضت هذه المفارز معارك ضد ركائز العدو الجبان، وأسهمت في رفع معنويات وجاهزية الرفاق والأنصار. وعندما انتقل مقر حزبنا إلى قرية بيتوش في منطقة آلان، ذهب الرفيق جوهر على رأس مفرزة قتالية إلى منطقة قرداغ بعد إنقطاع دام عدة أشهر، ومن هناك بادر إلى تنظيم مفارز صغيرة مهمتها القتال ضد عناصر الحكم الدكتاتوري الأرعن، وتوزيع أدبيات الحزب بين الجماهير، وعندها بدأت الإلتحاقات من قبل الجماهير وأفراد الجيش والشرطة والجحوش بالإنضمام إلى صفوف قوات حزبنا. في 1983 تعرّض الرفيق جوهر ومفرزة بطلة من مفارز الحزب المنتشرة في المنطقة إلى كمين إجرامي وبعد معركة قصيرة استشهد الرفيق الشيوعي  نجم الشيخ محمد (كوران )، والنصير الباسل كامل احمد ( فاضل )، كما جرح هو وعدد آخر من رفاقه.أرسله الحزب إلى الأتحاد السوفيتي للمعالجة والدراسة، وفي عام 1986 عاد ليواصل النضال مع الحزب وليساهم في نشاطات رفاقه، وأصبح المسؤول العسكري لقاطع السليمانية وكركوك، وساهم مع كوادر الأحزاب الكوردستانية في وضع خطة للإستيلاء على مدينة قرداغ وتحريرها من رجس البعثيين.ففي شهر نيسان 1987 تم تحرير مدينة قره داغ من براثن العدو المجرم من قبل قوات الحزب الشيوعي العراقي والحزب الديموقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني والحزب الاشتراكي الكوردستاني، وقد حصل الحزب على غنائم كثيرة بدون خسائر.وساهم الرفيق في وضع الخطط المحكمة لتحرير ناحية نوجول، واستطاع رفاقنا لوحدهم من تحريرها من أزلام وعناصر الدكتاتورية البغيضة ووقعت في الأسر سرية للجنود وسرية للجحوش مع غنائم، منها : سيارات ودوشكا ومدافع هاون وأجهزة إتصالات وقاذفات آر.بي.جي RBG وكلاشنكوفات وأسلحة خفيفة أخرى، ومن دون خسائر.وفي أواخر شباط 1988 ذهبنا ومفرزة من رفاقنا وأنصارنا إلى كه رميان لإستطلاع ناحية جبارة ووضع الخطط الكفيلة لتحريرها، وفي قرية قوالي وبعد مناقشات طويلة، تقرر بقائي في القرية مع رفاق آخرين لمعرفة طرق الحصول على مواد غذائية لأننا كنا نعرف بأن العدو الجبان سيغزو المنطقة ولا بدّ من إيجاد مصدر للمواد وخزنها لأيام المحن والصعوبات، وذهب هو ورفاق آخرون في مهمة إستطلاع ناحية جبارة، وكنا على وشك تحريرها عندما سمعنا بأن العدو المجرم يتهيأ لشن هجوم كبير على منطقة قرداغ، وقد رجعنا مسرعين وما أن وصلنا مقرنا في قرية أستيل العليا سمعنا بمهاجمة العدو البعثي الفاشي قرى سيوسينان ودوكان بالسلاح الكيمياوي، وسقط 78 من المواطنين شهداء في قرية سيوسينان وحدها.وساهم في المعارك التي خاضتها قوات حزبنا الشيوعي العراقي ضد قوات السلطة الدموية إبان عمليات الأنفال السيئة الصيت.عند إنسحاب قوات حزبنا وقوات الأحزاب الكوردستانية من مناطق كه رميان وقرداغ أصّر على البقاء مع مفرزة صغيرة في منطقة قرداغ، وأخيراً تمت الموافقة على بقائه ورفاقه هناك.  وبينما كان ذاهباً في مهمة حزبية إلى مجمع النصر القسري الواقع بين قضاء دربنديخان وناحية عربت، وبوشاية من مرتزق من مرتزقة النظام البعثي المتوّحش، قامت القوات الخاصة وعناصر الإستخبارات العسكرية وقوات الأمن والجحوش المرتزقة بمداهمة مكان تواجد الرفيق جوهر في 9/10/1989، وبعد معركة شرسة استخدم العدو المنبوذ فيها كافة أنواع الأسلحة، وعند نفاذ الطلقات لدى الرفيق أستطاعت القوى المجرمة إعتقاله وارساله فوراً إلى السجون الرهيبة والقيام بتعذيبه وفق أحدث وسائل التعذيب للنظام الدكتاتوري المقيت للحصول على معلومات منه، وكشف الخطوط والبيوت الحزبية ومواقع الأنصار وأماكن إختفائهم، إلا أنّ الرفيق خيّب آمال الذين أشرفوا على تعذيبه، ولم يستطيعوا النيل منه.ولمّا كانت إراقة دم العراقيين هواية من هوايات المجرم صدام حسين ونظامه الدكتاتوري العفن، أقدمت زمرته المجرمة على إقتراف جريمة بشعة بإعدام الشيوعي المناضل رؤوف حاجي محمد كولاني ( جوهر ) في 24/6/1990.وكان الرفيق جوهر متزوجاً، وأب لولدين وبنتين.نعم أيّها الرفيق الشهيد، أيّها المعلم المربي، أيّها النصير العسكري الجسور، وهبت حياتك للعراقيين وناضلت معهم حتى اللحظات الأخيرة والتحقت بموكب الشهداء، ورحلت والتحق بك الآلاف من خيرة أبناء وبنات العراق من ضحايا النظام الدموي الفاشي، لك ولكل رفاقك الشهداء المجد والخلود.إنّ نضالك ونضال العراقيين جميعاً جعل المجرم صدام حسين فأراً، وحزبه الفاشي ذليلاً.أيّها الشامخ نبقى أوفياء لأفكارك وتاريخك النضالي ونواصل النضال مع شعبنا الأبي حتى تنتصر إرادته، وعلى دربك نمضي لبناء : وطن حر وشعب سعيد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن