حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية، والبيئة، والموروث الديني.....34

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2008 / 4 / 17

إلى:
• الحوار المتمدن في جرأة طرحه للمواضيع الشائكة، والساخنة، التي تقف وراء حركة الفكر التي لا تنتهي.

• كل امرأة ناضلت من أجل إعادة النظر في القيم التي تكرس دونيتها.

• من أجل امرأة بمكانة رفيعة، وبقيم متطورة.

• من أجل كافة الحقوق الإنسانية لكافة النساء.

دور التقاليد العشائرية، والاجتماعية، في تحقيق فرض الحجاب:.....20


وبعد وقوفنا على أسباب اعتماد المعارف التقليدية معارف جامدة، وعلى أثر ذلك الجمود على التقاليد في مستوياتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، نجد أنفسنا أمام سيل من الأسئلة المتمحورة حول الحجاب. وهذه الأسئلة هي:

ـ ا دور علاقة التقاليد بالمعرفة الجامدة على "الحجاب"؟

ـ هل يمكن أن يصير "الحجاب" جامدا، أيضا، لا يتطور؟

ـ هل يتطور "الحجاب" بناء على تطور التقاليد؟

ـ أم أنه سيزداد تخلفا انطلاقا من طبيعة المعارف التقايدية؟

غن التقاليد، في عمقها، لا تعنى إلا الجمود. والمعرفة الجامدة تصوير جامد لتلك التقاليد، ولما كانت عليه في الزمن الماضي، في أفق إعادة إنتاجها على جميع المستويات، وفي جميع المجالات، حتى يتم إعادة إنتاج نفس التشكيلة الاقتصادية، والاجتماعية، بقيمها الثقافية، وبعاداتها، وتقاليدها، وأعرافها. ولذلك، فعلاقة التقاليد بالمعرفة الجامدة هي علاقة:

ا ـ تبعية؛ لأن التقاليد، في جمودها، تاتي نتيجة لطبيعة المعرفة التقليدية الجامدة، التي تتحكم في صياغة تلك التقاليد على أرض الواقع، نظرا لقداسة الماضي.

ب ـ توافق، لأن حرص الناس على المحافظة على التقاليد المعبرة عن هوية الناس في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، تأتي متوافقة مع المعارف التقليدية.
ج ـ جدلية؛ لأن التقاليد تتفاعل سلبا أو إيجابا، مع المعارف التقليدية، مما يؤدي إلى التحول النسبي في كليهما.

وهذه العلاقة المتنوعة، في مستوياتها المختلفة، هي التي تقف وراء التأثير على حجاب المرأة، على مستوى البلاد العربية، وعلى مستوى باقي بلدان المسلمين.

فتبعية التقاليد للمعرفة التقليدية، يجعل الحجاب خاضعا للتقاليد من جهة، باعتباره جزءا منها، ومصاغا وفق ما تقتضيه المعرفة التقليدية من جهة أخرى، وباعتبار تلك المعرفة التقليدية معرفة دينية في نفس الوقت، حتى يصير الحجاب معبرا عن الارتباط بالماضي، وتجسيد ذلك الإرتباط بالدين الإسلامي، حسب فهم كل جهة فارضة للحجاب في هذا الدين الذي يبقى فهمه نسبيا، خاضعا للشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية القائمة في الزمان، والمكان.

وتوافق التقاليد مع المعرفة التقليدية، يجعل الحجاب، أيضا، يتوافق مع المعرفة التقليدية، ومع ضرورة استحضار اختلاف هذه المعرفة التقليدية من بلد إلى آخر، ومن زمن إلى زمن آخر، من أجل أن يكون الحجاب مجسدا لطبيعة المعرفة التقليدية، ولخصوصية كل بلد على حدة، في نفس الوقت، حتى يصير التنوع الذي يعرفه الحجاب معبرا عن تنوع المعارف التقليدية، بما فيها تنوع المعارف المذهبية الدينية، وتنوع المعارف المؤدلجة للدين الإسلامي معبرا، كذلك، عن الخصوصيات التي تختلف في الزمان، وفي المكان.

وجدلية العلاقة بين التقاليد، والمعرفة التقليدية المؤدية إلى التحول النسبي في كليهما، يجعل الحجاب بدوره ينخرط في تلك العلاقة، ليعرف بدوره تحولا نسبيا، يقتضيه التحول في التقاليد، وفي المعرفة التقليدية.

واعتبار الحجاب تابعا للمعرفة التقليدية، أو متوافقا معها، أو متحولا تحولا نسبيا، تبعا لتحول المعرفة التقليدية النسبي، يقتضي منا:

ا ـ أن نعتبر الحجاب جامدا جمود التقاليد، وجمود المعرفة التقليدية، المعبر عن جمود الفهم المذهبي، أو المؤدلج للدين الإسلامي للنصوص الدينية، إلى درجة أن أي شكل من أشكال الحجاب، يعرف تحولا معينا، يعتبر خروجا عن التقاليد، وعن المعرفة التقليدية، وعن الدين الإسلامي.

ب ، أن نعتبر الحجاب متوافقا مع المعارف التقليدية الجامدة، التي لاتعني إلا جمود الحجاب نفسه، باعتباره جزءا من التقاليد، ومن أجل أن يتوافق مع المعرفة الدينية، باعتبارهامعرفة تقليدية، مع ضرورة استحضار التنوع الذي تعرفه المعرفة الدينية التقليدية المختلفة في الزمان، والمكان.

ج ـ أن نعتبر الحجاب متحولا نسبيا، تبعا لتحول التقاليد في علاقتها الجدلية التقليدية. إلا أن هذا التحول لا يلغى جمود الحجاب كمفهوم، ولكنه، في نفس الوقت، يتيح الفرصة أمام إمكانية تطوره، تبعا لتطور المعرفة التقليدية، وتبعا لطبيعة التشكيلة الاقتصادية / الاجتماعية القائمة في الزمان، وفي المكان.

وهذه الاعتبارات الثلاث، تتفق في جمود الحجاب كمفهوم من جهة، وتختلف في شكل ذلك الحجاب من جهة أخرى. إلا أن الاختلاف في الشكل، لا يلغي الجمود القائم في جوهر الحجاب.

وانطلاقا من جمود الحجاب في الجوهر، ومن امكانية تحوله في الشكل، يمكن أن نصل إلى أن الحجاب في جوهره، لا يتطور أبدا، لأنه يكرس دونية المرأة باعتبارها عورة، وفي أقصى درجة انحطاطها، خاصة وأن التقاليد التي لا تكون إلا جامدة، لا يمكن أن تنتج إلا فهما جامدا للحجاب، إلا في حالة دخول التقاليد في علاقة جدلية مع المعرفة التقليدية، فإنها حين ذاك، يمكن أن تنتج إمكانية تحول شكل، أو أشكال الحجاب.

ونظرا لحالة التردي التي تعرفها الشروط الموضوعية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، فإن الحجاب بدوره لابد أن يعرف تدهورا على مستوى الجوهر، وعلى مستوى الشكل.

فعلى مستوى الجوهر، فإن الشروط الموضوعية المتخلفة، لا يمكن أن تنتج إلا تصورا متخلفا للحجاب، الذي قد يقضي بمنع المرأة من الخروج أبدا. وببقائها وراء الأسوار، وحرمانها من جميع الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. كما هو الشأن بالنسبة لتصور الطالبان للحجاب... وقد يقضي بمنع المراة من غظهار أي جزء من وجهها، أو يديها، أو رجليها، مما يعرف، عند "الفقهاء"، بأماكن الزينة.

أما على مستوى الشكل، فإن تأثير الواقع المتخلف في شكل الحجاب، يرتبط بطبيعة الطبقة الاجتماعية، التي تهتم بشأن الحجاب من وجهة نظر معينة.

فالطبقات الإجتماعية الميسورة: الإقطاعية، أو البورجوازية التابعة، أو البورجوازية، قد تستغني عن عمل المرأة. وبالتالي فإن المرأة ستبقى ملازمة للبيت. وإذا خرجت، فإن حجابها سيتخذ طابعا ينسجم مع طبيعة اعتبار المرأة متاعا، أو عورة.

أما الطبقات المحدودة الدخل، فإنها تعطي للحجاب تصورا آخر، ينسجم مع الحاجة إلى عمل المرأة، وبالتصور نفسه، الذي يتعامل مع المرأة على أنها عورة.

أما الطبقات الكادحة، التي لا تملك شيئا، فإنها لا تفكر في شيء اسمه الحجاب، بقدر ما تفكر في الحصول على قوت يومها.

وبناء على هذا الاختلاف في تصور الحجاب بين المنتمين إلى مختلف الطبقات الاجتماعية، فإننا نجد أن تردي الأوضاع الاجتماعية، لا يمكن أن يؤدي إلا إلى التأثير على الحجاب شكلا، وجوهرا، ليصير بدوره عنوان تخلف المجتمع.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن