حماتي ملاك وجاذبية أفلام الأبيض, والأسود

صلاح سرميني

2008 / 9 / 1

خلال الفترة من 15 ديسمبر 2007 وحتى 29 فبراير 2008, تسنّى لي مشاهدة 800 فيلماً روائياً, وتسجيلياً قصيراً .
وبمناسبة الدورة الثلاثين للمهرجان الدوليّ للأفلام القصيرة في كليرمون فيران/فرنسا(1-9 فبراير 2008) تمكنتُ من مشاهدة حوالي(180) فيماً قصيراً.
وبعد هذه الوجبة الدسمة, قررتُ بأن أمنح نفسي فترة راحة, أشاهدُ خلالها أفلاماً مصريةً, وهنديةً, وبالطبع, سوف أعود إلى عادة مشاهدة فيلماً طويلاً كلّ يومٍ في إحدى الصالات التجارية الباريسية.
الصدفة وحدها هي التي قادتني لمُشاهدة الفيلم الروائيّ المصري (حماتي ملاك) لمخرجه (عيسى كرامة), وهو من إنتاج عام 1959, وبطولة : إسماعيل ياسين, يوسف فخر الدين, آمال فريد, ماري منيب, خيرية أحمد...(ولم أجد فيه هند رستم, ولا عبد الفتاح القصري, كما يذكر أحد المواقع في البطاقة الفنية عن الفيلم).
أميلُ عادةً للأفلام المصرية القديمة المُنجزة بالأبيض والأسود, وليسَ ذلك موقفاً حنينيّاً, ولكنني ببساطة, أستمتعُ بأجوائها, وقصصها, ومُبالغاتها الطافحة..
وعلى الرغم من الآراء المُتباينة عن الفنان الكوميديّ الراحل (إسماعيل ياسين), فإنني أبتهجُ كثيراً عندما أشاهدُ أفلامه, هو واحدٌ من الفكاهييّن القدامى الذين يضحكونني, كما الحال مع (عادل إمام) منذ أن ظهر وحتى اليوم.
(إسماعيل ياسين) شخصيةٌ متفردةٌ في السينما المصرية, تختلطُ فيها البراءة بالسذاجة, الذكاء بالغباء...
الطريف في الأمر, بأنّه كان يمثلُ بطريقةٍ واحدة كلّ شخصيات الأفلام التي تولى دوراً ثانوياً, أو رئيسياً فيها, على الرغم من تنوّعها, وتعددها, ولم يغيّر تفصيلةً واحدة من أسلوب أدائه, تعبيرات وجهه, أو نوعية الأدوار التي مثلها, هو دائماً الطيّب, البريء, الساذج, الغبيّ, العاشق للخادمة, أو السنيدة صديقة البطلة... ولم يكن وحده يمثلُ بنفس الطريقة في كلّ الأفلام, ولكن أيضاً ماري منيب, عبد الفتاح القصري, رياض القصبجي, عبد السلام النابلسي, خيرية أحمد.. ... لقد وضعهم المخرجون في قالبٍ واحدٍ, وبدورهم اقتنعوا بذلك, أو لم يمتلكوا الموهبة اللازمة للتغيّير, كما فعل (عادل إمام) مثلاً في مسيرته السينمائية, وهو السبب ـ ربما ـ الذي جعله يحتفظ بمكانته في السينما المصرية.
من جهةٍ أخرى, لا أدري ما هو السرّ الذي يجعلني أتغاضى عن المُبالغات الدرامية في سيناريوهات الأفلام القديمة, وتستفزني أقلّها في الأفلام المُلونة المُعاصرة ؟
في (حماتي ملاك) ـ على سبيل المثال ـ أنسى مهنتي النقدية, وأتحوّل إلى متفرجٍ عاديّ, أتعاطف مع (إسماعيل ياسين) في دور (خميس) الحانوتي الذي لا يُتقن مهنته, ويُزيد الأمر تعقيداً مساعده الصبيّ (السيد زيادة).
كما لا تُغضبني (ماري منيب) في دور الحماة الشريرة, ومحاولاتها التقريب ما بين ابنتها وزوجها, بإثارة المشاكل, والغيرة بينهما, ولكنها في المحصلة طيبة, تسعى لتحقيق هدفٍ نبيلٍ بطرقٍ ملتوية.
كما أتفهم جيداً موقف(يوسف فخر الدين) في دور الزوج (صبري) المُلتاع من تدّخل حماته في أموره الشخصية, و(آمال فريد) في دور الزوجة (سامية) المُنقادة خلف تهوّر أمها.
فكرة الفيلم نبيلةٌ, على الرغم من معالجتها المُتسرّعة, ومفارقاتها الكوميدية المُفتعلة(أو حتى المسلوقة على عجل), والطريف إعجاب المتفرج بالشخصيات, والتماهي مع الرسالة التربوية التي يهدف السيناريو إيصالها بطريقةٍ خفيفة جداً.
وبينما كان الغرض من إنجاز(حماتي ملاك) بأن يكون (وجبةً سريعةً) يشاهدها المتفرج, وينساها, فإنّ المُفارقة جعلت هذا الفيلم يحافظ على جاذبيته, ونكهته, مع أنه فيلمٌ (مُفبركٌ) في كلّ تفاصيله.
وعلى الرغم من انقضاء سنواتٍ كثيرة على تاريخ إنتاجه, يمكن مشاهدته, والاستمتاع بأحداثه الهزلية .
.

الملخص:
صبري صاحب شركة يعيش مع زوجته سامية في سعادة، تحضر والدتها من الإسكندرية، لا تستريح للاستقرار الذي تعيش فيه ابنتها، تطلب منها إثارة عاطفة زوجها.
يبدأ صبري يشك في سلوك سامية، فتترك له المنزل, وتطالبه بالطلاق، يتفق مع صديقة كمال أن يعلن موته كذباً، يحضر خميس الحانوتي لاتخاذ إجراءات الدفن، ولعدم خبرته, تتولد بعض المواقف الكوميدية, لأن صبري لم يمت حقيقة، يختبئ, يضع صبري في الدولاب، يستبدل الدولاب بأخر، كمال يتهم خميس بأنه أضاع الجثة، وتبدأ رحلة خميس في البحث عن الدولاب حتى يجده .
في ذلك الحين, تحاول سامية الانتحار لفراق صبري, ولكنها تفشل, وتنتهي الأمور بعودة صبري لسامية بعد أن عرفت الحقيقة من كمال, ويطلبان من الحماه بأن لا تتدخل في حياتهما.
الملخص مأخوذ من موقع : http://www.adabwafan.com



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن