كلها.....حياة

حسين عجيب

2008 / 4 / 15

بعد درجة من الألم_بعد اليقين من الخسارة، يغمض واحدنا عينيه ويبدأ في الدفاع الهستيري، ولا فرق بعدها بين صديق أو خصم أو عدو أو حبيب...، آليّة لا واعية تحكم السلوك والتفكير وحتى الأحلام.
في ذلك خبرتي الضاربة في السنين والأيام، مع البشر والكتابة وكل شيء.
توجد حالات طارئة، مختلفة....لكنها عابرة وأثرها شفّاف، يكاد لا يرى.
الصبر، هو الدرس الوحيد الذي يتردد عبر حواسّي وعقلي، الصبر الفارغ.
انتظار اللاشيء.
تقطيع اللحظة وتدويرها على ألف وجه.
.
.
ثم اخرج ضاحكا إلى الشارع والناس_وثغري باسم.
*
اليوم أجمل من البارحة!
يا لي من مفكّر عميق وشاعر ألمعيّ.
أول مرّة في حياتي_تخطر على بالي الفكرة_اليوم أجمل من البارحة، أجل.
في المرّة الثانية يحكمنا سحر المستقبل وأوهامه، وفي الأولى سجن الماضي السحيق.
اليوم، الآن، هنا....كلمات مفرّغة جوفاء، ما افلت من الأسرة والعائلة والمدرسة، أتى على بقاياه الضمير الشرس، ذلك القاتل الفظيع.
.
.
الخوف أعمق من الحبّ!
هذه الفكرة التي أرددها، مع الخبرات التي تسبقها وتليها، علاقتها بثقافة الحياة أقلّ من معرفتي بلغة الخمير الحمر.
*
كلها حياة....في السجن في المرض في الخوف في الحرمان، كما في الفرح والعشق والنجاح، صحيح كلها حياة. اللعنة على كلّ من ساهم ولو بمقدار"رأس إبرة" في شيوع هذا النمط من الفكر والكتابة.
.
.
أشعر بالفرح....ولكن
بدون تخدير ثلاثة أرباع عقلي وأعصابي، الخوف والقلق يغمران حواسيّ.
البارحة شربت_برميل عرق_ لأجرؤ على الاعتراف لنفسي، أنني في حالة جديرة بالاحتفال والفرح.
.
.
اليوم أجمل من البارحة ومن الغد أيضا.
أداعب وجهي. أحضن نفسي بحنان.
أنقسم إلى ثلاثة: مراهق وطفل وكهل.
وتتكرر الدراما السوريّة، المكرورة والمبتذلة والجارحة، على الدوام.
.
.
الفرح معطى الحياة الأول.
أنظر حولك يا حسين_ياحبيبي_يقول أحدنا لشقيقيه. حتى الدود والذباب والزيتون والعشب والوردة في حالة احتفال....الربيع يغمر بسنادا من كلّ الجهات.
ما الذي يشقيك إلى هذا الحدّ؟
.
.
قبل ثلاثة أيام، كتبت على أوراقي"اللعنة...صارت فرحتي في الفوز على صديق" خبّأتها في جيوبي وعلا رأسي الفارغ وارتفع، وكأنني أكتشف القارّة السابعة.
.
.
اليوم، ألوان المشهد وأبعاده وعناصره، كلّها في نسيج واحد، الفرح.
لم يعد يحزنني شعري الأبيض، ولا أسناني المعدنية، ولا النظارة المزدوجة....ولا إنكار دوري المعرفي_التنويري، وبالأخصّ دوري الريادي في كشف عالم الداخل، صرت راضيا مرضيّا رضيا.
كلها حياة، .....لأخرج إلى الاحتفال إذن...والله يستر.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن