طرق وأساليب أخرى في العلاج النفسي (2)

جودت شاكر محمود
judat_mahmood@yahoo.com

2008 / 8 / 19

يشير العلاج النفسي إلى معالجة الاضطرابات العقلية بوسائل سيكولوجية-نفسية-(بدلاً من الوسائل الجسدي أو البيولوجية). ويشتمل هذا المصطلح على تشكيلة متنوعة من الأساليب، تهدف كلها إلى مساعدة الأفراد المضطربين عاطفياً على تعديل سلوكهم ومشاعرهم بحيث يستطيعون تطوير المزيد من الطرق المفيدة لمعالجة الضغوط(Stress) أو التعامل مَعَها ومع الناس الآخرين. ويعتقدُ بعض المعالجون النفسيون بأن تعديل السلوك يعتمد على فهم الفرد لصراعاتهِ ودوافعهِ اللاواعيةUnconscious))، ويشعُر آخرون بأن الناس يستطيعون أن يتعلموا كيفية التغلب على مشكلاتهم من دون ضرورة استكشاف العوامل التي تكون قد أدت إلى ظهورها وتطورها. وعلى الرغم من وجود الاختلافات في الأساليب، فأن معظم طرُق العلاج النفسي لها معالم أساسية مشتركة. فهي تشتمل على الاتصال ما بين فردين أو شخصين أثنين- العميل(المريض) والمُعالج- فيتم تشجيع العميل على التعبير عن مخاوفه الداخلية وعواطفه وتجاربه بحريةٍ من دون الشعور بالخوف من الحكم أو الإدانة من قبل المُعالج. والمُعالج بدوره، يقدم أو يبدي التعاطف والتفهم ويحاول أن يساعد العميل على تطوير طرقٍ أكثر فاعلية في معالج مشكلاته. ومن أهم هذه الأساليب:
1. التحليل النفسي
التحليل النفسي هو طريقة علاج تعتمد على المفاهيم التي جاء بها عالم النفس(سيغموند فرويد). إن الهدف من التحليل النفسي هو جعل الفرد على علمٍ بالصراعات اللاواعية وبآليات الدفاع التي يستخدمها للسيطرة على القلق الذي يشعر به. فحالما تتم معرفة مخاوف ودوافع اللاوعي، يمكن معالجتها بطريقةٍ واقعية ومنطقيةٍ أكثر.
ولقد كان العلاج بالتحليل النفسي، بصيغته أو بشكله الأصلي، مكثفاً ومطولاً. فعادةً ما يلتقي المُحلل والعميل بزياراتٍ لمدة (50) دقيقة، مراتٍ عديدة في الأسبوع ولفترات تتراوح من سنة إلى عدةِ سنوات. هذا وأن المُعالجين ذوي التوجه للتحليل النفسي يشعرون حالياً بأنه من المفيد أن يتم تحديد طول فترة العلاج(أي أعطاء كلاً من العميل والمُعالج سقفاً زمنياً ثابتاً يتم خلالهُ العمل على المشكلات أو البحث فيها وتحقيق أهداف معينة) وجدولة الجلسات(sessions) بشكلٍ أقل تكراراً، وعادة ما تكون مرةً واحدةً في الأسبوع(بحيث يتم إعطاء العميل الوقت الكافي ما بين الجلسات كي يُفكر بشأنِ ما تمت مناقشتُهُ، وتفحص تفاعلاته اليومية في ضوء المناقشة).
• التداعي الحرFree Association :
إن أحدى الوسائل الرئيسية التي يستخدمها المُحللون النفسيون لتسهيل الشفاء من صراعات اللاوعي(Unconscious conflict)، هي التداعي الحر: أي تشجيع العميل على أطلاق العنان للأفكار والمشاعر، والتحدث بكل ما يجول في ذهنه من دون رقابةٍ أو أشراف. على إن هذا ليس بالأمر السهل أو الهين، ففي المحادثة، نحن عادةً ما نُحاول الاحتفاظ بخيطٍ يربط ما بين ملاحظاتنا ونستبعد أو نستثني الأفكار التي لا تمت بصلةٍ للحديث، لكي لا نجولُ بعيداً عن الفكرة أو الموضوع الأساسي. وإضافة إلى ذلك، يقضي معظمنا طوال حياته في التعلم كيف يكون حذراً، وكيف يفكر قبل الكلام، بحيث نترك الأفكار غير الملائمة أو البليدة أو التي عادة ما يكون التحدث بها عيباً.
على انهُ ومن خلال الممارسة والتشجيع من قبل المحلل، يصبح التداعي الحر أسهل. لكن حتى الأفراد الذين يحاولون وبشكلٍ واعي إطلاق العنان لأفكارهم سوف يجدون أنفسهم أمام حاجزٍ معين أحياناً. وعندما يبقى العميل صامتاً، أو أنهُ يغير الموضوع ، أو انهُ يكون غير قادر على تذكر بعض تفاصيل حدث معين، فأن المحلل يفترض بأن هذا الشخص يقاوم تذكر بعض تلك الأفكار أو المشاعر. وكان (فرويدFrued) يعتقد بأن التوقف أو المقاومة(Resistance) هو نتيجة لسيطرة اللاوعي لدى ذلك الفرد على المجالات ذات الطابع الحساس، وأن هذه المجالات أو المناطق أو الأحداث كانت وبشكلٍ دقيق هي المناطق التي يجب على المُحلل استكشافها.
التفسيرInterpretation :
يُحاول المحلل النفسي التغلب على مقاومة العميل، بالتشجيع على الفهم الذاتي والكامل من خلال عملية التفسير. وعادة ما يحمل التفسير شكلين اثنين. الأول:هو أن يقوم المُحلل بألفات نظر العميل إلى تلك المقاومات. فالأفراد غالباً ما يتعلمون شيئاً ما حول أنفسهم فقط عند اكتشافهم التوقف المفاجئ لسلسلة التداعيات تلك. فعندما ينسون موعداً معيناً، أو يريدون تغيير الموضوع،وما إلى ذلك. وثانياً: يمكن للمُحلل أن يستنتج أو يستنبط طبيعة ما يكمن وراء عبارات العميل، ويحاول تسهيل إحداث تداعيات إضافية. فعلى سبيل المثال، يمكن أن يقول العميل شيئاً ما يعتقد بأنه تافهاً. وعند هذه النقطةُ، ربما يشير المُحلل إلى إن ما يبدو تافهاً يمكن أن يُلمحُ إلى شيءٍ ما له علاقة مهمة بموضوع الحالة التي هو بصدد علاجها. وإذا ما كان توقيت التفسير مُناسباً، فأن هذهِ التلميحةُ يمكن أن تؤدي إلى إحداث تداعيات جديدة ومهمة. لذا على المحلل أن يكون دقيقاًن بحيث لا يحدث نوعا من الإيحاء بأن ما يحاول تفسيره بانه شيء مهما، وإنما على العميل أن يكتشف ذلك بنفسه.
التحويلTransference :
في التحليل النفسي، تعتبر آراء أو مواقف العميل اتجاه المُحلل على إنها جزءاً مهماً من العلاج. فعاجلاً أم آجلاً، يقوم العميل بتطوير استجابات أو ردود أفعال على شكل مشاعر وجدانية وعاطفية قوية نحو المحلل النفسي. وهذه الردود تكون أحياناً ايجابيةً وودودةً وتكون أحياناً أخرى سلبيةً وعدائيةً. وغالباً ما تُعتبر ردود الفعلِ هذه على أنها استجابات غير ملائمة لما يجري في جلساتِ العلاجِ. وأن ميل العميل لأن يجعل من المُعالج موضوعاً للاستجابات العاطفية يعرف باسم (التحويل): أي أن العميل يعبر عن مواقفه اتجاه المُحلل بنفسِ ما يشعر به فعلاً اتجاه أناسٍ آخرين يعتبرون مهمين في حياته. وقد سلم(فرويد) بأن التحول هذا يُمثل بقايا ردود فعل الطفل على الآباء.
والمثال التالي يوضح عملية (التحويل). تقول أحدى النساء الشابات والتي تخضع حينها للعلاج من قبل مُحللة نفسية، تقول حال دخولها إلى مكتب المُحللة:
" أني مسرورة لأنكِ لا تلبسين تلك القِلادة التي كُنتِ لابسةً إياها في المرات العديدة الماضية التي جئتُ لكِ بها. فإني لا أحبها عليكِ".
وقد أشارت المُحلل خلال تلك الساعةُ إلى إنها لم تكن أبداً قد لبست قلادةً سابقاً. حيث إن المناقشات التي دارت خلال الجلسات السابقة كانت قد تركزت على بعضً من تجارب الطفولة المؤلمة والمؤثرة، وأن العميلة، قد أعطت المحللة دور الأم، مما أسهم في أن ترسم صورة خاطئة عن المُحللة، وتصورتها بأنها ترتدي بالطريق التي كانت والدتها ترتدي بها. وعلى الرغم من اندهاشها بسوءِ فهمها، فقد تقبلت العميلة التفسير، والذي حصلت من خلاله على فهمٍ للتحويل.
أن التحويل لا يشتمل دائماً على الادراكات الحسية الخاطئة(false perceptions)، فالعميل غالباً ما يعبر عن مشاعره اتجاه المُحلل بنفس ما هو عليه اتجاه الناس الذين يعتبرون مهمين في وقت مبكر من حياته. وعلى أساس هذه المشاعر التعبيرية، يستطيع المُحلل أن يفسر طبيعة الدوافع المكبوتة(المزاحة)(Displaced Impulses). فعلى سبيل المثال، ان الشخص الذي دائماً ما يكون مُعجباً بشقيقه الأكبر منه سنا، يكتشف شيئاً ما في موقفِ المُحلل يُذكرهُ بذلك الأخ أو الشقيق. وإن الهجوم الغاضب على المُحلل يمكن أن يقود العميل إلى أن يكشف عن المشاعر العدائي اتجاه شقيقه والتي لم يعترف بها من قبل. ومن خلال دراسة المحللين لكيفية شعور عملاءهم اتجاههم، فأنهم يُساعدون مرضاهم على تحقيق فهمٍ أفضل لسلوكهم مقارنة بالآخرين.
إزالة العُقد، والتبصر ، والاستعادة:
أن التحسن من خلال العلاج بالتحليل النفسي دائما ما يعود إلى ثلاثة مهارات رئيسية: الأولى هي إزالة العُقد(abreaction)، والتبصر التدريجي في الصعوبات، وتكرار استعاد الصراعات وردود الفعل عليها.
إن مفهوم (إزالة العُقد) هو بمعنى تحرير العواطف المكبوتة. فالتعبير عن العواطف المكبوتة، أو إعادة أحياء التجار العاطفية السابقة في خضم فترة العلاج أو أثناء جلسات العلاج، غالباً ما يجلب الارتياح للعميل(وهذه العملي تدعى أيضاً باسم التنفيس(catharsis)، إذ إنها تعتبر نوعاً من أنواع التطهير العاطفي). هذا وإن (إزالة العُقد) لا تلغي أسباب الصراع، بل إنها يمكن أن تفتح الطريق إلى استكشاف أكثر للتجارب والمشاعر المكبوتة.
ويحقق الشخص الاستبصار(insight) عندما يفه جذور الصراع. وأحياناً يأتي الاستبصار عندما يستعيد العميل ذكرياته عن حدث أو تجربة مكبوتة معينة، بيد إن الفكرة الشائعة والتي مفادها بان العلاجات التي تتم من خلال التحليل النفسي تحدث حالة دراماتيكية معينو نتيجة للتذكر المفاجئ، وهذه فكرة غير صحيحة. إن مشكلات الفرد نادراً ما تنبع من مصدرٍ واحد، ويتم تحقيق التبصر بها من خلال الزيادة التدريجية بمعرفة الذات. هذا وان التبصر وإزالة العُقد يجب أن يعملان معاً، فالعملاء لابد من ان يفهموا مشاعرهم، وان يشعروا بما يفهمون. وإن إعادة التوجه(reorientation) هي ليست عملية فكرية أبداً.
وحالما يتقدم المُحلل، يمر العميل من خلال عملية طويلة من إعادة التعليم تعرف باسم الاستعادة(working through). ومن خلال تفحص ذات الصراعات مراراً وتكراراً وحالما تبدو في تشكيلة من المواقف، يتعلم الشخص أن يواجه الحقيقة بدلاً من أن يتنكر له، وأن يكون له ردة فعل عبر طرق ناضجة وفاعلة أكثر. ومن خلال استعادة هذه الصراعات خلال العلاج، يصبح الشخص قوياً إلى حد يصبح فيه قادراً على مواجهة تهديد حال الصراع الأصلية، وعلى الرد عليها من دون أي قلق.
والنتيجة التي تبزغ من التحليل النفسي الناجح هي التعديل العميق لشخصية الفرد والذي يسمح له بأن يكون بمستوى المشكلات ، وان يتغلب عليها على أساس واقعي. إن التحليل النفسي هو عملية مُطولة وعادة ما تكون مُكلفة. وإنها تكون ناجحة أكثر مع الأفراد الذين يمتلكون الدافع القوي لحل مشكلاتهم، والذين يستطيعون الكشف عن مشاعرهم بسهولة ويسر ، كما يمكنهم من أن يتحملوا نتيجة ذلك.
2.العلاج المتمركز حول العميل
هو أحد أكثر أساليب العلاجي الإنساني(Humanistic Therapy) استخداماً. حيث إن ممارس العلاج الإنساني يهتمون بتفرد الفرد(Uniqueness) والتركيز على الميل الطبيعي للشخص نحو النمو وتحقيق الذات(self- actualization) . فالمُعالج الإنساني لا يفسر سلوك الشخص(مثلما يفعل ممارسي التحليل النفسي أو يحاول تعديله( مثلما يفعل المُعالج السلوكي). حيث إن هدف المُعالج النفسي هو تسهيل عملية الكشف عن الذات وخاصة ما يخص الأفكار والمشاعر الخاصة بالفرد، ومساعدة الفرد في التوصل إلى الحلول المناسبة بنفسه.
والعلاج المتمركز على العميل(Client- centred therapy) هو هذا النوع من العلاج الذي جاء به (كارل روجرز). يقوم على أساس الافتراض بأن العميل هو أفضل خبير نفسه، وإن الناس قادرين على وضع الحلول لمشكلاتهم. هذا وأن مهمة المُعالج هي تسهيل هذا التقدم، وليس طر أسئلة تحقيقي، أو صياغة التأويلات، أو اقتراح مسارات عمل معينة.. وفي الحقيقة، أن (روجرز) يفضل مُصطلح المُسهلfacilitator)) على مصطلح المُعالج(Therapist).
ويمكن وصف العلاج المتمركز على أو حول العميل بشكلٍ بسيط نوعاً ما، لكن من حيث التطبيق، فانه يتطلب مهارة كبيرة، وأنه أكثر تعقيداً ودقة مما يبدو عليه لأول وهلةٍ. فيبدأ المُعالج بتوضيح طبيعة القابلات. وإن مسؤولية حل المشكلات هي مسؤولية العميل، وانه يكون حراً في المغادرة في أي وقتٍ يشأ فيه، كما انه هو الذي يختار فيما إذا كان سيعود أم لا. وتكون العلاقة خاصةً وسريةً، فيكون العميل حراً في الكلام عن القضايا الجوهرية من دون خوف من الإدانة أو من مسألة تسرب المعلومات إلى الآخرين. وحالما يتم تركيب أو تنظيم الموقف العلاجي أو الحالة، يقوم العميل بمعظم الحديث داخل الجلسة العلاجية. ويعتبر المُعالج عميلا لكنه مستمع حذر. وعندما يتوقف العميل، كأنه يتوقع من المُعالج أن يقول شيئاً ما، فأن المُعالج عاد ما يتقبل ويعترف بالمشاعر التي يكون العميل قد عبر عنها. فعلى سبيل المثال، إذا ما كان الرجل يتحدث عن والدته المزعجة، فأن المُعالج يمكن أن يقول:
" أنك تشعر بأن والدتك تحاول أن تسيطر عليك".
والهدف هو توضيح المشاعر التي كان يُعبر عنها العميل، وليس الحكم عليها أو تعقيدها. وعموماً، فأن العملاء يبدءون العلاج بتقييمات واطئة نوعاً ما عن أنفسهم، لكن في خضم مواجهة مشكلاتهم، ومُحالة التوصل إلى الحلول، ويبدءون بالنظر إلى أنفسهم بشكلٍ ايجابي أكثر. فعلى سبيل المثال، بدأت أحدى الحالات بالعبارات التالية:
" إن كل شيء بي هو خطأ، وإني أشعر بالشذوذ، وإني لا أقوم بأبسط الأمور الاعتيادية في الحياة، وإني متأكد من إني سوف أفشل في كل شيء أقوم به، وإني لا قيمة لي. وعندما أحاول تقليد الناس الناجحين، فإني أمثل فقط، لذا إني لا يمكن لي أن استمر بهذه الحالة ".
وفي المقابلة الأخيرة، أعرب العميل عن الآراء التي تناقض تماماً العبارات الموجودة في المقابل الأولى:
" إني الآن أتناول دورة علاجية جديدة من محض اختياري، وأني أتغير حقاً وإني دائماً ما أحاول الارتقاء إلى مستوى الآخرين الذين هم ما وراء قابلياتي. وقد توصلتُ إلى الإدراك بأني لست لامعاً جداً، لكني استطيع أن أشق أي طريق. واني لم أعد أفكر كثيراً جداً بنفسي، واني مرتاح جداً مع الناس، واني الآن اشعر بالنجاح في عملي، واني لا أشعر باني مستقر تماماً بعد، واني أرغب بالشعور باني استطيع المجيء والحصول على المزيد من المساعدة إذا ما احتجت ذلك ".
ومن اجل تحديد مسألة فيما إذا كان هذا النوع من التقدم نموذجياً، قام الباحثين وبشكلً دقيق بتحليل المقابلات المسجلة. وعندما يتم تصنيف عبارات العملاء وتحديدها، يتحول مسار العلاج إلى أن يكون ممكن التنبؤ به. وفي المقابلات المبكرةُ، يقضي الأفراد قدراً كبيراً من الوقت يتحدثون عن مشكلاتهم ويشرحون الأعراض. وخلال دورة العلاج، فأنهم يصوغون الكثير من العبارات التي تشير إلى أنهم يحققون فهماً معيناً لمشكلاتهم. ومن خلال تصنيف كل ملاحظات العملاء على إنها " تصريحات معاده عن المشكلات(Problem restatement) أو تصريحات تفهم وتبصر(Statements of understanding and insight)، وبذلك فان الزيادة المستمرة في التبصر مع استئناف العلاج تصبح واضحة.
إذن ما الذي يفعله المُعالجون الذين يركزون على العميل لأحداث هذه التغيرات ؟ يعتقد (روجرز) بان الصفات أو الخواص الأكثر أهمية والتي لابد من توفرها بالمُعالج هي التعاطف والدفْ والصدق. فالتعاطف يشير إلى القدرة على فهم المشاعر التي يحاول العميل التعبير عنها. والقدرة على إيصال هذا الفهم للعميل. فلابد للمُعالج من أن يتبنى إطار عائديه العميل وان يحاول أن يرى المشكلات مثلما يراها العميل. وأما الدفء(Warmth) فيقصد به(روجرز) التقبل العميق للفرد كما هو، بما في ذلك الاعتراف أو الإقرار بأن هذا الشخص لديه القابلية على أن يعالج مشكلاته بشكلً بناء. وأما المُعالج الصادق أو الحقيقي(genuine) فيكون متفتحاً ونزيهاً ولا يلعب دوراً(من وحي الخيال) أو أن يعمل من وراء وجهٍ مهني كاذب. فالناس لا يرغبون أن يكشفوا أنفسهم لأولئك الذين يعتبرونهم أو يدركوا بأنهم محتالين أو مخادعين. ويعتقد (روجرز) بأن المُعالج الذي يمتلك هذه الصفات سوف يعمل على تسهيل النمو والاستكشاف الذاتي من جانب العميل.
لقد تمت معرفة الكثير من خلال العلاج المتمركز حول العميل، لكنه من الصعب معرفة مدى فائدتهِ وماهيتهِ ومحدداتهِ بشكل مؤكد. ويبدو بأن هذه الطريقة- مثل ما هي بالنسبة للتحليل النفسي- تعتبر ناجح فقط مع الأفراد المتحدثين (أي لفظي) (verbal) والذين لديهم الدافع على مناقشة مشكلاتهم. أما بالنسب للأفراد الذين لا يبحثون بشكلٍ طوعي عن المساعدة ، أو الذين لديهم اضطرابات خطيرة وغير قادرين على مناقشة مشاعرهم، عادة ما تكون الطرق الأكثر توجيهية ضرورية لهم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن