الاسرار الحقيقية وراء استقلال كوسوفا

عقبة البطاح
oqpa_b@yahoo.com

2008 / 6 / 1

شهدنا فى المرحلة الأخيرة تغير فىوسائل الإعلام العالمية والتى أصبحت تنطق أسم كوسوفا باللألف على اللسان الألبان بدلا من كوسوفو بالواو على اللسان الصربى المحتل للإقليم يتحير البعض فى الأسباب الحقيقة وراء إستقلال كوسوفا ودعم الغرب لها على الرغم من كونه رفض أن يحقق نفس المطلب والدعم لمسلمى الشيشان وكانت الولايات المتحدة الأمريكية والتى عقدة صفقة إتفاق ودى جديدة خانت بفضلها حليفة العراق روسيا عراق صدام وتركته وحده ليواجه مصيره المحتوم بالإتفاق والمساعدة من المخابرات الإيرانية فكانت الشيشان لروسيا مقابل العراق للأمريكا وحلفائها أما اليوم فقد إختلف الحلفاء الأمس وأصحاب المعسكرين أصحاب الحرب الباردة القديمة ولكن ترى ما السر فى هذا الإختلاف فهل رقّ لتلك الدولة الوليدة ضمير أمريكا بعد غفوة طويلة عاشها في العراق وأفغانستان؟ أم أنّ ساكوزي فرنسا شعر فجأة بالحزن على آلاف الكوسوفيين الذين راحوا ضحايا المذابح الصربية ـ وهو الذي أعلن أنّه لن يضع يده في يد من لم يعترف بإسرائيل، التي تتسبب في قتل مئات المسلمين الفلسطينيين كل يوم جراء حصارها لغزة ـ فسارع بالاعتراف.

أم أنّ بريطانيا العظمى ـ صاحبت وعد بلفور الذي مهد للصهاينة في فلسطين، وما زالت يدها ملوثة بدماء العراقيين ـ رأت أنّ في اعترافها بكوسوفا تعويضًا للأخطاء التاريخية في حق المسلمين.

معلوم أنّ الغرب برافديه الأمريكي والأوروبي حرص ـ وخاصة بعد أحداث سبتمبر ـ على التضييق على المسلمين في الغرب، فقد سنت القوانين ووضعت مواد في دساتيرها، غايتها حصار المسلمين والتضييق عليهم، حتى حظروا على فتيات المسلمين لبس الحجاب، ومنعوهم من بناء المساجد.

فما الذي دفع الغرب بعدائه الشديد للإسلام، أن يدعم استقلال دولة غالبيتها من المسلمين؟ لا شك أنّ وراء هذا الموقف أسبابا خفية، ولا شك أنّ الهوية الدينية والقيم الغربية، تأتي في مقدمة الأولويات، إضافة إلى المصالح الاقتصادية والمالية.
كثير من البلاد تدعي الحرية والاستقلال، وأنّ لها سيادة على أرضها وشعبها، في الوقت الذي يوجد من يهيمن على قرارها السياسي، ويستنزف مواردها الاقتصادية والبشرية، ويضع لها نمط الحياة التي يجب أن تعيش عليه شعوبها، ويحدد لها أطر التفكير، ومعايير القيم.

فالاستقلال ليس مجرد عَلَمٍ أو حدود جغرافية أو حكومة لا تمثل إرادة شعبها، وإنّما هو سيادة حقيقية، ومرجعية حضارية، وانتماء حقيقي لهوية الأمة، وحكومة تُمثل تطلعات أمتها.

هل استقلت كوسوفا؟

تخلصت كوسوفا من السيطرة الصربية على مقدراتها، فهل تخلصت حقيقة من الهيمنة والسيطرة الغربية؟

وبصورة أقرب واقعية، فقد حرص الغرب على وضع كوسوفا تحت إدارة من الأمم المتحدة، بهدف إعادة بناء "كوسوفا"، من أجل ما يسمى استيفاء المعايير المسبقة للحصول على الاستقلال.

وتقود تلك الإدارة عملية التهيئة للاستقلال من خلال إعداد نخب قومية وعلمانية قوية ذات توجه غربي، يكون هدفها تطبيق المعايير الأوروبية، وتجعل من الاندماج في الاتحاد الأوروبي هدفًا أساسيًا لها بعد الاستقلال.

وهذا ما أشار إليه مستشار البيت الأبيض لشئون البلقان "كارلس إنجليز"، بقوله: "ألبان كوسوفا يريدون الاستقلال عن صربيا، وهو الأمر الذي ترفضه بلجراد، إنّ تحديد الوضع النهائي لكوسوفا يجب أن يكون على أساس ما قامت به المؤسسات الكوسوفية من تطبيق المعايير الغربية التي وضعت لهذا الشأن".

وربّما تكون عملية إعداد الشعب الألباني المسلم، أو قل عملية تغيير هويته، هي السبب الذي من أجله أُجلت عملية الاستقلال، ودفع الغرب لوضع الإقليم تحت إدارته وحمايته منذ 1999 حتى فبراير 2008، ليتأكد أنّ خطته نجحت، ومعاييره طبقت، وإعادة تشكيل الهوية يسير في مساره الذي رسم له.

كل ذلك يعني أنّ الشعب الألباني المسلم بعد أن تخلص من احتلال القوة "الصلبة" الممثلة في صربيا، أصبح يواجه احتلال القوة "الناعمة" الممثلة في الاتحاد الأوروبي ـ وأمريكا.

الأسباب الحقيقة وراء اعتراف الغرب بكوسوفا:

1 ـ وعت أمريكا والغرب منذ الوهلة الأولى من حرب الصرب ضد المسلمين الألبان، أنّ هذه الطريقة في حرب المسلمين لن تجدي نفعًا، وأنّه ربّما يؤدي ذلك إلى عودة روح الجهاد لمنطقة البلقان، كما حدث في البوسنة والهرسك. ونرى ذلك جليًا حين فرضت واشنطن على جيش تحرير كوسوفا أن يحل نفسه، ويسلم أسلحته ويتحول إلى حزب سياسي، للحيلولة دون سيطرته على السلطة أو تشكيل جيش مسلم مستقبلاً، فسعت لوقف آلة الحرب الصربية، ثم عملت بعد ذلك إلى طمس الهوية الإسلامية وإذابتها، وأنّها في حال لو تُركت كوسوفا دون استقلال، فسيكون هذا أحد العوامل التي ستُزْكي مشاعر الانتماء إلى الهوية الإسلامية، والإحساس بالظلم والاضطهاد الدائم، سيكون هو الموقد الذي يأجج الحماس للعودة للإسلام والتمسك به.

فكان التدخل العسكري ثم الاعتراف الرسمي من قبل الغرب باستقلال كوسوفا، كحركة استباقية لمنع الشعب الألباني من الالتفات والعودة إلى هويته وجذوره الإسلامية.

2 ـ كذلك حاولت أمريكا ومن ورائها الاتحاد الأوروبي تعظيم فكرة وجود "مسلمين معتدلين"، أو ثقافة إسلامية على الطريقة الأوروبية في منطقة البلقان.

وهذا ما يفسر القيود الداخلية من قبل حكومة كوسوفا نفسها على التيارات الإسلامية، بغية إزالة أي مخاوف غربية، وكذلك فرضت قيود أوروبية مماثلة عبر القوات الأوروبية على أي أنشطة لتيارات إسلامية ووصم أي أنشطة تهدف للعودة للدين بأنّها متشددة.

3 ـ هيمنة أوروبا، ومن ورائها أمريكيا، على الفناء الخلفي الروسي، واختراق متواصل للشرق الأوروبي، لمحاصرة روسيا قبل أن تستعيد عافيتها وتسعى للعودة للإرث الإمبراطوري السوفيتي القديم.

إضاءة على دعم روسيا للصرب:

تأتي الرابطة الدينية في مقدمة الروابط التي تصل روسيا بصربيا، فبعد انهيار المنظومة الشيوعية التي كانت لا تقيم وزنًا لأي دين، بدأ الشعور الديني يتنامى، ومن هنا جاءت أهمية هذه الرابطة، فالروس كالصرب ينتمون إلى الطائفة "الأرثوذكسية" خلافًا لأغلبية دول أوروبا الغربية التي تنتمي إلى المذهب الكاثوليكي أو البروتستانتي.

أما الروابط القومية، فتتمثل في كون الصرب والروس ينحدرون من قومية واحدة هي القومية "السلافية" واللغة الروسية قريبة في مفرداتها من اللغة الصربية، في حين ينحدر مسلمو كوسوفا من القومية الألبانية.

وأخيرًا، تبرز أهمية المصالح الاقتصادية والسياسة في أنّ روسيا تريد الاحتفاظ بموطأ قدم لها في أوروبا الشرقية، تحاول من خلاله فك الحصار الذي يطوقها يومًا بعد يوم من خلال اتساع النفوذ الأمريكي في المنطقة وانضمام أوروبا الشرقية إلى الناتو.

4ـ وبجانب ما سبق، فإن هناك حقيقة أخرى تجعل كوسوفا مطمعًا للغرب وتحد من محاولات إقامة دولة إسلامية، ألا وهي الخيرات الكثيرة التي تنعم بها ويتوقع أن تصب في صالح الاتحاد الأوروبي.

فكوسوفا رغم أنّ مساحتها لا تتعدى حوالي 11 ألف كم2، إلاّ أنّها تعتبر من أخصب المناطق في البلقان وأغناها بالثروة المعدنية، حيث إنّه على مستوى الاتحاد اليوغسلافي السابق كان هذا الإقليم ينتج وحده ما نسبته 75% من الرصاص والزنك و60% من الفضة و50% من النيكل و20% من الذهب.

كما تحتوي على 100% من احتياطي البسموس و79% من احتياطي الفحم و61% من احتياطي المغنيسيوم، وتوجد في كوسوفا أيضًا كميات كبيرة من البوكسيت الحديدي والجاليوم والحديد والنحاس والزئبق وتزرع القمح والشعير والشوفان وزهرة دوار الشمس والبنجر، وبالنظر إلى تركز كل هذه الثروات الطبيعية فيها، كانت دومًا هدفًا للطامعين على مر التاريخ ويرجح أن يستمر هذا مستقبلاً.

وأمام ما سبق، يتفق كثير من المراقبين أنّه في ظل حاجة أوروبا وأمريكا لإخماد أي نزعة دينية عند الكوسوفيين، وطمس الهوية الإسلامية لذلك الشعب المسلم، كان يجب التدخل للسيطرة على ذلك الإقليم بالقوة "الناعمة" والتي تأتي عبر التدخل بأساليب الغزو الفكري، والتلويح بجزرة الاستقلال أو عصا صربيا.

إنّ القضية الأهم التي أصبحت محل إجماع بين أوروبا والولايات المتحدة، هو وجوب إعلان دولة مستقلة تسمى "كوسوفا"، لكن بدستور علماني وهيمنة مسيحية.


وخاصة أنه إضافة إلى ما سبق تم إكتشاف البترول فى إقليم كوسوفا وهذه الثروة النفطية لا يجب أن تكون فى يد أعداء المعسكر الغربى وخاصة حلفاء الأمس وأعداء اليوم كذلك يدفع الغرب بها الإستقلال كوسوفا بعد المطالبة بأرضها المغتصبة فى صربيا حيث كوسوفا الشرقية والتى مازالت محتلة وتعرف فى صربيا بإقليم وادى البرشيا وإسكوبيا عاصمة مقدونيا اليوم والتى كانت عاصمة كوسوفا قبل الحرب العالمية الأولى وغرب اليونان وشمال صرب الجبل الأسود وكلها أرض كوسوفية مقتطعة من كوسوفا فهذا الإستقلال كان ثمنه تنازل المسلمين فى الجزء المستقل عن أرضهم التاريخية وما فيها من شعب مسلم ...



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن