ذكريات بمناسبة عيد تاسيس الحزب الشيوعي العراقي

جواد الديوان

2008 / 3 / 25

صور عدة علقت في الذاكرة للوالد العزيز خلف القضبان ومنها زيارة له في التوقيف، حفظت عندها كلمة المجلس العرفي دون معناها، وعاد مع البراءة ابان ايام عبد الكريم قاسم. وصور اخرى لزياراته في سجن البصرة بعد شباط الاسود 1963، وبرزت بعدها نقرة السلمان فلا زيارات ولا اخبار. لم استوعب حينها اسباب ذلك العقاب (السجن)، ووردت كلمة مجرم في نص الحكم ايام حكم شذاذ الافاق والجهلة بعد شباط الاسود 1963، خسئوا، فقد تحشدت لمحاربة ذاك الجمع قوى سياسية ودينية، ويلمس العراقيون هذه الايام دوافع تلك الافعال.
سلام على نبعة الصامدين
تعاصت على معول الكاسر
ووددت في هذه الايام رواية ذكريات عن الوالد العزيز ورفاقه. فقد ساهم في استقبال محمد حسين ابو العيس ونقله من قرب جسر الكزيزة (علامة معروفة في البصرة)، وبسيارة اللجنة المحلية (كانت هاتسن جيت وصفراء اللون). ووصل ابو العيس متنكرا يرتدي الدشداشة واليشماغ، وعانق والدي قائلا أنكم بانتظاري، ويضيف بانهم اخبروني من بغداد.
امضى حمزة سلمان فترة طويلة في دارنا ولحين سفره الى بغداد حيث انتخابات نقابة المحامين، فاعتقلته السلطات وقتها ونقل الى نقرة السلمان. وبعد شباط الاسود 1963 نقلوه الى بغداد واعدموه رحمه الله. ومرة طلب حمزة سلمان من والدتي اكلة التثخانة، وهي طبخة بصراوية من السمك المجفف (يتم تجفيف السمك على الحبل مثل الملابس) أي انها حساء السمك المجفف!. وكان الغداء تثخانة! وفي الليل يروي لزواره عن طعمها ولذة الاكل، فينادي باعلى صوته وصية (والدتي) طالبا ان تجلب القدر، ليثرد به ويكون العشاء، مستمتعا، واحتج ابو عوف حيث لم يبقى له شيئا من التثخانة، وقد سبق ان اثار منظر السمك المجفف على الحبل تعليقات واسعة.
رافق الوالد عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) الى تجمعات الاطفال ايام عيد، حيث يتم نصب المراجيح اضافة الى العاب اخرى بسيطة لتسلية الاطفال في الساحات الفارغة بين الدور. ولاحظ عبد الجبار ان الاهزوجة التي يرددوها تغيرت من ترديد "عمي وعمك باش اعيان" مع الصفقة البصراوية الخاصة، وباش اعيان عائلة ذات نفوذ في البصرة، تغيرت الى "صاروخ روسي بالسما" ابان حكم عبد الكريم قاسم. وربما كانوا معجبين بانطلاق الصواريخ الروسية للفضاء الخارجي. المرددون لتلك الاهازيج من بسطاء الناس، يترزقون بالمناسبة أي افراح العيد من تقديم المرح للصبية، والاطفال تعجبهم النغمة وهكذا. ولكن ذلك التغير يعكس رفض التسلط ونفوذ البعض، واحلام البسطاء.
ومن ذكريات الوالد مع عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) في زيارته بهو الادارة المحلية في البصرة، وكان البهو وقتها امام اسد بابل (تم تفجيره مؤخرا). وتشغل البهو وقتها نقابة المعلمين، وتقدم كل جمعة العاب تسلية مثل الدنبلة وغيرها. اوضح ابو سعيد حينها لجموع المعلمين، ان الشوارع والمقاهي فارغة يعبث بها الغير. واضاف انهم شريحة واحدة وتوجه واحد فما الهدف من التجمع بهذا الشكل. وبعدها لم يتجمع حشد في نقابة المعلمين بل شغلوا المقاهي والتجمعات الاخرى ليساهموا في نشر الافكار.
انها وقفة اكرام واجلال لهولاء الرجال في ذكرى تاسيس الحزب الشيوعي العراقي، فقد زرعوا حب الناس والعمل للمستقبل، وشجاعتهم مضرب الامثال لكل الاجيال
تعاليت من قدوة تقتدى
ومن مثل منجح سائر





https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن