إذا ضمت كركوك إلى-كردستان-...فلماذا الانتخابات إذاً؟؟

زيد حيدر
zayedhayder@yahoo.com

2008 / 8 / 10

أكاد اجزم بان الوضع الذي يمر به العراق اليوم هو الأكثر خطرا على وجوده ووحدته ربما منذ فجر التاريخ والى يومنا هذا بفضل الجوقة التي تدير شؤون البلاد بسند ودعم من قوات الاحتلال، ومن خلال نظرة مقارنة حول هذا الاستنتاج الاستهلالي نجد أن كل القادة " العراقيين" الذين مروا على حكم العراق منذ عهد سلالات ما قبل التاريخ والى يوم التاسع من نيسان 2003 كانوا يسعون إلى الحفاظ على كيان الدولة العراقية ووجودها ووحدتها وتحقيق التماسك الاجتماعي فيها باستثناء حكومة الاحتلال الرابعة بقيادة ضخامة الرئيس الحالي.
وقد يكون ما يجري اليوم من جدال محتدم بين عناصر هذه الجوقة وطواقمها المتخندقة في محاصصتها السياسية المذهبية والعرقية حول ما يسمى بقانون انتخابات مجالس المحافظات ما هو إلا سقوطا لأخر ورقة توت كانت تستر عورتها لتفضح ما كان مخفيا عن الكثير من أبناء شعبنا العراقي المغلوب على أمره وربما كان أهم ما كشفه هذا السقوط من حسابات الجوقة الحاكمة هو:
1. إن الوقت قد حان لتنفيذ مقررات مؤتمر لندن لا سيما ما يتعلق بما أسموه في حينه بـ" الحل الفيدرالي لجميع أنحاء العراق" وتمرير المادة 140 من دستور اليهودي ( نوح فليدمان) والذي يشكل خريطة طريق لتقسيم العراق على أسس طائفية وعرقية. ومن هنا نجد أن الفرصة متاحة أمام الأكراد أكثر من أي وقت مضى حول ضم محافظة كركوك التي تحوي على أكثر من 7,5% من الاحتياطي النفطي العالمي إلى ما يسمى بإقليم كردستان والإصرار على ربط هذا الأمر بالمصادقة على قانون الانتخابات وإجراؤها قبل نهاية هذا العام حتما وهنا علينا أن نُذكّر بان نهاية ولاية المجرم بوش تنتهي بحلول التوقيت نفسه وهنا نستوضح الخشية لدى هذه الجوقة من أن يقوم الرئيس المقبل للولايات المتحدة بتغيير سياسة بلاده تجاه العراق وتحديدا فيما يتعلق بسحب القوات الأمريكية والتي تعارضها كافة الأطياف النتنة التي تهيمن على سدة الحكم في العراق.
2. إن الجدل الجاري اليوم والإصرار على إجراء الانتخابات في هذه السنة وحل قضية كركوك إنما يقود باتجاه يفضي حتما إلى تقسيم العراق إلى دولة كردية في الشمال ودولة شيعية تتمركز قوتها في منطقة الثقل الاقتصادي والديني في الجنوب والوسط بقيادة الفرس الممثلين بعصابة المجلس الأعلى ومن يدور بفلكهم بإسناد من مرجعية الشر في النجف الاشرف، بينما يحاول من نصب نفسه ممثلا عن أهل السنة أن يحقق هذا هدفه بهذا الاتجاه عن طريق ممارسته لسياسة "الضحك على الذقون" من خلال رأيه المتمثل بـ " التوصل إلى توافق بين جميع الإطراف" و " توفير الضمانات" وهذا التوافق وهذه الضمانات لا يمكن التوصل إليها بدون ثمن على حساب العراق ومعاناة أبنائه وهو الأسلوب الذي يعتقد بأنه يمنحه ولو جزءا ضئيلا من ماء الوجه عند موافقته بالتصويت على هذا القانون والاصطفاف إلى جانب الأكراد والمجلس الأدنى ونقصد هنا شريكيهما الرئيس في عملية تفتيت العراق "حزب الصفقات الإسلامي" الذي كان الحجر الأساس في نكبة العراق الثانية بعد نكبته الأولى بالاحتلال من خلال موافقته الشهيرة في اللحظة الأخيرة على دستور نوح فليدمان مقابل وعود بإجراء تعديلات لاحقة على بعض مواده وهو ما لم ولن يحصل عليه هذا الحزب أبدا وهو أول من أدرك أن ذلك لا يتجاوز أكثر من كونه ذرا للرماد في العيون ومن هنا فقد لا نفاجئ بقبوله بتمرير قانون الانتخابات متبنياً للموقف الداعم لضم كركوك إلى قبضة الطرزانيين بشكل رسمي وقانوني خاصة بعد ما جاء على لسان الناطق باسمه بالقول"إن الحزب الإسلامي لن ينحاز إلى طرف على حساب طرف آخر" وهذا تعبير دقيق عن أن معيار المصالح الحزبية الضيقة هي التي تحدد سياسة الحزب وكان الأولى عليه أن يتخذ قرارا بالانحياز إلى العراق الواحد وهويته العربية بدلا عن ذلك ولكنه يأبى إلا أن يكشف مرة أخرى عن وجهه القبيح ونواياه السيئة تجاه العراق وشعبه ودورة في التآمر على وجوده بالتعاون مع الفرس والأكراد.
3. إن توقيت هذا الجدل في هذه الأيام إنما يهدف إلى توجيه أنظار الشعب العراقي بعيدا عن المؤامرة الأكبر التي تحاك بين حكومة المالكي وبين الولايات المتحدة ونقصد هنا ما يسمى بـ "الاتفاقية الأمنية طويلة المدى" والتي لابد من انجازها والتوقيع عليها قبل نهاية ولاية المعتوه بوش حيث تشكل هذه الاتفاقية دعما للإستراتيجية الأمريكية العامة في المنطقة وللحزب الجمهوري في الانتخابات الأمريكية القائمة وهي في الوقت نفسه تشكل ضمانة لوجود هذه الجوقة العفنة على سدة الحكم سواء من خلال نصوص صريحة في الاتفاقية سيئة الصيت أو من خلال الاحتلال الأمريكي الأبدي وبقاء القوات الأمريكية على ارض العراق حيث تمثل القوة الضامنة للدفاع عن هذا الإمعات وتوجهاتهم وخططهم السياسية الخبيثة والهادفة إلى تفتيت العراق وإنهاء وجوده.
4. أن إصرار الأحزاب الطرزانية على ضم كركوك وعدم القبول بصيغة تقسيم السلطات بشكل متساوي بين المكونات الاجتماعية فيها أو إبقاء كركوك تحت سيطرة الحكومة المركزية أو جعلها تمثل إقليما بذاته يعكس إلى حد لا يقبل الشك ولو بنسبة 1% بأنهم يتجهون نحو الخطوة الأخيرة في مخططهم و هي "حق تقرير المصير" عبر استفتاء صوري تجريه الأحزاب الطرزانية يكون نموذجا للديمقراطية الأمريكية للأقليات في المنطقة ولذلك فان ضم كركوك يعد ضمانة ولادة الدولة الكردية.
5. إننا نعتقد وبتواضع إن قانون الانتخابات سوف يمرر والاتفاقية الأمنية ستمرر وكركوك ستضم إلى كردستان لسبب بسيط جدا وهو إن ما يجري اليوم ما هو إلا تنفيذا لمخطط مسبق تم عليه في مقررات مؤتمري لندن وصلاح الدين بين مكونات هذه الجوقة فضلا عن تنفيذها وإيفائها بالاستحقاقات التي بذمتها تجاه إرادة المحتل وأهدافه الإستراتيجية من عملية احتلال العراق ولعل احد أهم العوامل الدافعة نحو ذلك هو ضعف حكومة المالكي التي لا تمتلك القدرة على إرسال قوات من وزارة الدفاع أو الداخلية إلى محافظة كركوك التي تسيطر عليها قوات البيشمركة الكردية.


ولكن يبقى السؤال هنا إذا ضمت كركوك إلى"كردستان" فلماذا اذاً يصار إلى انتخابات محلية؟
علينا وقبل الإجابة على هذا السؤال أن نبين أن الحزبين الكرديين يصران على إقحام قضية كركوك وتحديدا المادة 140من دستور الاحتلال ضمن موضوع الانتخابات وعدم القبول بصيغ تقاسم السلطة في هذه المحافظة على أساس نسبي توافقي وهو ما أشارت إليه المادة 24 من قانون الانتخابات الذي نقضه ضخامة الرئيس وأعاده إلى البرلمان ما هي إلا محاولة ابتزاز سياسي تقوم بها هذه الأحزاب بالتحالف مع دعاة إقليم الجنوب وبانتهازية بعض دعاة إقليم الغرب للمكونات التي تمثل الهوية العربية والتركمانية والتي ترفض هذا الأمر من داخل جوقة البرلمان وفرضه على كل العراقيين كأمر واقع عليهم القبول به. وعودة إلى سؤالنا انف الذكر فإننا نعتقد بتواضع أن ضم كركوك تحت أي صيغة سيكون الخطوة الأولى نحو تقسيم العراق ونشوء أقاليم يمثل كل منها نواة لدولة قادمة وأي من هذه الدول سوف لا تحكم إلا من خلال دكتاتوريات بعضها "دكتاتوريات عائلية" ستوصف نفسها بأنها قوى وطنية ناضلت من اجل قيام دولها ولذلك فهي تمتلك الفضل على الآخرين والأولوية في القيادة وهو ربما ما سيحصل في الجنوب أو "دكتاتوريات شوفينية عنصرية" لأحزاب في الشمال أو حكم و "دكتاتوريات قبلية عشائرية طائفية بعباءة دينية" في إقليم الغرب. فلماذا اذاً تقوم هذه الانتخابات التي يتباكون عليها باسم الديمقراطية والعراق الجديد إذا ما كان الهدف نشوء مثل هذه الدكتاوريات؟
ومن هنا فان دور القوى الرافضة للاحتلال في هذا الظرف الخطير كحد أدنى هو فضح مخططات تقسيم العراق ودور كل طرف من الإطراف المشاركة في هذه العملية أمام الشعب العراقي من خلال كل الوسائل المتاحة وتعبئته بهدف التعبير عن رفضه لهذه المخططات ولفت أنظاره إلى القضية الأهم وهي اتفاقية العار مع الولايات المتحدة وبالتالي إلى حجم المؤامرة التي تحيكها الدوائر الصهيونية والفارسية والأمريكية وهي في الوقت ذاته فرصة لبعض المنخرطين فيما يسمى بـ" العملية السياسية" لأن يثبتوا حقيقة عراقيتهم وعروبتهم والخروج عن إطار التمذهب والتحزب الضيق نحو موقف أرحب و وأوسع سعة سماء وارض العراق الواحد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن