مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني المقدم للمؤتمر الخامس

الحزب الشيوعي السوداني
cpos@btinternet.com

2008 / 9 / 1

مشروع برنامج الحزب الشيوعي السوداني المقدم للمؤتمر الخامس.
تقديم:

أولا: يطرح الحزب الشيوعي برنامجه للفترة القادمة بعد أكثر من أربعين عاما على برنامجه السابق الذي أجازه مؤتمره الرابع في اكتوبر1967 .
لقد انقضى أكثر من اثنين وخمسين عاماً منذ ان نال السودان استقلاله السياسي دون ان ينعم بالاستقرار والتطور السلمي الديمقراطي.
ورزح السودان معظم تلك السنين تحت نير أنظمة شمولية مستبدة تتحمل جل المسؤولية عن المعاناة التي يكابدها السودانيون اليوم. فقد كانت وما زالت السبب الرئيسي في تغذية وتوسيع وتعميق التوترات الاجتماعية التي تحولت الى حروب أهلية ضروس ، نتجت عنها خسائر بشرية ومادية طائلة، وتلوح نذرها ألان في مناطق أخرى، مهددة وحدة الوطن –شعوباً وأرضا- ومنذرة بتفتته وانفراطه.
وانتهجت الحكومات المتعاقبة سياسات اقتصادية أهملت مهام بناء مقومات الاستقلال وانتشال البلاد من وهدة التخلف والارتقاء بنوع حياة المواطنين. وكانت النتيجة تكريس الفقر وإشاعته وإحكام تبعية الاقتصاد السوداني لدوائر الاستعمار الحديث، حتى أصبح السودان يصنف بعد نصف قرن من الاستقلال ضمن اكثر البلدان فساداً واقلها تنمية يعيش أكثر من 95 % من سكانه تحت خط الفقر.
كما يطرح الحزب الشيوعي برنامجه في ظروف متغيرات محلية حدثت في الفترة(1967- 2008م)، والتي اهمها المتغيرات في تركيب الصادر(سابقا كان القطن يشكل 60%، حاليا البترول يشكل 80%)، وفي كلا الحالتين الاعتماد علي سلعة واحدة، وكذلك في ظروف متغيرات في تركيب الرأسمالية السودانية حيث تراجعت الرأسمالية الصناعية والزراعية المنتجة، وحلت محلها الرأسمالية الطفيليةأو التداولية(المايوية والاسلاموية)، كما حدثت متغيرات في مصادر التراكم الرأسمالي(النشاط الطفيلي، نهب اصول قطاع الدولة،التعليم والصحة..الخ)، اضافة الي فشل الرأسمالية السودانية في قيادة النهضة الصناعية والزراعية، وبناء دولة المؤسسات، مما يطرح ضرورة قيادة طبقية جديدة تعبر عن مصالح الطبقة العاملة والكادحين.
وهذا يتطلب مواصلة وتعميق منهج المؤتمر الرابع في الدراسة الباطنية أو الميدانية للمتغيرات في التركيب الاقتصادي والاجتماعي والطبقي في البلاد.
ويطرح الحزب الشيوعي برنامجه الجديد والسودان تحت نير نظام شمولي هو الأشرس منذ الاستقلال ، نظام يعتمد في بقائه على الأجهزة القمعية الرسمية وغير الرسمية، التي تستحوذ على النصيب الأعظم من الإنفاق الحكومي . وكانت مصادرة الديمقراطية وحقوق الإنسان هي المنهج الذي سلكه نظام الإنقاذ منذ سطوه على السلطة في 30 يونيو 1989.وبالرغم من أن تطورات الصراع في البلاد قد اضطرته في بعض منحنياتها لإبرام تسويات مع الكثير من أقسام الحركة السياسية المدنية والمسلحة، وأهمها اتفاق السلام الشامل مع الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان، إلا انه ما زال يصر على ذات النهج الاستبدادي، ضارباً عرض الحائط بذلك الاتفاق وبالدستور الانتقالي الذي تأسس عليه.
يطرح الحزب الشيوعي برنامجه ومازال الاقتصاد السوداني يخضع لوصفات البنك وصندوق النقد الدوليين، تحت لافتات التثبيت والتكييف الهيكلي وخلافهما، الأمر الذي يمكّن سلطة الإنقاذ من فرض سياسة التحرير الاقتصادي التي خلقت الشروط لإفقار السواد الأعظم من أهل السودان. وفي ذات السياق أقدم النظام على تفكيك قطاع الدولة وتحويل ملكية مؤسساته لرأس المال الخاص المحلي والأجنبي، المرتبط على وجه الخصوص بجماعات التأسلم السياسي العالمي والإقليمي.
كما سن النظام التشريعات التي تركز الثروة في أيدي شريحة الرأسمالية الاسلاموية الطفيلية التي يجسد مصالحها. وقد التحمت هذه الشريحة تماماً مع السلطة السياسية وصار ممثلوها ورموزها يديرون دفة الحكم بشكل مباشر، وقد قام ممثلو هذه الشريحة برهن ثروة البلاد النفطية للشركات الأجنبية بموجب اتفاقات سرية بينما سدروا في تبديد ما يعود عليهم من هذه الخطة الطفيلية على رغائب غير منتجة.
ويطرح الحزب الشيوعي برنامجه الجديد ، وقد ارتدت الأزمة السودانية التي غرست بذرتها القوى التقليدية التي تولت مقاليد الحكم مع الاستقلال، أبعاداً نوعية فأصبحت نهائياً أزمة وطنية عامة، مركبة وشاملة ومتفاقمة، لايمكن تبسيطها أو تجزئتها، وهو تطور قادت إليه سياسات الإنقاذ ووجد تعبيره الأكمل في( المشروع الحضاري الاسلاموي) الذي يهدد مستقبل السودان ووحدته وسلامة أراضيه.
يطرح الحزب الشيوعي برنامجه لجماهير الوطن متضمناً رؤيته لتجاوز الواقع المزري الذي نعيشه ولبناء سودان جديد حر ديمقراطي موحد، ترفرف فوقه رايات السلام والعدالة الاجتماعية.

ثانيا: كما يطرح الحزب الشيوعي السوداني برنامجه في ظروف متغيرات عالمية، تتطلب أن:
يطور الحزب الشيوعي برنامجه في إطار تلك المتغيرات التي استجدت منذ مؤتمره الرابع عام 1967 والتي يتمثل أهمها في الآتي:-
1- انهيار النموذج السوفيتي للاشتراكية ودولة الاتحاد السوفيتي ومنظومة دول المعسكر الاشتراكي.
2- نجاح الرأسمالية في ابتكار آليات للتحكم في أزماتها ولتمويه وتخفيف حدة التناقض الرئيسي بين العمل الأجير ورأس المال، وبالنتيجة أحكمت بضع عشرات من الاحتكارات متعددة الجنسية قبضتها على مفاتيح وقمم الاقتصاد العالمي ونظامه المصرفي و أوراقه المالية- جوهر ومضمون ظاهرة العولمة الرأسمالية.
3- انفردت الولايات المتحدة بموقع الدولة العظمى ، بإستراتيجيتها المتمثلة في مواصلة هيمنتها على مصادر الطاقة وعلى حلف شمال الأطلسي وتفوقها العسكري على القارة الأوروبية والعدوان على الشعوب تحت سيف محاربة الإرهاب وشعار " من ليس معنا فهو ضدنا "
4- بالرغم من كل ذلك لم تفقد حركة الشعوب والطبقة العاملة العالمية قدرتها على الصمود والتصدي، فالحركة الجماهيرية تتوحد وتحتشد ضد العولمة وفي أوروبا تنهض هذه الحركة في مواجهة سياسات (الليبرالية الجديدة) التي تهدف إلى تصفية المكتسبات التي انتزعتها الفئات الشعبية هناك منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وتنشأ وتتسع على امتداد العالم حركات إصلاحية جديدة ، إنسانية الطابع لحماية البيئة وحقوق الإنسان والمرأة والطفل وشيوع مبادئ العدالة الاجتماعية وإنشاء المحكمة الجنائية الدولية.ومن بين مظاهر اتساع حركة الشعوب أيضا، تصفية النظام العنصري في جنوب أفريقيا وصمود الثورة الكوبية والتحولات الديمقراطية المناهضة للامبريالية في أمريكا اللاتينية وغيرها، ومناهضة الحرب في العراق، والحركة العالمية لاستئصال الايدز وحركة التضامن العالمية مع شعب دارفور.
إلى هذا كله تزداد حيوية الصراع الفكري داخل الأحزاب الشيوعية والعمالية ويسار الحركة الاشتراكية، باتجاه تحرير حركة الفكر الماركسي من الجمود، وشحذ وتطوير المنهج الماركسي، لأجل التصدي للمستجدات المعاصرة. ويتأكد يوماً بعد آخر أن ما حققته الرأسمالية من طفرة في تثوير القوى المنتجة وفي إنتاجية العمل، لا يلغي جوهر الرأسمالية في الاستغلال الطبقي، ونهب خيرات الشعوب وتهديد السلام العالمي، ولايلغي استنتاجات الماركسية الأساسية، بل يؤكد جدوى الماركسية وفاعلية منهجها ومقولاتها .
ثالثاُ: برنامجنا ووثائقنا السابقة.
يمثل هذا البرنامج خلاصة ما نادينا به للتغيير السياسي الاجتماعي الديمقراطي ، وينبثق من واقع ما راكمنا من خبرات عبر نضال يومي مرير لأكثر من ستين عاماً وسط الجماهير، تجسيداً لهمومها وبلورة لتطلعاتها المشروعة.
وهكذا فإننا نواصل السير قدماً على خط تطوير ما طرحنا من برامج متعاقبة وما أصدرنا من وثائق. نسقط ما عفي عليه الزمن ونجلي ما لا يزال ضمن مهام الفترة القادمة.
ابرز تلك البرامج والوثائق هي: برنامج الحركة السودانية للتحرر الوطني(1949) وبرنامج المؤتمر الثالث (1956) ووثيقة المؤتمر الرابع الأساسية (الماركسية وقضايا الثورة السودانية) ودستور الحزب الصادر عنه(1967) ومساهمة عبد الخالق محجوب نحو المؤتمر الخامس (حول البرنامج)(1971) وبرنامج الحزب الانتخابي بعد الانتفاضة(1986) والوثيقة التي أعدها الحزب ليقدمها أمام المؤتمر الدستوري الذي لم ينعقد بعنوان ( ديمقراطية راسخة وتنمية متوازنة وسلم وطيد)(1989) وما أسهم به الحزب مع فصائل التجمع الوطني الديمقراطي، خاصة في مؤتمر القضايا المصيرية (1995)وجملة وثائق دورات اللجنة المركزية للحزب خلال الفترة (1967-2008) .
ضمن هذا الإطار نضع اعتبارا كبيراً لعدة مؤشرات منهجية أساسية، ومن أهمها على سبيل المثال:
1. بتأسيس الحزب الشيوعي السوداني تحولت الماركسية في السودان الى حركة ثورية منظمة تسعى بالنضال الجماهيري الى تحقيق أفكارها في المجتمع.
2. الماركسية علم، وهي بذلك مفتوحة لمساهمة الإنسان. إنها علم المجتمع الذي يضيف إليه الفكر الإنساني ما يكتشف من المعرفة ومن ثم فهي متجددة لا تقبل الانغلاق .
إننا لا ننكفئ على الماركسية كعقيدة جامدة، بل نسعى بعقل جماعي مفتوح لاستيعابها، ومن ثم للاستعانة بها لدراسة وفهم الواقع السوداني وتغييره. نحرص على ألا ننمي إي حساسية مرضيه مسبقة إزاء أية أداة منهجية، حتى لو لم تستند إلى الماركسية، بل لن نستنكف ان نعطي ، حتى في هذا السياق ،الاعتبار البراغماتي الكافي لما قد يطرحه الواقع حولنا من معطيات لا يمكن ان يسقطها او يغفلها سوى عقل مغلق.
من جانب أخر، نواصل تعاملنا مع منظومة المفاهيم والمصطلحات الواردة في برنامجنا ووثائقنا والتي استقرت دلالاتها المحددة من خلال عُشرة الجماهير معها، مثل :التغيير الاجتماعي ،والسلطة الوطنية الديمقراطية، والأفق الاشتراكي،والإصلاح الزراعي،والرأسمالية الطفيلية، والاستعمار الحديث.وفي نفس الوقت سنأخذ بالمفاهيم والمصطلحات التي استجدت.

رابعاً:البرنامج والاتفاقات ..
تقاطعت ظروف تطوير برنامجنا مع توقيع اتفاقات نيفاشا والقاهرة وابوجا واسمرا، التي جاءت ثمرة نضال أكثر من نصف قرن في سبيل الحل الديمقراطي للمسألة القومية. لكنها جاءت أيضاً نتيجة دفع ومشاركة ورقابة دولية وإقليمية، فترتب على أغلبها وجود قوات دولية وإقليمية لمراقبة تنفيذها .ومع ذلك فإن الموضوعية تقتضينا إبلاء الاعتبار الكافي لكون نيفاشا واسمرا قد أنهتا الحروب الأهلية، بينما تقاصرت ابوجا عن وقف نزيف الدم في دارفور في حين لا تزال الإرادة السياسية للسلطة الحاكمة غير كافية لتنفيذ اتفاق القاهرة.
هذه الاتفاقات، وبخاصة نيفاشا، رغم طابعها الثنائي ونواقصها الأخرى، قد استجابت للتطلعات المشروعة لمكونات السودان القومية، في الجنوب على الأخص، وللحقوق القومية بوجه عام. والى ذلك فقد وضعت هذه الاتفاقات الأساس لإرساء مداميك السلام والتحول الديمقراطي. وهذا ما يستوجب التمسك بها وعدم السماح بإهدارها.
إن الموقف الايجابي من التطلعات الجماهيرية المشروعة ليس جديداً على حزبنا فقد كان سباقاً دائماً لإدراجها منذ نشأته، ضمن أفقه السياسي بمختلف الأشكال. لذا وباستثناء أبوجا التي لم يتحقق حولها إجماع من أهل دارفور ، فإن موقفنا من جملة هذه الاتفاقات عموماً ونيفاشا خصوصاً، يتلخص في الموافقة عليها، مع تحفظاتنا على طابعها الثنائي الذي يشكل المهدد الرئيسي للوحدة الوطنية والذي يمكن تجاوزه بعقد مؤتمر قومي لتطويرها وإزالة نواقصها.



الفصل الأول
الديمقراطية
أولا: وحدة التنوع
بادر حزبنا منذ الاستقلال بطرح موضوعة الإقرار بواقع التعدد والتنوع كسمة شاملة للسودان باعتباره ضرورة لا غنى عنها لتأسيس مشروع وحدوي للنهضة والتطور. والآن تكاد كل القوى السياسية والفكرية تجمع على إن السودان وطن متعدد ومتنوع الأعراق والقوميات واللغات والمعتقدات والثقافات. ولم يعد هذا مجرد أطروحة في مجالس الدوائر المستنيرة والدراسات، بل أصبح كثيف الحضور في خضم الصراعات السياسية والاجتماعية الدائرة بمختلف الأشكال.
نواصل السعي لتطوير واستكمال هذا الإجماع بالتركيز على ما يلي:
1. أن يشكل التعدد والتنوع المكوّن العضوي لثقافتنا الوطنية، بمنابعها وتعبيراتها المختلفة دون قهر او وصاية. وأن يشكل ذلك بالتالي عظم الظهر لكل السياسات الإعلامية والتربوية والإبداعية .
2. إدانة الاسترقاق وتجارة الرقيق بوصفهما وصمة في جبين الإنسانية ودملاً خبيثاً في تاريخنا الوطني.
3. جعل التمييز والاستعلاء بدوافع العرق او الجنس او اللغة او الدين او الثقافة فعلاً محرماً ومدموغاً على مستوى القانون ومستوى الوعي الاجتماعي الثقافي العام.
4. التمييز الايجابي لمهمشي الوطن كافة: النساء والمجموعات الإثنية في المناطق الأكثر تخلفاً.

ثانياً: الديمقراطية التعددية.
يستلهم الحزب الشيوعي هنا تجربة السودان التاريخية الخاصة وأيضا ما توصل إليه الفكر السياسي العالمي.إن نشأة حزبنا منذ أواسط أربعينات القرن الماضي وسعيه الحثيث باتجاه قيام التنظيمات النقابية للعمال والمزارعين والموظفين واتحادات الطلاب والنساء والشباب يقدمان الدليل الساطع على نزعته الديمقراطية المتأصلة في أساس تكوينه نفسه.
وقد انتقد حزبنا باكراً رؤية بعض القوى السياسية للديمقراطية كمحض ممارسة شكلية دون محتوى اجتماعي. كما أكد مؤتمره الرابع (1967) ان قيادة الحزب الماركسي للدولة لا تعني وجوب نظام الحزب الواحد، وإن الاشتراكية لا تعني إهدار ما حققته الشعوب من حقوق وحريات للفرد والجماعة، بل تعني استكمال هذه المكتسبات بتحرير الإنسان من سيطرة راس المال ومن الغربة من مراكز السلطة واتخاذ القرار-أي إكساب الديمقراطية محتواها الاجتماعي.
ويتمسك حزبنا بأن انجاز مهام الثورة الوطنية الديمقراطية والانتقال للاشتراكية لا يتم إلا عبر الديمقراطية، متمثلة في الحقوق السياسية للجماهير وديمقراطية النظام السياسي.
ونخلص من هذه الاستنتاجات الأساسية لنركز على ما يلي :
1. ظروف بلادنا، بتعدد تكويناتها الاقتصادية والاجتماعية والقومية، والتباين في تطور قطاعاتها الإنتاجية،مازالت تشكل الأساس المادي الموضوعي لتعدد الأحزاب والكيانات السياسية. ونحن نرفض دعاوي البعض بأن الأحزاب انتهت ترويجًا لمقولة الحزب الواحد . ان صيغة الحزب الواحد، تقدمياً كان ام يمينياً، أثبتت فشلها في السودان، وفشلت بالمثل صيغة حل الأحزاب بقانون من داخل برلمان او بالقمع والإرهاب في عهود الديكتاتوريات.
2. واستلهاماً لدروس التجربة السودانية يرفض الحزب الشيوعي نمط الحزب الواحد.
3. ومستلهماً نفس التجربة توصل حزبنا إلى أن النضال من اجل الديمقراطية والدفاع عنها قد استقر كقانون أساسي للثورة السودانية مثلما استقر الإضراب السياسي والانتفاضة الشعبية كأداة فاعلة للإطاحة بالديكتاتوريات.
4. أثبتت تجربة نصف قرن منذ الاستقلال ان استقرار الديمقراطية في السودان رهين بالانعتاق من إسار النهج الانقلابي للوصول إلى السلطة.

ثالثاً: الإصلاح الديمقراطي في جهاز الدولة والمجتمع.
لانتقال السودان سلمياً من دولة الحزب الى دولة الوطن، ومن الدولة الدينية إلى الدولة المدنية، والفصل بين السلطات الثلاث وضمانات ممارسة التعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة وحيوية الحراك الديمقراطي في ظل دستور ديمقراطي، لابد من تحقيق جملة إصلاحات ديمقراطية ، سياسية وقانونية، أهمها:
1) التزام الدولة السودانية بالمواثيق والعهود الدولية الخاصة بحقوق الإنسان وضمنها التي تحرم التعذيب وتحظر الاعتقال الإداري والتمييز ضد التكوينات القومية والمرأة وتضمين هذه المواثيق في القوانين الوطنية وعدم إصدار تشريعات تتعارض معها او تنتقص منها.
2) إجراء إصلاح قانوني شامل يسقط كل القوانين التي تتعارض مع الدستور الانتقالي .
3) إصدار قانون ديمقراطي للهيئة القضائية يستند إلى قواعد العدالة ويضمن استقلال القضاء مهنياً وإدارياً ومالياً، ويضمن استقلال القضاة في أداء مهامهم ويوفر لهم التدريب المتواصل على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.
4) إصدار قانون ديمقراطي لتنظيم العمل النقابي، يضمن تكوين النقابات بالمعيار الفئوي لا بمعيار المنشأة،يؤمن استقلالها وحرية الانضمام إليها ويدعم ديمقراطيتها من حيث الهيكلة والأداء، ويحظر التدخل الحكومي والحزبي في شؤونها كما يحظر المساس بقياداتها بأي شكل طوال توليهم لمسؤولياتهم النقابية، او بسببها فيما بعد.
5) إصدار قانون لمحاربة الفساد بكل صوره، يردع المفسدين ويضمن استرداد المال العام.
6) إصدار قوانين ديمقراطية للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وللصحافة وفق مبدأ ان الأصل في حقوق التنظيم والتعبير هي الإباحة:
أ- للأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، بما يضمن حرياتها وحقوقها في الرأي والحركة والإدارة والتمويل، باستقلال تام عن السلطة، وعدم تقييد تأسيسها او إعادة نشاطها بأكثر من الإخطار.
ب- وللصحافة بما يرفع عنها قيود الإصدار والشروط المجحفة فيما يتصل بالملكية والتمويل والرقابة الحكومية وسيف الإجراءات الجنائية التعسفية، مع إلغاء الرسوم الباهظة على مدخلات الطباعة، والمساواة بين الصحف في فرص الإعلان.
ج- ولوسائط الإعلام القومية، بما يضمن قوميتها حقاً وفعلاً وينأى بها عن ان تكون مجرد لسان للسلطة السياسية ويحقق تعبيرها عن منظومة التعدد والتنوع السودانية، من حيث كوادرها الإدارية والفنية وبرامجها واللغات التي تبث بها، والثقافات التي تعكسها.
7) إصدار قوانين ديمقراطية للجامعات تضمن حرية البحث والحريات الأكاديمية، بشروط خدمة مجزية وعدم تقييد الأستاذ الجامعي بسن معينة طالما كان قادراً على أداء مهامه، وعدم التعدي على استقلال نقابات الأساتذة والإداريين والعمال واتحادات الطلاب.
8) الكف عن اعتبار المغتربين والمهاجرين محض مصدر للجبايات وتوفير الفرص كافة أمامهم، على قدم المساواة مع غيرهم، في التعليم والإسكان والمشاركة في الاقتراع، وما إلى ذلك، كحقوق مستحقة لا كمنحة من أي جهة.
9) تحرير الخدمة المدنية من هيمنة الحزب الواحد، وإعادة تنظيمها على أسس قومية تراعي مبادئ الكفاءة والمؤهل والمنافسة، والامتناع عن تعيين او فصل كوادرها بدوافع سياسية او حزبية.
10) الالتزام بنسبة عادلة بين الحدين الأدنى والأعلى للمرتبات والأجور في القطاعين العام والخاص وكافة استحقاقات ما بعد الخدمة.
11) إلزام شاغلي المناصب العليا بتقديم إقرارات ذمة عند تولي المنصب، وبالامتناع عن استغلال امتيازاته لأية منافع ذاتية.
12) حل المليشيات كافة، وحصر السلاح في يد القوات النظامية.
13) قصر مهام وصلاحيات الأجهزة الأمنية على جمع المعلومات وتحليلها وتقديم المشورة بشأنها لأجهزة الدولة المعنية.
14) إعادة تنظيم القوات المسلحة على أسس مهنية وقومية وإخضاعها للسلطة التشريعية.
15) الارتقاء بمستوى معاهد وكليات القوات النظامية، مع التدريب المستمر على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي..

رابعاً: العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية: لجنة المكاشفة والحقيقة.
مارس نظام الإنقاذ على مدى العقدين الماضيين، انتهاكاً لا مثيل له للحريات والحقوق، وتنكيلاً لم يعرفه تاريخنا الوطني، بكل من توسم فيه معارضة له، فاغتال وعذب وسجن واعتقل في السجون الرسمية وفي بيوت الأشباح ، كما شرد من الخدمة آلاف القادة السياسيين والنقابيين والعسكريين وناشطي المجتمع المدني.
وأشاع نظام الإنقاذ سياسات التفرقة والتمييز في كل المجالات لصالح منسوبيه ومختلف صور الإذلال والمعاملة غير الإنسانية ضد كل من عداهم، بمن في ذلك المواطنين العاديين. والى ذلك فاقم من أوضاع التهميش التاريخية في البلاد وسعّر الحرب الأهلية في مختلف ميادينها حتى عمت الحرائق أنحاء واسعة من الوطن، وحتى أصبح ملايين السودانيين موزعين بين معسكرات النزوح ،واللجوء لبلاد الآخرين.
غير أن تطورات مختلفة، بينها الخلافات التي نشبت في جبهة الحكم كنتيجة طبيعية لعزلته، إضافة لبسالة وصمود قوى السلام والديمقراطية في الداخل، والضغوط التي مارسها المجتمع الدولي، أرغمت النظام على إبرام (اتفاقية السلام الشامل) مع الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان. ومع ان النظام وقع اتفاقات أخرى في القاهرة ابوجا واسمرا، إلا إن (اتفاق السلام الشامل) يظل هو الأكبر تأثيراً على راهن ومستقبل الوطن فقد ترتب عليه صدور الدستور الانتقالي لسنة 2005 ، الذي نص على وقف الحرب الأهلية وعلى فترة انتقالية مدتها ست سنوات تجرى خلالها انتخابات رئاسية ونيابية ويعقبها استفتاء في الجنوب على الوحدة او الانفصال.
لكن انقضاء ثلاث سنوات دون إن تنجز (حكومة الوحدة الوطنية) التي يحتل حزب المؤتمر الوطني موقع القيادة المطلقة فيها، أصاب الجماهير بالإحباط ، خصوصاً إزاء العجز الواضح عن التوصل إلى تسوية للأوضاع المزرية في دارفور.
وهكذا ما يزال إنجاز هدفي الاتفاق والدستور الانتقالي واجباً ملحاً، ولن يتحقق الا بحركة دفع قوية من جانب القوى الجماهيرية الشعبية كافة.
من جهة أخرى تنص المادة 21 من الدستور الانتقالي على ان تبتدر الدولة حملة شاملة للمصالحة الوطنية، وعلى الرغم من عمومية هذا النص، ومن وروده ضمن المواد الموجهة لا الملزمة، إلا إننا نرى انه يمكن ان يتحول إلى أداة سياسية لتحقيق مصالحة وطنية معتبرة تتوفر فيها الشروط التاريخية لتحقيقها. لكن حزب المؤتمر الوطني لا يرغب إلا في إعادة إنتاج النموذج البائس للمصالحة التي عقدها نميري مع بعض أحزاب المعارضة في العام1977 رغم ان ذلك النموذج سرعان ما تقوض، بسبب فقدانه للضمانات الحاسمة، واثبت فشله الذريع في محك التطبيق.
إن المصالحة الوطنية تقع في قلب التحولات الديمقراطية المطلوبة، لكنها لن تأتي الا نتيجة لسلسلة من العمليات والإجراءات الكفيلة بإبراء جراحات الماضي، في إطار العدالة الانتقالية . واتساقاً مع هذا المفهوم الحديث يرى حزبنا، إضافة إلى معالجة الآثار الجسدية والنفسية للانتهاكات، ضرورة تكوين لجنة وطنية للمكاشفة والحقيقة، بمعايير التجربة العالمية، بحيث يتوفر لها الاستقلال الإداري والمالي ، بما يمهد لمصالحة وطنية حقيقية، مع الذاكرة الوطنية في المقام الأول. أهم هذه العمليات والإجراءات:
1. تلقى الشكاوي عن أية مظالم، مهما بلغ عددها او حجمها او الزمن الذي انقضى منذ وقوعها والتحقيق فيها وتحديد مرتكبيها
2. تنظيم جلسات عمومية مفتوحة للجمهور ولأجهزة الصحافة والإعلام، لتمكين الضحايا او ذويهم من رواية ما حدث علناً، ولتمكين منتهكي هؤلاء الضحايا باختيارهم، من الإقرار علناً بالحقيقة والاعتذار عنها.
3. تخيير الضحايا بعد ذلك لاقبله بين العفو واللجوء للقضاء
4. إصدار التوجيهات الملائمة والملزمة لتسوية ظلامات الضحايا بالتعويضات وإعادة التأهيل، فردياً وجماعياً، وتعويض من تضرروا صحياً بتوفير فرص العلاج وما قد يحتاجونه من أطراف صناعية او ما إلى ذلك، وتسوية أوضاع المفصولين سياسياً بدعاوي الصالح العام، مدنيين وعسكريين وكذلك تعويض من فاتتهم فرص تعليم او إسكان او غيرها من الخدمات.
5. إصدار التوجيهات الملزمة بنشر وقائع المحاكمات العسكرية والكشف عن مدافن من تم اعدامهم وتسليم وصاياهم ومتعلقاتهم لذويهم.
6. إصدار التوجيهات الملزمة بإشاعة ثقافة المكاشفة والحقيقة بكل الوسائط المقروءة والمسموعة والمرئية.
7. وكل ما يجري في هذا المنحى، ويشمل شتى إشكال جبر الضرر الفردي كالتأهيل البدني والنفسي والإدماج الاجتماعي وتسوية الأوضاع القانونية والإدارية والوظيفية وقضايا نزع الممتلكات، فضلاً عن ابتداع أشكال لجبر الضرر الجماعي، كرد الاعتبار للمناطق التي طالها التهميش وخراب الحرب. ومراعاة ظلامات النساء.

خامساً: السودان جمهورية برلمانية اتحادية.
يعمل حزبنا على إعادة تأسيس شكل الحكم وإدارة الدولة اتحادياً، على النحو التالي:
1) يعاد التقسيم الإداري للدولة على قاعدة المديريات التسع وتسمى أقاليم، على أن يحتفظ الإقليم الجنوبي بوصفه حسب اتفاق السلام الشامل والدستور.
2) تؤسس في الأقاليم الشمالية برلمانات وحكومات إقليمية ويكون لكل برلمان الحق في إنشاء أي عدد من الولايات في إقليمه.
3) يتولى أعمال السيادة ويشارك في السلطة التشريعية الاتحادية مجلس لرأس الدولة، يتشكل من ممثلين منتخبين، ممثل لكل إقليم، ما عدا مقعد ممثل الإقليم الجنوبي الذي يظل يشغله خلال الفترة الانتقالية حتى الاستفتاء، فيشغله رئيس الحركة السودانية لتحرير السودان.
4) تكون رئاسة المجلس دورية ويكون بقية الاعضاء نواباً للرئيس على انه، خلال الفترة التي تسبق الاستفتاء اذا لم يكن رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان رئيساً للمجلس فإنه يشغل منصب النائب الاول للرئيس.
5) ينتخب البرلمان الاتحادي رئيساً للوزراء ويكلفه بتشكيل مجلس للوزراء يتولى السلطة التنفيذية الاتحادية ويكون مسئولاً عن أدائه أمام البرلمان.
6) تتأسس مجالس للحكم المحلي –بلدية وريفية- بالانتخاب الحر المباشر، وتكون عضويتها طوعية بلا مرتب او مكافأة.
7) تكون لأجهزة الحكم المحلي الولائي والإقليمي بحسب كل حالة، سلطة الإشراف على كل مرافق الخدمات التعليمية والصحية وغيرها، وعلى قوات الشرطة وقوات حماية الحياة البرية والمطافئ والدفاع المدني.
8) يحق للناخبين سحب الثقة عن نائبهم في البرلمان الاتحادي او الإقليمي او الولائي او المحلي.
9) يتوجب على النائب الذي انتخب باسم حزب معين ان يستقيل من البرلمان او المجلس المحلي إذا اعتزم الانتقال إلى حزب آخر، ثم يعيد ترشيح نفسه إذا رغب في ذلك باسم وبرنامج الحزب الذي انتقل إليه.

سادساً: السلطة الوطنية الديمقراطية.
يسعى الحزب الشيوعي لتأسيس السلطة الوطنية الديمقراطية، بالنضال الجماهيري وبالوسائل الديمقراطية عبر آلياتها المعروفة وتتسم هذه السلطة بالملامح التالية:
1. تعبر تركيبتها السياسية الاجتماعية عن تحالف عريض لكل التنظيمات السياسية /القوى الوطنية الديمقراطية ولا ينفرد بها أي منها.
2. لا تتقيد السلطة الوطنية الديمقراطية بأيدلوجية بعينها.
3. تعتمد السلطة الوطنية الديمقراطية سياسات ومبادئ الديمقراطية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
4. الديمقراطية البرلمانية تدعم بالديمقراطية المباشرة التي تمارسها الجماهير عبر تنظيماتها.
5. تبتكر مختلف الآليات والقنوات المحكومة بالقانون واللوائح من اجل تعميق المشاركة الشعبية في العملية الديمقراطية وإتاحة الفرصة إمام أوسع القطاعات للتعبير عن رأيها بحرية ولممارسة حقوقها في المواطنة.





الفصل الثاني
الاقتصاد

1- حصيلة التنمية الرأسمالية التابعة
لم تفلح سياسات التنمية الرأسمالية التابعة في انتشال البلاد من وهدة التخلف، إذ فشلت في توحيد البنية الاقتصادية المفككة وفي إقامة السوق الوطنية الموحدة مترابطة الأطراف، وفي تحقيق الاستقلال الاقتصادي. بل كرست التخلف والتبعية لمراكز الرأسمالية العالمية.
وجهت السياسات الاقتصادية منذ سبعينات القرن العشرين نحو تقليص دور الدولة الاقتصادي. بدأ ذلك خجولاً بتدخل صندوق النقد والبنك الدوليين وإشرافهما المباشر على إعداد السياسات الاقتصادية وتنفيذها، ثم امتد سافراً وشرساً بتبني حكومة الطفيلية الإسلاموية لسياسات التحرير الاقتصادي التي أطلقتها الليبرالية الجديدة في مراكز الرأسمالية العالمية. وتوجت هذه العملية في العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين بتفكيك قطاع الدولة وتحويل ملكية مؤسساته ومنشآته لرأس المال الخاص المحلي والأجنبي في أكبر عملية نهب منظم لموارد ومقدرات الشعب السوداني. وشكلت هذه العملية المشوبة بالفساد أحد المصادر الهامة لتوسيع النفوذ الاقتصادي للرأسمالية الطفيلية الإسلاموية.
يتبين فشل سياسات التنمية الرأسمالية التابعة على الصعيد الاقتصادي في الآتي:
 لم تتجاوز نسبة الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي 72% منذ بدايات ثمانينات القرن الماضي وحتى نهايته، أي بمعدل نمو وسطي يعادل 4.2% في العام،و ذلك بالمقارنة مع معدل نمو السكان الذي تراوح ما بين 2.6 % – 2.8% سنوياً.
 ظلت الزراعة تساهم بالنصيب الأوفر في الناتج المحلي الإجمالي منذ الاستقلال. بلغ الوزن النسبي لهذا القطاع 60% في عام 55/1956 و48.6%في عام 1998 والآن حوالي 29% بعد استخراج البترول واستغلاله تجارياً والذي يساهم حالياً بنحو 12 – 15% من الناتج المحلي الإجمالي.
 ظلت القطاعات الإنتاجية الأخرى ضعيفة. فالوزن النسبي للصناعة التحويلية في هيكل الناتج المحلي الإجمالي لم يتجاوز 7 – 9 في المائة خلال سنوات الاستقلال الوطني، وقطاع الكهرباء والمياه يساهم بنحو 1.9%. أما قطاع البناء والتشييد فقد ارتفعت مساهمته خلال الربع الأخير من القرن العشرين من 4.8% إلى 5.1%.
 تجاوز الوزن النسبي لقطاع التجارة والخدمات 40% من الناتج المحلي الإجمالي وقد بلغ الوزن النسبي للتجارة وحدها 38% في العام 1996. وعلى الرغم من التطور الذي حدث في مجال الاتصالات، إلا أن تدهوراً مشهوداً قد أصاب قطاع النقل وعلى وجه الخصوص السكك الحديدية والنقل النهري والبحري والجوي.
تؤكد هذه المؤشرات أن سياسات التنمية الرأسمالية التابعة لم تفلح في إحداث تحول جذري في هيكل الاقتصاد الوطني، حتى بعد استخراج البترول، إذ لا يزال إنتاج السلع الأولية هو السمة المميزة لاقتصادنا الوطني ولا يزال القطاع التقليدي على الرغم من الأزمات والمعاناة التي يواجهها، يمثل مصدراً لمعظم الإنتاج الزراعي – النباتي والحيواني والغابي – والصادرات غير البترولية.
أما حصيلة هذه السياسات على المستوى الاجتماعي فبيانها كالآتي:
 يعيش 95% من سكان البلاد تحت خط الفقر. وتصل هذه النسبة إلى 98% في بعض مناطق البلاد، كما هو الحال في دارفور.
 يحصل الفرد السوداني في المتوسط على قدر من الغذاء يؤمن له 1840 فقط من السعرات الحرارية،وهو يساوي 68.9% من المتوسط العالمي و75.6% من متوسط البلدان النامية.
 يحصل 30% فقط من سكان المناطق الجنوبية على مياه شرب نقية. وينفق النازحون والفقراء حوالي 40% من دخولهم للحصول على كميات قليلة من المياه متدنية النوعية. علماً بأن الدراسات تشير إلى أن تأمين احتياجات هؤلاء من المياه يجب ألا تتعدى الـ 4% من دخلهم.
 تتراوح معدلات البطالة في الريف والحضر ما بين 10.2% إلى 29.4% ولم تفشل سياسات التنمية الرأسمالية التابعة في خلق المزيد من فرص الاستخدام لمقابلة الزيادة في عدد السكان القادرين على العمل فحسب إنما فشلت أيضاً في الحفاظ على مستويات الاستخدام الموجودة من قبل.
 بلغ الذين فقدوا وظائفهم جراء سياسات الخصخصة في القطاع العام 25 – 30 ألف شخص. يضاف إليهم المسرحون في القطاع الخاص جراء الصعوبات التي تعانيها منشآت هذا القطاع من حيث ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض القدرة التنافسية ثم المزارعون الذي هجروا أراضيهم نتيجة لارتفاع تكاليف الإنتاج وسياسات الجباية التي تمارسها حكومة (الإنقاذ) في مستويات الحكم كافة.
 تدهورت الأجور الحقيقية للعاملين بشكل مريع خلال العقد الأخير من القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين. إذ أصبح الحد الأدنى للأجور يعادل أقل من ثلث قيمته في عام 1990. وأصبح الرقم القياسي لأسعار المستهلك في عام 2006 يعادل ما كان عليه في عام 1990 حوالي 373 مرة وفقاً للإحصائيات الرسمية.
 تخلت الدولة عن مسؤولياتها الاجتماعية، فالإنفاق على الصحة في عامي 2006 و2007 لم يتجاوز 0.1% من الناتج المحلي الإجمالي، ونصيب الفرد السوداني من الإنفاق على الصحة أقل من دولارين في السنة مقارنة مع 32 دولاراً في العام حسب توصية منظمة الصحة العالمية. وتراجع الإنفاق على التعليم ليصل 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية القرن العشرين مقارنة مع متوسط قدره 6.1% لأفريقيا جنوب الصحراء و5.5% للبلدان العربية. ذلك على خلفية ارتفاع معدلات التسرب والتي بلغت 48% في تعليم الأساس في بعض مناطق السودان كما هو الحال في ولاية النيل الأزرق. وضيق عام في فرص التعليم حيث لا يجد أكثر من 12.6% من تلاميذ مرحلة الأساس فرصة التعليم الثانوي، بينما تبلغ نسبة الطلاب المسجلين في مؤسسات التعليم العالي 10.8% فقط من طلاب المدارس الثانوية.
نخلص مما سبق إلى أن سياسات التنمية الرأسمالية التابعة قد وسعت من دائرة الفقر وعمقت التفاوت بين أقاليم السودان، وكذلك بين طبقاته وشرائحه الاجتماعية. فالثروة تتراكم جهة الأقلية والفقر يسحق الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع. إذ يحصل النصف الأكثر فقراً من السكان في بلادنا على 8% فقط من الدخل القومي مقارنة مع 22% لنفس الفئة في أفريقيا جنوب الصحراء.
لقد أثبتت هذه السياسات التي كرست التخلف والتبعية بأنها غير مؤهلة لتحقيق تطلعات شعبنا في العيش الكريم وارتياد آفاق التقدم. البديل الموضوعي لتحقيق تلك التطلعات المشروعة هو البديل الوطني الديمقراطي للتنمية الذي نبشر به وندعو جماهير شعبنا لمساندته وتبنيه.
إن هذا الوضع المتردي يتطلب برنامجاً اقتصادياً إسعافياً يعده مؤتمر اقتصادي قومي ، لتطويق أثار الأزمة ، وتخفيف معاناة الجماهير .

البديل الوطني الديمقراطي
إن تجاوز واقع التخلف والتشوهات التي أفرزتها سياسات التنمية الرأسمالية التابعة، يقتضي تنمية واعية ومستمرة ومتصاعدة تؤدي إلى إحداث تحولات هيكلية وتوليد قوة دفع ذاتية في الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال توسيع وتنويع قاعدة الاقتصاد، وخلق روابط عديدة ووطيدة بين قطاعاته وداخلها. و تشترط هذه العملية توطين التكنولوجيا الحديثة وبناء قاعدة تكنولوجية وطنية باعتبارها أهم مصادر رفع الإنتاجية ووسيلة الاستغلال الفعال للموارد، لبناء اقتصاد وطني متماسك تتعدد قطاعاته وتتنوع منتجاته، يلبي الاحتياجات الإنتاجية والاستهلاكية، وتتوفر فيه الكفاءة لإنتاج وإعادة إنتاج قدراته بوتائر متزايدة، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي. هذا البديل يطرح تنمية ديمقراطية، ومتوازنة ومعتمدة على الذات. لأنها تقوم على أساس المشاركة الواسعة لجماهير الشعب في اتخاذ وتنفيذ القرارات السياسية والاقتصادية من أجل تحقيق أهداف التنمية، بحيث تكون هذه الجماهير هي المستفيد الأول وتجني فوائد هذه التنمية، وذلك وفق مبدأي الديمقراطية والعدالة الاجتماعية.إن التنمية الديمقراطية تضمن حق كل إقليم ومنطقة في السودان وكل فرد من أفراد المجتمع في عملية وعائد التنمية، وتعطي أقاليم ومناطق البلاد فرصاً متساوية في التطور الاقتصادي والاجتماعي . ويعتبر التمييز الإيجابي للمناطق التي تضررت من الحرب ومن الإفرازات السالبة لسياسات التنمية الرأسمالية التابعة وسيلة من وسائل البديل الوطني الديمقراطي لتحقيق التنمية المتوازنة لإزالة التفاوت في ما بين أقاليم ومناطق البلاد الذي يسعى لتوظيف المزايا النسبية لكل إقليم ومنطقة من أجل الاستغلال الأمثل للطاقات والموارد. مؤكداً على مبدأ قومية الموارد الهادف إلى تعزيز علاقات التكامل الاقتصادي والاجتماعي بين أقاليم ومناطق البلاد المختلفة. لتصبح هذه التنمية الديمقراطية المتوازنة بحق أداة لصيانة وحدة الوطن وتعزيز السلام الاجتماعي. هذه التنمية معتمدة على الذات دون أن يعني ذلك العزلة والانكفاء، بل إخضاع العلاقات الاقتصادية الخارجية لاحتياجات التنمية وتحقيق أهدافها.

الفائض الاقتصادي
تسعى إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية إلى دفع عملية التراكم الحقيقي وزيادة وطائرها، وتوسيع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الوطني. وهذا يتطلب أن تكون قضية الفائض الكامن في مركز اهتمامها، باعتباره المصدر المتاح لزيادة الفائض الاقتصادي، ومن ثم توظيفه بحسب أسبقيات إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية. تستدعي عملية تعبئة هذا الفائض الكامن ووضعه تحت تصرف المجتمع القيام بمجموعة من الإجراءات والتدابير الهادفة إلى:-
 كبح تسرب الفائض الاقتصادي للخارج.
 تقليص الاستهلاك التفاخري للرأسمالية الطفيلية والحيلولة دون تفشي سلوك هذه الشريحة الاجتماعية في أوساط الطبقات والشرائح الاجتماعية الأخرى.
 مكافحة الفساد.
 الحد من الإنفاق العسكري والإنفاق الحكومي على الأجهزة الأمنية والإدارية المتضخمة في كافة مستويات الحكم.
كما تستدعي دوراً فعالاً للنظام المصرفي وصناديق الادخار، وتشترط سياسة ضريبية منحازة للمنتجين على حساب رأس المال التجاري والمصرفي والقطاعات والأنشطة غير الإنتاجية. وتهيئة الشروط الملائمة وخلق الحوافز للمنتجين في كل القطاعات، العام والخاص المحلي والأجنبي والمختلط والتعاوني وقطاع المنتج الصغير. وتلعب ميزانية الدولة دوراً محورياً في إعادة توزيع الدخل القومي وفقاً لأولويات استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية. كما تشكل مبادرات الجماهير عنصراً رئيساً في عملية تفجير الفائض الاقتصادي الكامن وتوسيع دائرة التراكم الحقيقي، وذلك رهن بمدى ديمقراطية التنمية.

الدور الاقتصادي للدولة
يتطلب تنفيذ إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية دوراً اقتصادياً فاعلاً للدولة، ليس فقط في وضع الإستراتيجية والسياسات وخطط التنمية والإشراف، إنما بالإسهام أيضاً وبفاعلية في النشاط الإنتاجي. القيام بهذا الدور يصبح أكثر إلحاحاً في ظروف ضعف رأس المال المحلي الخاص ذي التقاليد الإنتاجية وإحجام رأس المال الأجنبي وصعوبة إخضاعه لأولويات التنمية الوطنية الديمقراطية. نجاح هذا الدور رهين بمواجهة قضية كفاءة وفاعلية المؤسسات والوحدات الحكومية بصرامة، باستخدام معايير الإنتاجية العالية والربحية التجارية لتحديد كفاءة المؤسسات العاملة في مجال إنتاج السلع والخدمات. أما المنشآت التي تقدم الخدمات الطبية والصحية والتعليمية فتلتزم الدولة الوطنية الديمقراطية بتوفير الموارد اللازمة لتمويلها وتلبية احتياجاتها بالقدر الذي يمكنها من العمل بكفاءة وتقديم خدماتها مجاناً للمواطنين.
تأكيدنا على الدور الهام للدولة في الاقتصاد يعني رفضنا لسياسات الخصخصة ليس لكونها تهدف لإضعاف الدور الاقتصادي للدولة فحسب، إنما باعتبارها ليست وليدة احتياجات تطور بلادنا الاقتصادي أيضاً. وهي تعمل على إضعافه وتسهيل عملية دمجه في النظام الرأسمالي العالمي رافداً مغذياً لهذا النظام. ونؤكد على ضرورة الحفاظ على المشاريع والمؤسسات القومية والولائية المملوكة لقطاع الدولة وإعادة تأهيلها وتوفير احتياجاتها التمويلية واختيار عناصر وطنية تتمتع بالكفاءة والمهنية والنزاهة لإدارتها بعيداً من التدخلات السياسية وهذا يتطلب أيضاً إخضاع الشركات التابعة للوزارات وأجهزة الأمن وحكومات الولايات للمراجعة الدقيقة لتعمل وفقاً للقوانين والضوابط التي تحكم عمل المؤسسات والوحدات التابعة لقطاع الدولة. وتصفية ما يثبت عدم جدواه اقتصادياً ويتعارض نشاطه مع المصلحة العامة. كما نؤكد على ضرورة إعادة النظر في قرارات الخصخصة التي صدرت بحق عدد من مؤسسات ووحدات قطاع الدولة.

القطاع الخاص الوطني
يشكل القطاع الخاص الوطني أحد الدعامات الرئيسة لعملية التنمية الوطنية الديمقراطية. ففي هذه العملية لا يتناقض الدور الاقتصادي النشط للدولة مع الدور الهام للقطاع الخاص الوطني المنتج ولا يكبحه. بل أن دور الدولة النشط يشكل واقياً للقطاع الخاص الوطني في ظروف العولمة. تنحاز السياسات الاستثمارية والمالية والنقدية والتجارية دون مواربة للمنتجين بغض النظر عن انتمائهم القطاعي أو الاجتماعي، وتتخذ الدولة التدابير اللازمة للحد من النشاط الطفيلي وحماية المنتج الوطني من المنافسة غير المتكافئة مع رأس المال الاحتكاري العالمي.

القطاع التعاوني
تؤكد إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية على الدور المقدم للقطاع التعاوني وتعنى ببعث تقاليد هذا القطاع في دائرة إنتاج السلع والخدمات وفي دائرة الاستهلاك، عليه؛ يتصل نضال حزبنا لتجميع صغار المنتجين من مزارعين ورعاة وحرفيين ومستهلكين في المدن والأرياف، في جمعيات تعاونية ذات محتوى ديمقراطي. والعمل مع الحركة التعاونية لإزالة كافة أنواع التشويه والتخريب الذي لحق بهذه الحركة على أيدي الأنظمة الشمولية. توسيع قاعدة الحركة التعاونية يعني الاستفادة من مزايا الإنتاج الكبير ويضاعف من قدرات المنتجين ويحميهم والمستهلكين من استغلال رأس المال التجاري ويسهم في تخفيف أعباء المعيشة.
التركيز على قطاعات الدولة والخاص والتعاوني لا يعني استبعاد الأشكال الأخرى للملكية كالملكية المختلطة وملكية رأس المال الأجنبي والملكيات الصغيرة. إذ أن لكل هذه الأشكال أدواراً في عملية التنمية الوطنية الديمقراطية.

أسلوب إدارة الاقتصاد
تعدد التكوينات الاقتصادية الاجتماعية لا تزال سمة رئيسة للاقتصاد السوداني. مراعاة هذه السمة تعتبر شرطاً لا غنى عنه في تحديد أسلوب إدارة الاقتصاد. ففي ظروف هذا التعدد وتفكك البنية الاقتصادية فإن علاقات وقوانين السوق وحدها تبقى قاصرة عن حشد الموارد وتخصيصها وإعادة تخصيصها بين الاستخدامات المتعددة للوفاء باحتياجات الإنتاج والاستهلاك وفقاً لأسبقيات إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية. ذات الأسباب التي تحد من فاعلية علاقات وقوانين السوق تجعل من إمكانية استخدام التخطيط المركزي الإلزامي الشامل أمراً متعذراً. مما يستدعي أن تجمع إدارة الاقتصاد بين أساليب التخطيط التي تلائم مستوى تطور البنية الاقتصادية وعلاقات السوق وقوانينها التي تراعي هذا المستوى من التطور وكذلك تجزؤ السوق الوطنية وضيقها. لذلك فإن إدارة الاقتصاد التي تأخذ بها السلطة الوطنية الديمقراطية، تجمع بين استخدام التخطيط الجزئي الإلزامي، والتخطيط التأشيري إلى جانب قوانين السوق. يتم تنفيذ إستراتيجية التنمية على مراحل وفق خطط مرحلية تنطلق من الواقع السوداني وخصوصيته. تعني هذه الاستراتيجية في مراحلها الأولى بتلبية الاحتياجات الأساسية للجماهير من غذاء وملبس وسكن وصحة وتعليم.
التصنيع
تضع استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية قضية التصنيع في دائرة اهتمامها باعتبار أن التصنيع يشكل جوهر التنمية. وهو عملية لا تقتصر على الصناعة فحسب إنما تشمل كل قطاعات الاقتصاد الوطني فهذه العملية تعنى دخول الآلات والأجهزة والوسائط في قطاعات الاقتصاد كافة ورفع درجة التزود التكنولوجي لهذه القطاعات وما يصاحب هذه العملية من تأهيل الكوادر البشرية والارتقاء بالقدرات المؤسسية مما يفضي إلى الارتقاء بكفاءة استخدام الموارد وزيادة إنتاجيتها.

الصناعة التحويلية
الصناعة التحويلية هي مصدر تزويد كل قطاعات الاقتصاد الوطني بحاجاتها من ماكينات وأجهزة ومعدات وأدوات. كما أنها القاعدة التي ترتكز عليها عملية توطين وتطوير التكنولوجيا. لكي تصبح الصناعة التحويلية قاطرة للتنمية لا بد من أن تتسع قاعدتها. خاصة القطاعات المحرضة للطلب على التكنولوجيا الحديثة وإنتاجها. وضمن هذه القطاعات تركز استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية على قطاع بناء الماكينات والمعدات وأدوات الإنتاج. وتسعى لتوجيه الاستثمار أيضاً في الصناعة التحويلية نحو التصنيع الزراعي. وتمكينها من تلبية احتياجات الزراعة من مدخلات الإنتاج المتنوعة، أي الآليات والمعدات والمبيدات والأسمدة وغيرها بحيث تتراكم الأسس المتينة لتكامل الزراعة والصناعة في إطار الخطط المرحلية. الاهتمام بصناعة الأسمنت وصناعة مواد البناء الأخرى والصناعات الكيميائية والبتروكيميائية وتوجيه الصناعة التحويلية لتوفير السلع الاستهلاكية وذلك لتلبية احتياجات السكان الأساسية في المدن والأرياف، وعلى نحو خاص السلع الغذائية المصنعة والمنسوجات والملبوسات، هذا الاهتمام بتلك الصناعات هو أداة استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية لتوسيع قاعدة الصناعة التحويلية ودفعها إلى الأمام لتحتل مركزاً متقدماً في هيكل الاقتصاد الوطني. بالإضافة إلى ذلك فإن هذه الإستراتيجية تسعى لأن تصبح الصناعة التحويلية قادرة على خلق فرص استخدام وفيرة لاستيعاب الزيادة السنوية في الأيدي العاملة جنباً إلى جنب مع ضرورة تطوير القاعدة الوطنية للتكنولوجيا، لذا فإن البديل الوطني الديمقراطي للتنمية يجمع بين الصناعات ذات الاستخدام الكثيف للأيدي العاملة والصناعات ذات الكثافة الرأسمالية، كما يجمع بين الصناعات كبيرة الحجم والصناعات متوسطة وصغيرة الحجم.

قطاع البترول
استخراج البترول واستغلاله تجارياً ليس سوى خطوة أولى على طريق تحويله إلى إضافة حقيقية لاقتصادنا الوطني من خلال توظيف عائداته لتوسيع وتنويع القاعدة الإنتاجية بما في ذلك توسيع القطاع نفسه. يشمل ذلك اكتشاف حقول جديدة وإقامة مصاف تكرير وإنتاج المشتقات البترولية المتنوعة، والاتجاه نحو تغيير هيكل الصادرات البترولية لمصلحة المشتقات بدلاً من الخام. وإقامة صناعات بتروكيميائية ترتبط بالزراعة والصناعة التحويلية.
يشكل التوسع في قطاع البترول مصدراً هاماً من مصادر زيادة الادخار المحلي، ووسيلة من وسائل تضييق فجوتي الموارد المحلية والتجارة الخارجية، ومورداً لزيادة الاستثمار في قطاعات الزراعة والصناعة والطاقة والنقل والبنيات الأساسية الإنتاجية والاجتماعية وبخاصة التعليم والصحة.
باعتبار أهمية البترول وكونه ثروة قومية وعاملاً معجلاً لعملية التنمية فإن من الضروري ضمان التعامل معه بمسؤولية وبحس قومي. والنضال الصلب ضد استئثار القلة بعائداته. لأن توجيه هذا العائد نحو الاستهلاك التفاخري والتسلح ومراكمة الثروات الخاصة يجعل هذه الثروة القومية مصدراً لتعميق التفاوت الاجتماعي، والتفاوت بين مناطق وأقاليم البلاد المختلفة، مما يساهم في زيادة التوتر الاجتماعي والسياسي وإشعال النزاعات والحروب الأهلية. لذا فإن حزبنا يقف في وجه سياسات التعتيم وحجب المعلومات وغياب الشفافية بخصوص عائدات البترول والاتفاقات المعقودة مع الشركات الأجنبية. تحالف الرأسمالية الطفيلية السودانية ورأس المال الأجنبي لا يبالي بكيفية استغلال هذه الثروة الناضبة ولا يعنيه تطويرها ما دام يراكم الأرباح والثروات، كما أنه غير معني بالحفاظ على البيئة وعلى مصالح المواطنين في مواقع استخراج البترول ومحيطها. على هذا الأساس نؤكد في برنامجنا على:-
 كسر السياج السميك المضروب على المعلومات الخاصة بهذا القطاع وتمليك هذه المعلومات للرأي العام.
 الكشف عن الاتفاقيات المعقودة مع الشركات الأجنبية وإعادة تقويمها في الوجهة التي تخدم مصلحة الوطن، بالتركيز على نصيب السودان من العائد ونقل التكنولوجيا وتأهيل الكوادر السودانية ورفع قدراتها.
 إلغاء كل أشكال احتكار الحزب الحاكم للوظائف والأعمال المساعدة في هذا القطاع.
 التقيد الصارم بتوجيه عائدات البترول لتمويل التنمية ورفع مستوى معيشة المواطنين في المديين القصير والطويل.

البنيات الأساسية الإنتاجية
يعتبر توسيع شبكة البنيات الأساسية من أولويات استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية في تناسب واتساق مع تطور القطاعات الإنتاجية والخدمية. ويشمل ذلك تعزيز قدرة وكفاءة الخزانات والسدود والحفائر ومحطات المياه وقنوات الري وإنشاء المزيد منها بغرض الاستغلال الأمثل لموارد البلاد المائية، مع مراعاة العوامل والآثار الاجتماعية والبيئية والالتزام بالمعايير الدولية المعتبرة ومشاركة الجماهير الفاعلة. التأكيد على أهمية توسيع وتطوير قاعدة إنتاج الكهرباء من المصادر المختلفة لتلبية احتياجات الاقتصاد الوطني، وتوسيع شبكة النقل بكل أنواعها، وفي ذلك تكتسب عملية إعادة تأهيل السكك الحديدية وتطويرها وتوسيع شبكتها محوراً أساسياً في إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية بجانب تطوير النقل النهري والبحري والجوي وقطاع الاتصالات والمعلوماتية لخدمة القطاعات الإنتاجية في المقام الأول.
النظام المصرفي
طرأت على النظام المصرفي تغييرات هامة خلال العقود الماضية شملت إلغاء العمل بسعر الفائدة وتوسع نفوذ البنوك الإسلامية وتمدد رأس المال الأجنبي لا سيما العربي والإسلامي، ذلك بالتزامن مع تراجع دور الدولة في هذا القطاع جراء عمليات الدمج والخصخصة وتركيز النشاط المصرفي في تمويل الأنشطة غير المنتجة وتغذية ثقافة المجتمع الاستهلاكي. أسست اتفاقية السلام الشامل (2005) لقيام نظام مصرفي مزدوج، إسلامي في الشمال وتقليدي في الجنوب. يخلق هذا النظام صعوبات جمة أمام إخضاع النظام المصرفي لأولويات التنمية في الوقت الذي تستولي فيه البنوك على قدر كبير من الفائض الاقتصادي والموارد المالية، لا يتم توجيهها بالضرورة لخدمة أنشطة تنموية، بل نحو أنشطة طفيلية تحقق معدلات ربح عالية خلال فترات زمنية قصيرة. النظام المصرفي المزدوج يعرقل حركة رؤوس الأموال والاستثمار داخل البلد الواحد.
لتجاوز هذه السلبيات يركز برنامجنا على الآتي:-
 الحفاظ على وجود الدولة في القطاع المصرفي وتنشيط هذا الوجود وتوسيعه.
 تشجيع القطاع الوطني الخاص للاستثمار في هذا القطاع.
 التأكيد على دور البنوك المتخصصة، والحرص على انتشار نشاطها في الريف لتمويل صغار المنتجين. وتوجيه اهتمامها نحو المرأة هناك لثقلها النسبي في قوة العمل الريفية. بجانب تقديم المؤازرة الفنية فضلاً عن التمويل.
 انتهاج سياسة مصرفية موحدة تقوم على أساس النظام المصرفي المعروف عالمياً وكذلك النظام المصرفي الإسلامي. هذه السياسة تسمح للنظامين بالعمل في كل أنحاء البلاد.
 انتهاج سياسة نقدية منحازة للقطاعات الإنتاجية تضمن انسياب موارد البنوك نحو هذه القطاعات ما يتطلب تعزيز دور البنك المركزي والحفاظ على وجوده داخل قطاع الدولة.



العلاقات الاقتصادية الخارجية
1- التجارة الخارجية
تطوير القاعدة الإنتاجية وتنويع منتجاتها وتعزيز قدرتها التنافسية باستغلال المزايا النسبية التي تتمتع بها بلادنا في إنتاج بعض السلع، هو الركيزة لتحسين تركيبة صادرات البلاد وزيادة حصيلتها من العملات الأجنبية. هذا إلى جانب البحث عن أسواق جديدة في كل القارات فضلاً عن تعزيز العلاقات التجارية مع البلدان الأفريقية والعربية وغيرها من البلدان النامية.
تشكل تحويلات السودانيين العاملين بالخارج إضافة ذات شأن في حصيلة البلاد من العملات الأجنبية، ما يستدعي استحداث الوسائل والأساليب التي تزيد من ارتباط المغتربين بالوطن وتعزز مساهمتهم في عملية التنمية. كذلك نرى ضرورة الاهتمام بالسياحة وتطوير بناها التحتية. لتحقيق أهداف إستراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية ينبغي إعادة النظر في تركيبة الواردات وكبح الزيادة المنفلتة في الاستيراد، وإخضاع الواردات لأولويات التنمية بتفضيل السلع الإنتاجية وتقليص الواردات الكمالية.
2- القروض والاستثمار الأجنبي المباشر والمديونية
احتياجات التنمية في مراحلها الأولى تقتضي الاستعانة بالقروض لسد فجوة الموارد المحلية. السلطة الوطنية الديمقراطية تتعامل بوعي كامل مع هذه القضية بالسعي إلى استقطاب القروض الميسرة والحد من اللجوء للقروض الصعبة. كما تعمل على رفع القدرات في مجال إدارة القروض وتحقيق الشفافية ودرء شبهة الفساد. تصبح القروض أداة فاعلة في دفع الاقتصاد الوطني إذا تم توظيفها إنتاجياً حسب أولويات التنمية وفي ذات الوجهة تتم الاستفادة من الاستثمار الأجنبي المباشر كونه قناة من قنوات نقل التكنولوجيا المتطورة. على أن تؤكد الاتفاقيات مع المستثمرين الأجانب على تدريب الكوادر المحلية في كل مراحل الاستثمار وفي المستويات الإنتاجية والإدارية كافة وإعادة استثمار جزء من الأرباح المتحققة وزيادة الجزء المصنع محلياً من المكونات الرئيسة للسلع.
تبلغ المديونية الخارجية للبلاد حالياً ما يزيد عن 28 مليار دولار. وهي نتاج الانفلات غير المبرر في الحصول على القروض وسوء استخدامها وإدارتها بجانب الفساد المصاحب للحصول عليها وسحبها واستغلالها. نناضل إلى جانب البلدان النامية الأخرى في سبيل إلغاء هذه الديون التي أصبح عبؤها ثقيلاً على اقتصادنا الوطني، وتساهم ضمن عوامل أخرى في تردي الأحوال المعيشية للمواطنين وعرقلة جهود التنمية.
3- التكتلات الاقتصادية والمنظمات الدولية
انضمام السودان إلى التكتلات الاقتصادية في القارة الأفريقية والمنطقة العربية ضرورة تقتضيها التحولات الكبرى الجارية في العالم. هذا الانضمام يخفف من الآثار السلبية للعولمة على البلدان النامية، لأن هذه التكتلات توسع السوق أمام منتجات بلادنا. يعتمد نجاح التكتل الاقتصادي على التقاء أهدافه الإستراتيجية مع أهداف التنمية في البلدان الأعضاء، والحيلولة دون سيطرة الأعضاء الأقوياء نسبياً واستغلالهم للأعضاء الضعفاء والوقوف بوضوح في وجه أي سياسات أو إجراءات من شأنها إضعاف الإنتاج المحلي. نعطي اهتماماً خاصاً للتكتلات الاقتصادية التي يحظى السودان بعضويتها – السوق المشتركة لبلدان شرق وجنوب أفريقيا (الكوميسا) والسوق العربية المشتركة. ونؤكد على أهمية قيام تكتل اقتصادي جديد يضم دول حوض النيل، هدفه حماية نهر النيل من التلوث وتطوير موارده المائية والاستغلال المشترك لهذه الموارد بالذات في توليد الكهرباء والنقل النهري إلى جانب استغلال الثروة السمكية والإمكانيات السياحية بما يعود بالفائدة إلى جميع الدول الأعضاء.
نتعامل مع المنظمات الدولية والإقليمية وفقاً لما يمليه وضع هذه المنظمات في نسيج العلاقات الاقتصادية الدولية. نتعامل معها دون التنازل عن حقنا في إطلاق التنمية المستقلة وبلوغ الاستقلال الاقتصادي.
2- الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي
يحتل القطاع الزراعي الآن، وحتى تتهيأ الأوضاع لخلق القاعدة المادية والتقنية للتنمية الاجتماعية الاقتصادية للبلاد وفق أسس وطنية ديمقراطية، مكان الصدارة في تأمين الغذاء للسكان، والمواد الخام للصناعة الوطنية أو للصادر، والفائض الاقتصادي للتوسع في الإنتاج.
ويعتبر الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي شرطاً ضرورياً لتبديل الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية المتردية للعاملين بالإنتاج الزراعي، وللارتقاء المتواصل للإنتاج الزراعي بالبلاد. وتتمثل الغاية الأولى والجوهرية للإصلاح الزراعي المنشود في الإصلاح الديمقراطي لنظم حيازة الأراضي سعياً وراء تطبيق شعار الأرض لمن يفلحها على أرض الواقع. ويعني تطبيق الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي اتخاذ مجموعة متكاملة من التدابير الاقتصادية الزراعية في سبيل التغيير النوعي لعلاقات الإنتاج والأوضاع الاقتصادية للإنتاج. ويترتب على ذلك نشوء علاقات جديدة في ملكية وسائل الإنتاج، وبروز موازنات اجتماعية وأشكال أنشطة زراعية جديدة إلى الوجود، فضلاً عن تبني أشكال جديدة للتداول للعمليات الاقتصادية الزراعية ولإدارة الأعمال الزراعية.
ويهتم الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي لنظم حيازة الأراضي كمحور أول، بإعادة توزيع الأراضي الزراعية من خلال تحويل حقوق الانتفاع بها لجمهرة العمال الزراعيين، والمستأجرين، وصغار المنتجين من مزارعين فقراء ومتوسطين ورعاة، بالإضافة إلى النظم والتدابير التنفيذية المطلوبة لذلك.
أما المحور الثاني، فيتناول إصلاح نظم استخدام وتشغيل الأراضي، المتمثل في كل الإجراءات الأخرى للإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي، والتي تتضمن تكوين التعاونيات، وإعداد وتنفيذ البرامج الخاصة بعمليات تكثيف الإنتاج الزراعي، واعتماد البدائل الوطنية الديمقراطية لعمليات التمويل الزراعي، والتسويق الزراعي، ... إلخ.
ويستند المدخل الأساسي لمعالجة قضايا الإصلاح الزراعي على ابتداع أنماط جديدة للإنتاج الزراعي تتلاءم مع الخصوصيات المحلية لواقع الزراعة السودانية مصحوباً بالنهوض الفعال بمستوى القوة المنتجة ارتكازاً على أهم استنتاجات الحزب في ما يتعلق بخصائص البنية الزراعية في البلاد التي تناولت تعدد أنماط الإنتاج الزراعي السائدة، والتداخل والتأثير المتبادل في ما بين تلك الأنماط المتعددة وانهيار المزايا النسبية لصادرات السودان الزراعية كنتاج للثورة العلمية التقنية، والتغييرات المستحدثة في تلك البنية منذ انعقاد المؤتمر الرابع للحزب والتي يمكن إدغامها في التهميش والتحلل المتسارع لبنية الزراعة التقليدية، والتطور المتعاظم لنظم الحيازة الاستغلالية، واتساع نفوذ وتحالفات الرأسمالية التابعة مع رأس المال الأجنبي، ومساهمة مجموعة التدابير الاستثمارية والتشريعية في تفكيك دور الدولة في مشاريع الزراعة المروية من خلال تحرير أسواق الأرض والتمويل، واختلالات البنية السكانية وبنية الملكية الزراعية بسبب النزوح والهجرة الداخلية المتعاظمة.

برنامج حد أدنى لإنقاذ القطاع الزراعي
 تتمثل أولى مهمات إنقاذ القطاع الزراعي في وقف التدهور وضرورة تنشيط القطاع وإنعاشه لزيادة إنتاج المحاصيل الغذائية والمعدة للتصدير، وتطوير الصناعات الزراعية، والغذائية منها على وجه الخصوص. وهذا يعني تركيز الإصلاح الزراعي في أولوياته على مناطق القطاع التقليدي الذي يشكل نسبة غالبة من السكان "وبه يوجد الفقر والتهميش" من خلال "إزالة آثار الحرب" وإغاثة وإعادة تعمير المناطق التي يعاني سكانها من الحرب، والنزوح، والجفاف، والتصحر، والمجاعة، خاصة مناطق تداخل المزارعين مع الرعاة، وإعادة هيكلة وتأسيس المؤسسات الخدمية والإنتاجية القائمة بتلك المناطق، لتوفير الخدمات، واتباع سياسات إنتاجية وخدمية وتسويقية تخدم الفئات الاجتماعية المنتجة.
 دعم ورعاية حقوق الفئات الاجتماعية المنتجة بانتهاج سياسات خدمية، سعرية، وائتمانية وفق خصوصيات كل منطقة (من مناطق الإنتاج السلعي الصغير بشقيه المتخلف والمتطور).
 وفي الزراعة الرأسمالية يدعو برنامج الحد الأدني للإصلاح الزراعي لتفعيل المشاركة بين الدولة وأصحاب المشاريع الزراعية التجارية للعمل سوياً على تأمين ظروف معيشية أفضل للعاملين بتلك المشاريع، مع الالتزام بالتطبيق العملي للتشريعات الزراعية للدفع بعجلة الإنتاج الزراعي.
 أما في المشاريع الزراعية الحكومية يتمسك برنامج الحد الأدنى بالدور الريادي للقطاع العام الذي يبقي على الملكية العامة للدولة في الأرض والري والآليات، ويسعى للتعويض العادل لملاك (الكروت) الأرض وورثتهم من مردود الحواشات التي يعاد توزيعها على المستحقين بعد نقل ملكيتها نهائياً للدولة. كذلك يطالب برنامج الحد الأدنى الدولة بمواصلة تقديم الخدمات والتمويل للعمليات الزراعية، كما يطالبها بإجراء تقديرات واقعية (فعلية) لتكلفة الإنتاج، وتحديد أسعار مجزية ومحفزة لإنتاج الحاصلات الزراعية.

قضايا الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي في المدى الطويل: نحو انطلاقة ثابتة للإنتاجية والإنتاج وفق أسس راسخة:

المحور الأول: الإصلاح الديمقراطي في نظم حيازة الأرض:
الهدف: إدخال تحسينات على تشريعات التصرف بالأراضي الزراعية على أساس قانوني عادل تغرس الثقة في قلوب الفئات المنتجة بالزراعة، وتسمح بإعادة تشكيل العلاقات الاجتماعية الاقتصادية المحددة لكل نمط من أنماط الإنتاج الزراعي القائم في البلاد وفق الخصوصيات المميزة للنمط المعني.
ويستهدف إصلاح نظم حيازة الأرض في "القطاع التقليدي" (القسم المتخلف من القطاع السلعي الصغير) قيام مفوضيات الأراضي بكل إقليم بإعادة توزيع حقوق الانتفاع بالأراضي الزراعية بما يتفق وشروط النهوض بالإنتاجية وإشاعة علاقات ديمقراطية، بديلاً لنظم الإدارة الأهلية الاستغلالية والنظم الإدارية الحكومية المتبعة حالياً.
ويمكن تحديد حجم الحيازة الزراعية وفقاً لنوع الزراعة السائدة في المنطقة المعنية، والكثافة السكانية، ومعدل هطول الأمطار، ... إلخ، مع ربط عملية التخصيص وإعادة التخصيص للأراضي للمجموعات المنتفعة بها بالعملية الشاملة للبناء والتحول الاجتماعي في الاقتصاد الوطني.
كذلك يجب اتخاذ تدابير تلزم البنوك التجارية التي تنتشر فروعها في قرى وفرقان "القطاع التقليدي" بالبلاد بتعديل نظم منحها وتوزيعها لمختلف أنواع القروض الزراعية بما يساهم في توسيع مواعين تعاملها بشروط ميسرة في عملية التمويل الزراعي للمزارع التقليدية على الأقل أسوة بالتعامل مع شركات القطاع الخاص، إن لم نطالب بدرجة أكبر من الانحياز للزراعة التقليدية.
أما في القسم المتطور من الإنتاج السلعي الصغير فإن تحقيق شعار الأرض لمن يفلحها يتطلب تجميع الأراضي المستخدمة حالياً مع احتياطي الأراضي الغير مستغلة، ثم العمل على إعادة توزيع تلك الأراضي في حيازات ذات جدوى اقتصادية بالمجان على المستحقين من الفئات الاجتماعية المنتجة مما يتيح إمكانيات أفضل للاستخدام الفعال للمياه وللتوسع الرأسي "بالتخصيب" كذلك.
وفي الزراعة الرأسمالية الكبيرة (مطرية شبة آلية كانت أم مروية) يسترشد برنامج تخصيص الأراضي بمنح مفوضيات الأراضي بأقاليم البلاد المختلفة السلطات الكاملة "لإعادة النظر" في التسجيلات الاعتباطية للأراضي للأجانب بهدف تسوية حقوق المواطنين المتظلمين من التعديات والانتهاكات التي حدثت، وتسجيل تلك الحقوق لمستحقيها لدى مفوضيات الأراضي حال ثبوتها ومصادقة المفوضيات عليها وفقاً للأعراف المحلية المميزة لكل إقليم من أقاليم البلاد.
من المهم أيضاً تحديد الحجم الاقتصادي الأمثل من الأرض المسموح به لكل مشروع من مشروعات القطاع المطري شبه الآلي بما يتوافق مع الأهلية للاستثمار، ونوعيته، ونوعية الأرض، والتركيبة المحصولية، ومعدل هطول الأمطار، والقوة المادية والبشرية المتوفرة لإنجاز العمليات الزراعية، ...إلخ.
ويتشكل مقترح البرنامج في علاقة المزارع المستأجر بإدارة المشروع المروي الحكومي بتحديد حد أعلى للحيازة (الحواشة) على أن تتولى الإدارة الزراعية بالمشاريع المروية الحكومية مهمة تأمين الاستثمار لتحسين الإنتاج بنفقة مرضية، والتوزيع العادل للحواشات والالتزام بشروط الحيازة وحق إبطال العقد في حالة الإخلال بشروطه وانتقال الحواشة لشخص يرغب في الزراعة بنفسه، وتعميم أولوية ملكية الدولة للأراضي الزراعية ومنشآت الري لضمان تجميع الأراضي الزراعية بالمشاريع (المروية الزراعية) واستغلالها كوحدات متماسكة مع ضمان تعويض الملاك الأصليين، وتوزيعها من قبل الدولة للراغبين في استثمارها سواء من قبل الملاك الأصليين، أو المزارعين ذوي الحاجة، لمن هم أكثر ولداً، ثم لمن هم أقل مالاً، على أن تكون علاقة الشراكة بين الدولة والمزارعين خياراً مفضلاً على ما عداه لتوزيع العائد بين الشركاء في ظل سيادة "النمط الانتشاري" للمزارعين بمؤسسات الزراعة المروية الحكومية بعدالته وحمايته لمصالح فقراء المزارعين ومتوسطهم من تغول آليات السوق.

المحور الثاني: إصلاح نظم استخدام وتشغيل الأرض
يتم ذلك بتكثيف الإنتاج الزراعي، وتطوير القدرات الإنتاجية للمشروعات الزراعية بتفعيل صلتها مع مراكز ومؤسسات البحث العلمي، وترقية الأساس المادي – التقني والمجال الاجتماعي على حد سواء، وتوجيه الاستثمارات الزراعية نحو تأمين الاحتياجات الفعلية لدورة الإنتاج الزراعي بكاملها، والاستفادة من فائض الأرض في إنشاء مشاريع زراعية – صناعية للنهوض بالإنتاج الزراعي من خلال الاستخدام الجامع للعلم والتكنولوجيا مع الأساليب الحديثة للإدارة الاقتصادية المحفزة للعمل.
ويستدعي النهوض بالإنتاج الزراعي في القطاع الزراعي المطري بشقيه الآلي والسلعي الصغير "المتخلف" إلزام الدولة بدرء الكوارث، والحقوق الحصرية واللاحصرية للانتفاع بالأراضي، وعوامل إنتاج عينية تكاملية، وتصميم نموذج واقعي بمشاركة كافة الأطراف، ونقل للتكنولوجيا للمزارع التي تعاني من تدهور الإنتاجية، وتعزيز الإنتاج الزراعي بطريقة جماعية، وتطويرها اجتماعياً، واقتصادياً، ومؤسسياً، وتكنولوجياً لكي تصبح أداة فاعلة لوقاية الأرض والموارد الطبيعية الأخرى من الدمار.
كذلك تستلزم ترقية الإنتاج الزراعي عموماً من خلال التوسع الرأسي ترتيب أولويات عمليات تكثيف الإنتاج وفق الاحتياجات الفعلية والظروف الموضوعية – الطبيعية والاجتماعية والاقتصادية – بمشاركة جماهيرية واسعة النطاق لكل نمط من أنماط الإنتاج الزراعي السائدة بكل إقليم من أقاليم البلاد.

خصوصية الإصلاح الزراعي الوطني الديمقراطي في الجنوب:
 التوزيع العادل للأرض مع ضمان حق الانتفاع والاستفادة.
 إعادة تعمير المزارع والمشاريع التي دمرتها الحرب، وتهيئة وتحديث ما كان في ما مضى منها تابعاً للدولة للتخصص في أنواع المحصولات الاستوائية للغذاء والتصدير.
 اتباع أسس الشراكة في المشاريع الاستثمارية بين القبائل الرعوية الوافدة من الشمال والقبائل النيلية في الجنوب.
 إقامة مشاريع تنموية ريفية تعاونية متكاملة بين العائدين والمقيمين.
 اعتماد التوسع الأفقي – من خلال توسيع الرقعة الزراعية لمصلحة العائدين، وتقديم المزارع التعاونية لرفع المعاناة – مع تفادي تكرار أخطاء التجربة في الشمال.
 أولوية دعم المجتمعات المحلية دون حرمان الزراعة التجارية شريطة اكتسابها الربح في غياب الدعم الحكومي.
 العون الأجنبي للمعرفة والخبرة، ثم توسيع الاستثمار لإنجاز عمليات التدريب الفني، واستخدام التكنولوجيا حتى بلوغ الإنتاج الزراعي مرحلة الاكتفاء الذاتي وترقية الصادرات.
 القضاء على التخلف الاقتصادي والأزمة الغذائية في الجنوب ببناء الزراعة والصناعات الغذائية المربحة على أسس مادية اجتماعية متينة ومتوازنة لتزويد السوق المحلي بالاحتياجات الضرورية للسكان.
 اعتماد توقعات التوزيع الجغرافي للمنتجات الزراعية والصناعية ونوعية السلع، لوضع خطط البنية الأساسية للإنتاج.
 تطوير الحياة البرية، وحماية البيئة، واستخدام السياحة لزيادة عائدات البلاد من العملات الصعبة.

الثروة الحيوانية:
في إطار تحقيق استقرار نسبي للرحل وتجميعهم والمنتجين الآخرين في وحدات إنتاجية وسكانية يرتكز برنامج تنمية قطاع الثروة الحيوانية على خمسة محاور نجملها في الآتي:

1- المحور الأول: الإنتاج والإنتاجية:
• إنتاج اللحوم:
يهدف البرنامج لتحسين الميزات التنافسية لرفع معدلات استهلاك الفرد وزيادة حصيلة الصادرات من 3% من جملة صادرات السلع الكلية إلى 10% والمساهمة في رفع متوسط استهلاك الفرد من البروتين الحيواني من 37.1 جرام إلى 50 جرام متخطياً متوسط استهلاك العالم العربي البالغ 39.8 جرام. وذلك عن طريق:
 قيام مزارع رعوية متخصصة لإنتاج اللحوم.
 تنظيم الأسواق الداخلية وفتح أسواق جديدة للصادر.
 إنشاء وتأهيل المحاجر وإقامة أسواق مركزية ومصانع للحوم وتوفير معينات الترحيل والتبريد والتجهيز.

• إنتاج الألبان:
يهدف البرنامج للاكتفاء الذاتي من الألبان ومنتجاتها والحد من الاستيراد. وذلك عن طريق:
 إنفاذ تكامل الحيوان في الدورة الزراعية في القطاع المروي وخاصة في مشاريع كبيرة وقيام مشاريع مروية جديدة خاصة للإنتاج الحيواني.
 التوسع في زراعة الأعلاف الخضراء وتصنيع الأعلاف المركزة.
 التوسع في سياسات تحسين النسل بتطوير السلالات المحلية.
 إدخال تقانات وسيطة لحفظ وصناعة الألبان.
 إيجاد صيغ ائتمانية ملائمة لتمويل إنتاج وصناعة الألبان.
 تشجيع قيام الإنتاج الأسري للألبان ومزارع إنتاجه حول المدن.

• إنتاج الدواجن:
يهدف البرنامج للارتفاع بمعدلات الإنتاج المحلي بغرض الارتفاع بمعدل متوسط الاستهلاك المحلي من لحوم الدواجن للفرد من 1.6 كجم في العام كما هو الحال الآن إلى 9 كجم وهو المتوسط العالمي لاستهلاك الفرد في العام كما أوردته منظمة الزراعة والأغذية العالمية. وذلك عن طريق:
 استغلال الطاقات المعطلة لزيادة الإنتاج.
 تشجيع إنتاج المركزات محلياً وإيجاد بدائل للذرة.
 تكثيف الخدمات البيطرية والإرشادية.
 إيجاد صيغ ائتمانية ملائمة للتمويل.
 تخفيض الضرائب على مدخلات الإنتاج.
 تشجيع إنتاج الأمهات والجدات محلياً.
 تخفيض تكاليف الكهرباء والماء.
 تشجيع إنشاء مصانع أعلاف الدواجن.

• إنتاج الأسماك:
يهدف البرنامج إلى تعزيز دور الثروة السمكية في المساهمة في إزالة الفقر وتوفير الأمن الغذائي. وذلك عن طريق:
 تبني برامج التنمية الريفية والأسر المنتجة وتوطين المتأثرين بالحرب الذين اعتادوا العيش على صيد الأسماك.
 تشجيع الاستثمار في الاستزراع السمكي وتطوير المصائد المبنية على الاستزراع وتنمية وتطوير تقنياته.
 تعزيز الدور المؤسسي في القطاعين العام والخاص وضمان مشاركة كل القطاعات المستفيدة من عمليات التنمية والإدارة.
 تطوير وتقوية القدرات التنافسية للمنتجات السمكية عن طريق تطوير قنوات التسويق ورفع جودة وضمان سلامة المنتجات السمكية.

• الحياة البرية:
يهدف البرنامج للخروج من الحالة المتردية التي آلت إليها حياة الحيوانات البرية من جراء الحروب والنزاعات وانفلات استعمال الأسلحة، والارتقاء بها لتقوم بدورها الاقتصادي والسياحي والحفاظ على التوازن البيئي. وذلك عن طريق:
 دراسة الواقع الحالي بإجراء المسوحات لتحديد ما آل إليه واقع الحياة البرية على نطاق القطر.
 تضمين برامج إعادة التأهيل للمناطق المتأثرة بالحرب والنزاعات مسألة الحياة البرية لإعادة تأهيلها.
 في إطار استغلال مناطق الحيوانات البرية الطبيعية للترفيه والسياحة تتم الاستفادة من تجارب الدول ذات الخبرة في مجال سياحة الحياة البرية.
 إعادة التفكير في قيام حدائق الحيوان في المدن الرئيسية.



2- المحور الثاني: صحة الحيوان ومكافحة الأمراض الوبائية:
يهدف البرنامج إلى الانتقال من مرحلة السيطرة على الأمراض الوبائية إلى استئصالها وإعلان السودان خالياً من الأمراض الوبائية، وذلك عبر:
 إدخال كل الفصائل الحيوانية وكل الأمراض الوبائية في برنامج المكافحة.
 تنفيذ مشاريع المكافحة عن طريق الحملات الوقائية وتنفيذ حملات التحصين المركزة.
 اعتماد الوحدات البيطرية المتحركة كوحدات فاعلة لتنفيذ خطة العمل.
 توفير اللقاحات والأدوية مع إدخال نظم ضبط الجودة.
 إجراء حملات المسح الحقلي والتشخيص للأمراض.
 إعداد وتنفيذ برامج لتدريب العاملين في التقنيات الحديثة في مكافحة الأمراض.
 خلق مناطق خالية من الأمراض يراعى فيها التدرج في إعلانها خالية من الأمراض.
 الالتزام مع الدول الأخرى بالقوانين الدولية لصحة وتجارة الثروة الحيوانية.
 التنسيق والتعاون مع المنظمة العالمية لصحة الحيوان (OIE) واتباع مؤشرات وموجهات مكتب الأوبئة الدولي فيما يختص بمكافحة واستئصال الأمراض الوبائية.

3- المحور الثالث: ترقية وتنمية الصادرات:
يهدف البرنامج إلى زيادة عائدات السودان من العملات الحرة من خلال زيادة كمية ونوعية صادراتنا من الثروة الحيوانية ومنتجاتها المختلفة، وذلك عن طريق:
 إجراء الإحصاء الحيواني لتحديد مقومات الصادر (حجم السحب).
 تفعيل الترويج الخارجي والاتفاقيات والبروتوكولات الثنائية.
 إنشاء وتأهيل المحاجر والمسالخ وفق المعايير العالمية.
 الإيفاء بالاشتراطات والمقاييس العالمية في مجال ضبط الجودة والمواصفات المطلوبة للمنتجات الحيوانية (SPS).
 إيجاد آلية للتنسيق بين كافة الجهات المناط بها أمر صادر الثروة الحيوانية.

4- المحور الرابع: التدريب وتنمية القدرات:
يهدف البرنامج إلى زيادة واستيعاب الكوادر العاملة في الحقل البيطري ومجالات الأسماك والإنتاج الحيواني المهنية منها والوسيطة ورفع قدراتها، عن طريق:
 تحسين بيئة العمل وتخصيص أجور مجزية.
 إعداد الكوادر المطلوبة والقادرة على النهوض بالثروة الحيوانية.
 تعميم مراكز التدريب ونقل التقانة إلى مناطق الإنتاج وتوفير معينات العمل.
 تشجيع وتحفيز المهنيين والفنيين للانخراط في العمل الإنتاجي المباشر.

5- المحور الخامس: التشريعات والقوانين:
يهدف البرنامج إلى مراجعة وتحديث القوانين السارية حالياً في مجالات الثروة الحيوانية والسمكية وإصدار تشريعات وقوانين جديدة لمواكبة المستجدات المحلية والعالمية، وذلك عن طريق:
 اعتماد القوانين السارية المعمول بها بما في ذلك التعديلات المقترحة والموافقة لاتفاقيات منظمة التجارة العالمية.
 دراسة ومراجعة القوانين الولائية ومدى موافقتها للقوانين الإطارية التي يصدرها المركز ومواكبتها لاتفاقية منظمة التجارة العالمية.
 إضافة بند في قانون الحجر البيطري لصادرات وواردات الحيوانات الحية واللحوم والمنتجات السمكية لعام 2004 يضمن إدارة المحاجر في بوابات الصادر والوارد كشأن قومي.
 تعديل قانون جلود البقر وجلود الحيوانات الأخرى لسنة 1954 ليستوعب المستجدات التي طرأت على إنتاج وصناعة الجلود.
 وضع مقترح لمشروعات قوانين جديدة تتعلق بالآتي:
 مشروع قانون الخدمات التسويقية لصادر اللحوم والمنتجات الحيوانية.
 مشروع قانون صحة منتجات الثروة الحيوانية لاستيفاء معايير اتفاقية (SPS).



الفصل الثالث
البيئة

البيئة لم تعد مفهوماً جغرافياً أو مصطلحاً فيزيائياً، إنما ارتقى الوعي البشري بكونها حاضنة حياة الإنسان، وبدورها كقاعدة ارتكاز وانطلاق للتنمية والرقي الإنساني بفضل مواردها البشرية والطبيعية والنباتية والحيوانية ومكنونات فضائها الكوني. من هذا المنطلق نعمل على:
 المشاركة في الاتفاقات الدولية لإصحاح البيئة، ونساهم مع شعوب العالم في حمايتها والمحافظة على تنوعها والحد من الاحتباس الحراري.
 درء خطر الزحف الصحراوي، واندثار الغطاء النباتي، والقطع الجائر للغابات، وتبديد التربة، وتدني الإنتاجية، وانحسار مقومات الأمن الغذائي، واندلاع الصراعات القبلية والحروب الأهلية حول موارد متناقصة في مختلف أنحاء البلاد.
 حماية مياه النيل وروافده من التلوث، وكبح جماح نهر القاش والأنهر الموسمية الأخرى من تدمير ما حولها، وكيفية الاستفادة القصوى من مياهها.
 تتبنى الدولة الوطنية الديمقراطية منهج التخطيط السليم للتنمية، وحصر الموارد، وترشيد استغلالها، وإعادة إنتاجها، وتصدر قوانين رادعة لحماية البيئة.
 رفع قدرات وإمكانات إصحاح البيئة في تخطيط وإعادة تخطيط المدن باستعادة الأحزمة الغابية حولها، وتصريف مياه الصرف الصحي، وخلو الأراضي السودانية من الأسلحة الكيماوية والجرثومية والنووية.
 الاستعانة باكتشاف البترول لتوفير الغاز الطبيعي للاستهلاك الشعبي كبديل للفحم النباتي وحطب الحريق، والتوسع في استخدام الطاقة الشمسية ومصادر الطاقة البديلة.
 تعبئة قومية ومشاركة إقليمية ودولية لنزع الألغام، واستخراج النفايات النووية والكيماوية المطمورة أو المخزونة في باطن الأرض.





الفصل الرابع
السياسة الصحية

أهداف السياسة الصحية:

الإنسان هو هدف التنمية الاجتماعية وبالتالي يجب الارتفاع بمستوى صحته وتوفير حاجاته الأساسية ليتمكن من المساهمة الفعالة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية المنتجة كأهم حقوق المواطن الأساسية. لتحقيق هذا الهدف لا بد من:
 الالتزام بالرعاية الصحية الأولية الشاملة الملزمة بتقديم خدمات تعزيزية وقائية وعلاجية وتأهيلية عالية الكفاءة لكل السكان.
 توفير الموارد البشرية والصحية بانتهاج سياسة تضمن التوازن بين الاحتياجات والطلب لتوفير قوة عاملة جيدة التعليم والتدريب. وربط التعليم المستمر الإلزامي بالترخيص بمزاولة المهنة والترقي الوظيفي مع الالتزام بأخلاق المهنة والتقويم المنصف لأداء العاملين في الحقل الصحي. دور النقابات المهنية والجمعيات المتخصصة هام في المحافظة على الممارسة الفعالة والالتزام بقوانين وآداب المهن الطبية.
المشاكل الصحية ومكافحتها:
الأمراض ذات الأولوية تشمل الإيدز والملاريا والدرن والبلهارسيا وعمى الأنهار. منح الأولوية لمعالجة هذه الأمراض وغيرها من الأمراض المستوطنة والمزمنة. ويتم ذلك بـ:
 توفير بيئة صحية للمواطن السوداني تضمن له الحصول على الماء الصالح للشرب والهواء الخالي من التلوث والغذاء المأمون.
 أساليب علمية ومتوفرة للتخلص من الفضلات والنفايات الخطرة ومكافحة نواقل الأمراض والحفاظ على صحة وسلامة بيئة العمل والمدرسة.
 زيادة الإنفاق الحكومي على الصحة ليصبح العلاج وكل متطلباته مجاناً أو بدفع قيمة رمزية. فالإنفاق العام على الصحة في البلاد من أدنى المستويات في العالم.
 إعادة ترتيب الأولويات وتخطي العقبات المتمثلة في ضعف التكامل بين الخدمات العلاجية والوقائية والتعزيزية ونظم المعلومات والتوثيق، وضعف الصلة والتنسيق بين القطاعات ذات العلاقة بالصحة.

الرياضة:
 دعم الدولة للحركة الرياضية مع كفالة استقلالها وأهليتها وديمقراطيتها.
 يشمل النشاط الرياضي ألعاب القوى والمناشط الرياضية المختلفة بالإضافة إلى كرة القدم.
 تخطيط المدن وحماية المنتزهات والميادين العامة من أي تغول.
















الفصل الخامس
التعليم والبحث العلمي

 "المستقبل يبدأ من المدرسة. التعليم كالماء والهواء، التعليم أهم استثمار".
 تقوم فلسفة التعليم وأهدافه على الآتي:
* البعث الحضاري الذي يستنهض تاريخ وتراث الوطن بكل تنوعه ودراسته وتحليله لإبراز محتواه الوطني، ومحاصرة الثقافة الاستعمارية والرجعية، ومحاربة التعصب، وسد الفجوة بين الريف والحضر والرجل والمرأة، وتحقيق التمازج والتعايش بين الثقافات واللغات في السودان وتطويرها لتستوعب معطيات العصر وفضائله.
* وضع أسس متينة للنظام التعليمي تضمن عدم الارتداد إلى الأمية.
* تأهيل المعلم وتدريبه المتواصل ومنحه المرتب المجزي، لأن المعلم هو أساس التعليم القويم.
* الأساس السليم للنظام التعليمي يقوم على محو الأمية الشامل، باعتبارها معركة وقضية وطنية ديمقراطية.
* الربط بين محتوى ومناهج التعليم وخطة التنمية القومية، واحترام فضيلة العمل اليدوي جنباً إلى جنب مع النشاط الذهني باعتبارها نشاطات مكملة لبعضها البعض.
التعليم العام
التعليم قبل المدرسي:
 اهتمام الدولة بالتعليم قبل المدرسي لأهميته، ويبرز ذلك في إعادة النظر في المناهج التي تقدم الآن للأطفال بهدف تطويرها، وتقديم أدوات التعليم مجاناً لرياض الأطفال والخلاوي.
التعليم الأولي:
 التعليم في هذه المرحلة يجب أن يكون إلزامياً ومجاناً لجميع الأطفال في سن السابعة.
 رفع قدرات المعلم، وفتح المجال لتعلم لغة أجنبية حتى لا ننغلق عن مجرى التطور الحضاري، وتحسين مستواه المعيشي حتى لا يقضي يومه لاهثاً خلف لقمة العيش.
السلم التعليمي:
 إن هيكل التعليم الحالي الذي جعل المرحلة الابتدائية تمتد لتسع سنوات (من 6 – 15 عاماً) غير علمي وضار تربوياً لأن التفاوت في أعمار الأطفال داخل المدرسة كبير. فالمعروف أن سن المراهقة وبدء التفكير النظري تكون في عمر 11-12 تقريباً مما لا بد أن يؤخذ في الاعتبار عند ابتداع المحتوى وطرق التدريس ومعيناته وحتى أساليب التعامل التي تتبع مع الأطفال تختلف عن الكبار سواء في محيط المدرسة أو داخل صفوف الدراسة.
 لا نبدأ من الصفر لأننا طرحنا موضوع التعليم بتوسع في مؤتمر التربية القومي الأول عام 1969 – ولم تتوقف مناقشته حتى اليوم لأن قضاياه تتحمل أكثر من رأي دائماً. ففي البدء كان نقدنا للسلم التعليمي الموروث من المستعمر المكون من (4+4+4) لأسباب عديدة أهمها أن أربعة سنوات لا تكفي لضمان عدم ارتداد الطفل للأمية في حالة عدم التحاق الجميع بالمرحلة المتوسطة.
 وقد توصل المؤتمرون لسلم تعليمي بديل بهيكل جديد يبدأ برياض الأطفال، وينتقل في عمر السادسة للمدرسة الابتدائية لمدة ست سنوات، وتكون المواصلة لهم جميعاً في مدرسة ثانوية شاملة لمدة أربع سنوات دون تصنيف لتعليم أكاديمي وفني وزراعي .. إلخ. ويجلس الجميع للشهادة الثانوية العامة التي يتم بموجبها توزيع التلاميذ لمدارس متخصصة مدتها عامان حسب ميولهم ورغباتهم (علمي، أدبي، صناعي، زراعي، .. إلخ). هذه الثانوية العليا بها أساتذة مؤهلون ومكتبات ومعامل مكتملة للإعداد الجيد المتعمق يكون أساساً للقبول في التعليم العالي مما يوفر السنة الأولى في الجامعات الأكثر تكلفة بحوالي ثلاثة أضعاف في المتوسط..
التعليم الفني:
 قامت الثورة الصناعية في أوروبا على أكتاف التعليم الفني، وهذا يستدعي فتح المجال ليس للذين لم يحصلوا على فرصة في التعليم الأكاديمي، بل للذين حصلوا على نتائج عالية، وفتح المجال في التعليم العالي لخريجي المدارس الفنية وإعطاءهم وضعاً وظيفياً لائقاً.
 التوزيع الإقليمي العادل في التعليم الثانوي لخلق توازن بين الأقاليم.
التعليم العالي
يواجه التعليم العالي، سواء في الجامعات أو المعاهد العليا مشاكل عديدة، وممارسات سالبة من جراء التوسع الغير مدروس، وتحوله إلى تجارة مفتوحة وسيطرة تامة للحزب الحاكم. تصحيح مسار التعليم يستوجب إلغاء كل الممارسات السالبة والتمسك بالمبادئ الأكاديمية للالتحاق بالجامعات والمعاهد العليا:
 الاستقلال التام للجامعات هو الركيزة التي تقوم عليها الحرية الأكاديمية، لهذا فإن وضع ميزانية الجامعة في يد وزارة التعليم العالي يخنق هذه الحرية.
 اختيار الأساتذة بمعايير أكاديمية دقيقة.
 تأهيل الكادر الأكاديمي عن طريق تنظيم الدورات التدريبية في الداخل والخارج.
 إيجاد العلاج الناجع لإسكان الطلاب الجامعيين.
 ربط التعليم العالي بقضايا التنمية، وإخضاع التوسع فيه لأهداف استراتيجية التنمية الوطنية الديمقراطية وتطوير القاعدة العلمية التكنولوجية، الشيء الذي يستدعي الاهتمام بالبحث العلمي وتطبيق نتائجه.
 تحمل الدولة مسؤوليتها الكاملة في زيادة الإنفاق على التعليم وتأمين احتياجاته البشرية والمادية.

البحث العلمي والتدريب:
إنجاز مهام التنمية المتوازنة يفرض وضع سياسة علمية تسهم في حل مشكلات الاقتصاد السوداني وتلبية الاحتياجات الملحة للنهوض بقطاعاته الإنتاجية والخدمية. هذا يستوجب:
 إدماج البحوث في الأنظمة الخدمية البيطرية والصحية وفي الإنتاج البيطري والزراعي. وتطوير المرافق البحثية المركزية في كافة أنحاء البلاد.
 أن يستند هذا التطوير إلى رؤية نقدية تلخص نتائج المؤتمرات العلمية منذ مؤتمر أركويت.
 تأسيس مراكز بحثية متخصصة تجعل من التحديات الاقتصادية المشتركة كالتوسع الرأسي في الإنتاج الزراعي ليحافظ على البيئة والتربة ويسهم في حل التناقضات بين الرعاة والمزارعين بتشجيع التكامل بين الدورات الزراعية وتحركات الحيوان.
 تطوير الطاقات البديلة والمتجددة خاصة في الريف كالطاقة الشمسية وطاقة الريح ومخلفات الزراعة في الكتلة الحية والكحول. والاستثمار في التقنيات الحديثة مثل تقنيات المواد فائقة الدقة وتلك التي تناسب ظروف السودان.
التدريب يستوجب:-
 التدريب المستمر لمواردنا البشرية لتحسين مهارتها وتطوير قدراتها يشكل جزءاً جوهرياً من العملية الإنتاجية والخدمية على كافة المستويات.
 فتح المزيد من مراكز التأهيل المهني وتوفير كافة احتياجاتها من وسائل وأدوات ومعلمين.
 الاستفادة من جهود المنظمات الإقليمية والدولية المختلفة وما يقدم من بلدان العالم المختلفة من منح تدريبية. وأن يكون شرط تدريب الكادر الوطني مضمناً في الاتفاقيات الموقعة مع الشركات الأجنبية العاملة في السودان.


الفصل السادس
الثقافة الوطنية

الثورة الثقافية الديمقراطية هي وسيلتنا لبعث تراثنا القومي وتعزيز ما فيه من عناصر تقدم وثورية. نشر هذه الثقافة يعتبر هدفاً محورياً من أهداف حزبنا، إذ بها يتوسل بعث الوعي الضروري لتحرر الإنسان السوداني من الخوف والفزع من قوانين الطبيعة ومن غمة الجهل الذي تركه فريسة للاستغلال الاجتماعي أياً كان نوعه، وللتعصب الأعمى أياً كان منشأه. نستعصم في هذا السبيل بالفكر الإنساني العلمي منهجاً وأداة، ويشمل في ما يشمل ما دشنته الماركسية من آفاق للفكر والممارسة تحت عنوان التراث التحرري للبشرية، ولا ننقطع عن هذا التراث بدعوى أصولية يسارية أو شوفينية قومية.
 اللغة وسيط للثقافة وحاملها، لذا فإن رعاية اللغات السودانية دون تمييز والتوسل بها في التعليم الأساسي أمر لا بد منه.
 ما تزال الأمية عائقاً صلداً أمام التطور الديمقراطي لشعبنا. لا نكتفي بمحو الأمية الكتابية فقط، إنما نسعى إلى دحر الأمية المعرفية التي تحول دون انعتاق شعبنا أفراداً وجماعات من ظلام الاستغلال.
 الثقافة الديمقراطية هي منهجنا ليلحق شعبنا بعصر الثورة العلمية التكنولوجية المعاصر، عصر انتصار العلم والعقلانية. ونتصدى لدعاوى الانغلاق والعزلة والانكفاء على الذات بحجة الغزو الثقافي.
 لا تصح الثقافة الديمقراطية بل لا تقوم إلا على أساس حرية الإبداع. لذا فإن حزبنا ينافح عن هذه الحرية، نتجاوز – أيضاً – ازدواجية الفن الشعبي والفن الرسمي الناجمة عن الفتق الاستعماري وتبعاته، وكذلك عن الانقسام الطبقي.
 نواجه الانحلال والتفسخ بالثقافة الديمقراطية ونستنهض شبابنا ليكون قوة طليعية لا تهاب الصعاب .
 بالثقافة الديمقراطية وبالاستناد إلى الفكر الإنساني العلمي نشق طريقنا نحو المستقبل مدركين واعين جاعلين منه معولنا لبناء الاشتراكية.





الفصل السابع
المرأة والشباب

المرأة:
 تكفل الدولة الوطنية الديمقراطية للمرأة مساواتها التامة مع الرجل أمام القانون، وتلتزم أن تتحول المساواة القانونية إلى مساواة فعلية بما يحرر المرأة من الدونية ويفتح أمامها فرص الحراك الاجتماعي.
 مراعاة خصوصية قضية المرأة داخل نسيج الفئات والطبقات والقوميات.
 ضمان حق المرأة في ملكية الأرض وحقها في عائد عملها وموقع اتخاذ القرار وفقاً لكفاءتها.
 التوقيع على الاتفاقات الدولية والخاصة بالمرأة والالتزام بتنفيذها.
 سن قانون للأحوال الشخصية يتسق ويتكامل مع الدستور الوطني الديمقراطي والاتفاقيات الدولية، يصون القانون للمرأة السودانية حقوقها في القوامة والحضانة والشهادة والإرث وعقد الزواج والطلاق والنفقة.
 الالتزام بمبدأ ومنهج الحوار وسعة الصدر بين المنابر الفكرية والثقافية للحركة النسائية.

الشباب:
اهتمام حزبنا بقضايا الشباب ينبع من الوعي الموضوعي بأنهم طلائع المستقبل ودعاماته، والمعين الذاخر الذي لا ينضب للطاقة الثورية التي بها ننشد تغيير الحياة والمجتمع لتحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية.
إن المشاكل الراهنة التي يعاني منها الشباب السوداني تعود غالبيتها إلى الحرب وافرازاتها أو السلطة وجبروتها.
نواجه مشاكل الشباب المختلفة بـ :-
 الحق في العمل وذلك بالنظر في تفشي العطالة وسط الخريجين ومجموعات اللجوء والنزوح والعائدين من الحرب وغيرهم.
 الحق في التعليم – عتبة المستقبل – بالنسبة لليافعين والشباب، وضمان إلزامية ومجانية التعليم.
 الحق في السكن، لأنه الخطوة الأولى لتكوين الأسرة، وهو حق إنساني لا تستقيم الحياة بدونه.
 الحق في العلاج والخدمات الصحية المجانية.
 حرية التعبير والتنظيم بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وفرض السلطة تنظيماتها التي تسيطر بالدعم المالي على الحركة الشبابية وأنشطتها الرياضية والثقافية والاجتماعية.
 إزالة كل المعوقات التي تحد من العلاقات بين الشباب السوداني وشباب العالم. ونرى أن يفتح الباب أمام كل ما يوسع مدارك شبابنا ويصقل قدراتهم وتجاربهم. هذا ما يؤهلهم للتقدم بخطى فاعلة ذاخرة وغنية.



الفصل الثامن
قدسية الدين ودنيوية السياسة

1) لانؤسس لموقف جديد، بشأن مسألة الدين والدولة، بقدر ما نسعى لتطوير رؤيتنا التي تبلورت مع الإرهاصات الأولى لنشأة حزبنا، ونسجل في الوقت ذاته نقداً ذاتياً لتقصيرنا في تطويرها خلال العقود الأربعة الماضية، وفق ما كنا ألزمنا به أنفسنا في المؤتمر الرابع.
2) تتأسس هذه الرؤية على احترام حزبنا لمقدسات شبعنا وأديانه:_ الإسلام والمسيحية والأديان الإفريقية، باعتبارها مكوناً أساسيا من مكونات وعيه ووجدانه وهويته، وبالتالي نرفض كل دعوة تتلبس موقف حزبنا لتنسخ او تستهين بدور الدين في حياة الفرد والاسرة، وفي تماسك لحمة المجتمع، وحياته الروحية، وقيمه الأخلاقية، وتطلعاته للعدالة الاجتماعية، ونعتبرها دعوة قاصرة وبائنة الخطل.
3) فوق ذلك يستلهم حزبنا ارفع القيم والمقاصد الكلية للتعاليم الدينية، لنصرة المستضعفين وشحذ هممهم وحشد قواهم من اجل الديمقراطية والتغيير الاجتماعي وذلك على قاعدة الاحترام والتسامح الديني في بلادنا متعددة الأديان والمعتقدات، كنزوع فطري يتوجب علينا الإعلاء من شأنه، وتطويره، وتخليصه من علل الاستعلاء به، كما وبالثقافة او اللغة او العرق، وما يتولد عن ذلك من مرارات متبادلة بين مكونات شعبنا.
4) هذا الاحترام نفسه للدين يفرض علينا ان نناضل من اجل وضعه في مكانه اللائق به من حياة شعبنا، بما ينزهه عن ان يكون عظمة نزاع في سياق الصراع الاجتماعي، وان نتخذ لهذا السبب بالذات، موقف المعارضة الفكرية والسياسية الحازمة ضد أي مسعى، من أي قوة اجتماعية، لاستغلاله في تحقيق أي مغانم دنيوية.وننطلق في موقفنا هذا، من حقيقة ان معيار الأغلبية والأقلية معيار سياسي لا ينسحب على قضايا الفكر والثقافة والمعتقد الديني والتي لا تحسم بالتصويت.
5) لا يرى الحزب الشيوعي في الدين عائقاً أمام التقدم الاجتماعي، وإنما يبحث عن أصل استلاب إنسان بلادنا وعذاباته في عمق الصراع السياسي والاجتماعي حول علاقات الإنتاج الاجتماعية. ويتخذ هذا الصراع في الوقت الراهن، مثلما ظل يتخذ منذ عقود طوال، شكل ومضمون المواجهة بين مشروعين متمايزين تماماً : مشروع الدولة الدينية، من جهة، والذي تقف وراءه وتدعمه القوى الظلامية التي تتخذ من قدسية الدين دثاراً ودرعاً آيدلوجياً لتحقيق مصالحها الاقتصادية السياسية الدنيوية الضيقة، ومشروع الدولة المدنية الديمقراطية،من جهة اخرى، والذي ترفع لواءه قوى الاستنارة والعقلانية السياسية التي تتطلع الى نظام حكم يراعي خصائص التعدد والتنوع الذين تتميز بهما امتنا، بما يصون وحدتها الوطنية، واستقلال بلادنا، وسلامة أراضيه.
6) ويطرح الحزب أمامه مهمة قيام منبر واسع لتوحيد قوى الاستنارة في النضال من اجل الدولة المدنية الديمقراطية، ومواجهة التطرف والهوس الديني استناداً الى الخلاصات التي راكمتها خبرات شعبنا حول المخاطر الناجمة عن الدولة الدينية وإقحام قدسية الدين في السياسة.
7) نزع قناع الزيف عن البرنامج السياسي المعادي، باسم الدين، لطموحات الملايين من أبناء وبنات شعبنا، والرامي لوأد تطلعاتهم الوطنية والاجتماعية،وهو البرنامج الذي طالما ذاقت جماهير شعبنا ويلاته تحت دكتاتورية الجبهة الإسلامية، متحالفة مع الطاغية جعفر نميري، او منفردة بالسلطة منذ انقلابها عام 1989، ابتداءً من قوانين سبتمبر البغيضة، الى قوانين النظام العام والأمن والقوانين الجنائية المختلفة، حتى الجهاد باسم الإسلام ضد الشعب تقتيلاً وتعذيباً وتفرقة وقهراً.











الفصل التاسع
الاشتراكية

• الادعاء بأن هنالك طريقاً واحداً للوصول إلى الاشتراكية ينفي حقيقة المميزات الوطنية لكل شعب، ويجعل من الاشتراكية عقيدة جامدة وعقيمة، ويخرجها من نطاق العلم الى نطاق الخرافة. واذا كانت الاشتراكية العلمية هي حصيلة التجارب الثورية للشعوب، فإنها تتحقق لدى كل شعب بارتباطها بجذور عميقة في مجرى تجاربه الخاصة وفي مجرى سماته الحضارية ايضاً.
• انجاز المهام الوطنية الديمقراطية يفتح الباب لولوج مرحلة التحول الاشتراكي، ويمكن تلخيص سماتها العامة في:-
- تحرير الإنسان من الاستغلال.
- إلغاء الامتيازات الطبقية بما ينهي اغتراب الإنسان من مراكز النفوذ.
- مكافأة الإنسان حسب عمله.
- تملك الشعب لوسائل الإنتاج ونشر عائد الثروة في كل المجتمع.
- سلطة سياسية ديمقراطية تعدديه، لتحالف واسع من الأحزاب والتنظيمات السياسية للطبقة العاملة والمزارعين والمثقفين الثوريين والرأسماليين الوطنيين، وتؤسس تلك السلطة من خلال التجارب وزمالة النضال السياسي والاقتصادي والفكري ولاتفرض فرضاً او قسراً.
- دعم الديمقراطية النيابية التعددية بالديمقراطية المباشرة.
- توفير الشروط اللازمة كيما تصبح المرأة عضواً فاعلاً في المجتمع، بكفالة الحقوق المتساوية بينها والرجل.
- التحرر من الاضطهاد القومي والاستعلاء العرقي والثقافي.
- النضال الاممي.
- النضال من اجل حماية السلام العالمي ونبذ الحروب والحد من التسلح.



الفصل العاشر
تجديد المشروع الاشتراكي

تجديد المشروع الاشتراكي يستوجب:-
 الدراسة الباطنية لبنية الرأٍسمالية المعاصرة التي تجاوزت مرحلة المنافسة الحرة خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وكذلك للآليات والبرامج التي استحدثتها لتطويق أزماتها، وللمتغيرات في التركيب العضوي والتقني للطبقة العاملة والفئات الوسطى العاملة بأجر.
 التقويم الموضوعي الناقد للعوامل والأسباب الباطنية- موضوعيه وذاتية- لانهيار النمط السوفيتي للاشتراكية، ولفشل تجارب نمط الحزب الواحد ورأسمالية الدولة والإصلاحات الاجتماعية (مصر عبدالناصر وتنزانيا نيريري) ، ولما استجد في البرامج والمنطلقات الفكرية للنماذج الاشتراكية الماثلة: الصين، فيتنام، كوريا الديمقراطية، كوبا، ولما هوجديد في فكر المدارس الاشتراكية في أفريقيا والمنطقة العربية، وفي أمريكا اللاتينية وآسيا وغرب اوربا، ولما استجد في روسيا والجمهوريات السوفيتيه السابقة وبلدان شرق اوربا.
 استيعاب ما استجد واستحدث من مقولات ومفاهيم في العلوم الطبيعية والاجتماعية للوقوف على مدى أثرها في تطوير او تجاوز استنتاجات الماركسية باعتبار الماركسية نظرية عامة للواقع والكون وليس منظومة فلسفية مغلقة ومنكفية ذاتياً على طراز أرسطو وهيجل.
 تقويم ناقد لما ورد في برنامج حزبنا ووثائقه الأساسية عن الاشتراكية وصوغ الخطوط العامة لتصورنا للاشتراكية في المجتمع السوداني .
 تأكيد ما ورد في دستور الحزب المجاز في المؤتمر الرابع1967 ص(8-9) والذي نص على:- ((قيادة الحزب الماركسي في ظل النظام الاشتراكي، لايعني وجوب نظام الحزب الواحد، الديمقراطية الاشتراكية ترتكز على ما حققته الشعوب من حرية للفرد والجماعة في التعبير وحرية الفكر، وتستكمل هذا البناء بتحرير الإنسان من سيطرة رأس المال واغترابه من مراكز النفوذ والقرار)).
 الالتزام بالدفاع عن الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة واتفاقيات المنظمات الدولية والإقليمية.
 الالتزام بدولة المواطنة والتعددية الحزبية والتداول الديمقراطي للسلطة.






https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن