مشاهير المبدعين يؤلفون على ضوء الاوهام !

نجاح العلي
najahh2000@yahoo.com

2008 / 8 / 10

الجنون الإبداعي تسمية يمكن ان تطلق على بعض المبدعين، فالكثير من المشاهير لهم ممارساتهم وطقوسهم الغريبة وغير المفهومة بالنسبة لنا نحن معشر البشر، فهؤلاء يعتقدون ان ممارساتهم وطقوسهم توصلهم الى حالة الإلهام من اجل ابتداع فكرة او ابتكار اختراع او انجاز عمل فني، فتبدو تصرفاتهم جنونية او هكذا تبدو لنا ببصيرتنا المحدودة، لأن من يقوم بها شئنا ام ابينا هم صناع الحياة في العلم والأدب والفلسفة والإبداع الفني. فالكاتب تشارلز ديكنز 1812-1970الذي يقول (ان أجمل الأشياء في العالم ليست الا ظلالا وخيالات) فكان هذا القاص الانكليزي يحرك سريره باتجاه الشمال معتقداً ان هناك قوة خفية تأتي من الشمال تساعده على استنباط فكرة او إبداع شيء ما. اما الموسيقار الألماني الشهير بيتهوفن 1770-1827فكان يصب الماء البارد على رأسه معتقداً ان هذا الماء ينشط عقله ويفعل ويحرك إفرازات أفكاره، نجده في أحيان أخرى يهم باختراق الجموع البشرية غير مبال بذلك وهو بهذه العملية يهيئ نفسه للتأليف الموسيقي. اما الكاتب الفرنسي الشهير جان جاك روسو 1712-1778فكان لا يكتب الا وهو عاري الرأس وتحت أشعة الشمس، إذ يبدو ان أشعة الشمس كانت تثير إبداعاته الفكرية، مع العلم انه كان لا يكتب الا في أوقات الصباح. في حين نجد الكاتب مارك توين بحاجة الى سرير قبل ان يهم بالكتابة، ويمثل له السرير حالة إلهامية تقوده الى استنباط أفكاره وتوفر له إمكانية لانطلاق إبداعاته في الكتابة. ونرى الكاتب مارسيل بروست لا يكتب الا في غرفة هادئة ومعزولة عن الصوت تماماً ومغلقة بعازل صوتي سميك وباحكام، ويقوم كذلك بملء هذه الغرفة بالمطهر والمعقمات وبهذه الطريقة يزداد إلهامه في الكتابة. اما الموسيقار الايطالي روسيني 1792-1868فقد كان يغطي جسده من رأسه إلى أخمص قدميه عندما يروم بتأليف مقطوعاته الموسيقية. في حين نجد الكاتب صموئيل جونسون يبدأ قبل الشروع بالكتابة البحث عن فكرة من خلال استدراج أصوات القطط، فصوتها بالنسبة إليه يحرك إبداعاته في التأليف. بينما الشاعر الاسباني رفائيل البيرني كان يكتب منطلقاً من حالة حسية مفرطة من حالة الخوف الشديد من السيارات . اما الطقوس الخاصة بالإبداع لدى الروائي هوبكنز فقد ارتبطت بمجيء الليل حيث كان يهم بالخروج من النافذة ليلتقط فكرة ما. وكان الكاتب ماريو بارجاس بوما يتمتع بالرقة والتنظيم، إذ كان قبل ان يكتب، يقوم بالتنزه بالحدائق بين الزهور والاشجار والنباتات بعدها يقوم بقراءة عدة صحف، وبعد الانتهاء من هذه الطقوس يهم بالكتابة واضعاً امامه دمى غير متحركة. اما إبداعات الشاعر بسلكر فكانت لا تنطلق الا مع رائحة التفاح، حيث يجد في هذه الرائحة السحرية ملاذاً لتحفيز إبداعاته الشعرية. ولا ننسى هنا ان نذكر ان ألبرت اينشتاين 1879-1955صاحب النظرية النسبية التي مازالت تحير العلماء حتى الوقت الحاضر والتي احتاج لوضعها عشر سنوات وحاز على اثرها على جائزة نوبل في الفيزياء 1921، كان يعاني من تصرفات جنونية في طفولته، وكان منغلقاً على نفسه وبطيئاً في تحصيل العلم لدرجة ان عائلته كانت تتساءل ان كان من الأفضل وضعه في مصح عقلي . اما الكاتب العربي العالمي الحاصل على جائزة نوبل في الآداب نجيب محفوظ الذي ودعنا قبل ايام فكانت له طقوسه وفلسفته الخاصة عند الكتابة التي يعتبرها عالماً آخر يشعر من خلاله بالاستمرار في الحياة حيث يقول :( كنت اكتب لا على أمل ان الفت النظر الى كتاباتي ذات يوم بل كنت اكتب وانا اعتقد إنني سأظل على هذا الحال دائماً) . اما الكاتب يوسف شاروني فله فلسفته الخاصة بالكتابة حيث كان يغير ويعدل في كتاباته اكثر من 20مرة قبل نشرها.اما الكاتب العراقي المبدع خضير ميري فقد قضى فترة طويلة من حياته في مصحة عقلية ببغداد ويقول ان فترة بقائه هذه ساعدته كثيراً في توفير له فرصة الاطلاع وقراءة مئات الكتب حيث كان لاينام الا ساعات قليلة جداً طيلة اليوم .وفي الختام ليس ببعيد عن هذا الأمر ان يطلق اسلافنا مثلهم(خذ الحكمة من أفواه المجانين) لان المشاهير كانت تنتابهم نوبات جنون، لكن لولا هذه النوبات لما تحقق لنا نحن الذين ندعي بأننا أناس أسوياء الكثير من الانجازات والإبداعات على مستوى العلم والأدب والفن. ولله في خلقه شؤون







https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن