سمو الوعي سمو للعدل والمساواة //10

ناجي نهر
najynahar@yahoo.ie

2008 / 3 / 16

الضرورة فى تقييم الموروث
لولا العقول لكان أدنى ضيغم
أدنى الى شرف من الأنسان - الرضي –
سمو الوعي فى الأثرة و تدني الوعي فى الذاتية :

نموذجان متناقضان ولدتهما شقيقتان فإختلفا فى الفكر والممارسة , كان الأول على درجة عالية من سمو الوعي فأصبح سموآ للعدل والمساواة , وكان الثاني ذاتي الوعي فأصبح متدنيآ فى العدل والمساواة , و إستولد وعيهما المتناقض قضية كبيرة مربكة لهما ولأنصارهما عاشت معهما و لا زالت بعدهما عائشة ,وبرغم الوف البحوث والدراسات التي كتبت عن هذه القضية فلا زالت تستحق البحث والدراسة التحليلية وفق شعار ""ضرورة تقييم الموروث "" بوعي علمي معاصر وليس بعلم حوزوي موروث يطمس أسرار الحقايق . لم يكن العامل الوراثي البايولوجي سببآ فى تناقض صفات الشخصين برغم أهميته فهما حفيدان لجد واحد غير بعيد عن التأثير الوراثي ولم تنقص أحدهما المعرفة المتداولة حيث كانا كاتبان للكتاب .
لقد كان السبب الأوحد فى تناقض صفات الشخصين مصدر وعيهما المختلف ,فقد ترعرع الأول فى واقع جماهيري كادح مظلوم ومستغل وقد سبر غور هذا الواقع وهو لم يزل فتآ يانعآ و تعامل معه بعلمية ومنهجية مدروسة أهلته ان يكون فيما بعد قائدآ عسكريآ باسلآ ومفكرآ ومنظرأ فى الثورة التحررية الجديدة التي إنطلقت كالنار فى الهشيم هادفة تحرير الأنسان المستعبد فى كل مكان ,فأصبح بذلك من أصحاب الرسالات الأنسانية واكتسب سجايا المناضل فى الأثرة والزهد والتضحية والأنسانية والصدق والفروسية ومكارم الأخلاق وتسامى فى ذاكرة الناس حيآ وميتآ واستقر من خلال هذه السجايا فى وجدان الناس وعقولهم و انتزع إعجاب الأعداء قبل الأصدقاء. .
اما غريمه الثاني فكان مصدر وعيه من واقع مختلف تمامآ فهو سليل العائلة الأرستقراطية التجارية المستغلة التي جمعت أموالها من سرقت جهد الآخرين وثبتت سلطتها وجاهها بالظلم المبنين واستقطبت طاعة الناس بالشعوذة والخسة والجبن والأنانية واللصوصية وتحويلهم الى آلات لصنع ملذاتهم الخاصة وردم نوازع فجورهم وفسادهم فأختزلوا ثقافة عصرهم بأنانياتهم الفردية وحبهم لذاتهم فلا ينظرون لما يكتنف واقع المجتمع من ويلات إلا من خلال مصالحهم التي لا يهتمون بغيرها قط وان هلكت الأرض وما عليها وقد تعامل الشخص الثاني مع هذا الواقع الذاتي وأفكاره التسلطية الخسيسة بحنكة ودهاء ومكر واستفاد منها واستولى على لحمة الكتف بمفرده فاجاع وأضر بجموع الناس فاستحق بذلك لعنة معاصريه وانحطاط صفاته فى ذاكرتهم وفى ذاكرت التاريخ حيآ وميتآ . وحينما حاول ان ينقذ سمعته الذاتية بالأدعاء الكاذب بأنه يسير على هدى الأفكار التي سار عليها غريمه الأول قتله زيف ذلك الأدعاء وهلك غير ماسوفآ عليه و أضحى مصيره الرذيل مصير كل الذاتيين الأنانيين متدني الوعي .
ان الحقائق والدروس المهمة التي إستخلصتها الدراسات والبحوث من ممارسات ثقافة الشخصين جسدت افرازات وتداعيات الثقافة الذاتية السلبية فى صفات الأول الدونية ومارافقها من غدر ونهب ودماء أما ثقافة الثاني وممارساته الذكية فكانت متناسبة مع وعي الجماهير المحيط به تلك الجماهير التي كانت بأنتظار القائد المنقذ الذي شخص بعبقريته الفذة ذلك الواقع بثقافته ومارساته التي كانت على النقيض مما جسدته ثقافة الثاني اللأنسانية فاضاف نقص الوعي عند الأول الأيجابية والمزايا العلمية فى العدل والمساواة للثاني ,ومن وحي تلك الصفات المتناقضة والسجايا السامية ولد هذا المقال كنداء الى طلائع الشعوب وعلمائها ومناضليها فى توسيع دراساتهم فى هذه المقارنات الثقافية وتقييم الموروث على أسا سها فليس كل المورث عديم النفع والفائدة ,فالصدق والأنسانية والأثرة والوفاء كانت وستبقى سدى لكل الثقافات ولحمة لتقدم كل الحضارات.
أما الدرس المستنبط الآخرى فى مثل هذه المقارنة المتواضعة فكثيرة منها : - - ان لا يقيم المثقف والعالم والأختصاصي الصالح والمفيد بوعيه للعام والخاص بحسب درجته ومنزلته الوظيفية وشهاداته الدراسية المرفوعة كشعار فحسب بل ان المقياس العادل ذلك الذي يكون محسوبآ بدقة رياضية وفق المساهمات النضالية الملموسة والمؤثرة فى تغيير الواقع العام نحو الأفضل . فالمثقف وفق ذاتيتة الأنانية ستكون ثقافته وبالآ مدمرآ لطموح الأنسانية ومسيرتها ولا تجلب لمعاصريها غير العار والدمار . , ان المحزن والمؤسف ان نرى الذاتية طاغية وهي وحدها ما يطفو على سطح الواقع وما نتلمسه فى كل مكان وتعج الدنيا ومعاهدها وأكاديمياتها واساتذتها واختصاصيها بنماذج لا تحصى من هؤلاء الببغائيين الدراخين الذاتيين الذين يحسبون النجاح والفشل فى تبؤ مكانة الجاه والمركز الرنان عن طريق الثعلبة الوطيفية والدبلوماسية المصطنعة ومسح الأكتاف وسد العيوب والمفاسد العامة للفاسدين والسارقين وليس بشئ غيره فكانت النتيجة تدمير آمال الناس وحقوقهم بما فيه تدميرهم و خسارتهم وفقدانهم الرصيد الثمين والحقيقي للأنسان الصالح . أن الأنسياق خلف وعي متدني على إرضاء الذات ينم عن تخلف حضاري وعقول ساذجة تشبثت بالموروث الضار وجمد ت متمسكة بنصوصه المناسبة لمصالحهم من اجل تغطية نوازعهم الذاتية . ان أثمن الدروس المستخلصة من هذه التجارب ومن غيرها والتي ينبغي على المناضل ان لا ينساها هي تلك التي تؤكد وبشكل دامغ على ان طبيعة التجار واحدة سواء كانت تجارتهم بضائع مادية اوبضائع روحية لأنها تنبع من منبع واحد ومصدرها الفكري والثقافي والأخلاقي واحد ومقاصدها واهدافها واحدة هي ( المنفعة الذاتية ) الغير مشروعة وان هذه الطبيعة متأصلة منذ القدم فى دماء التجار ولا يغيرها الكفن ولا الدفن وعلى الناس الصالحين فضحها واليقضة والحذرمن جاذبيتها وشرورها. وسأبقى يحدوني الأمل بقدرة الطلائع الواعية منع التجار من إستغلال طيبة بسطاء الناس وغسل عقولهم بالأوهام وتحويلهم جسورآ لأيصالهم الى تحقيق ذاتياتهم ومفاسدهم التي لو إطلع البسطاء الطيبون عليها لولوا منهم فرارا . لقد كان أجدادنا الفقراء لا يزوجون بناتهم للحرفين والتجار الصغارأوالكبار لمعرفتهم بذاتية هؤلاء التجارالنتنة التي لا تهتم بغيرمصالحها الضيقة وكانوا يدركون تمامآ بأن ام الكبائروأبوها مصدرها الأساس إفرازات الملكية الخاصة التي هي وحدها وراء مصائب الناس وتدمير آمالهم وأحلامهم وحقوقهم . لا زال امام طلائع التغيير عمل عظيم وجهود مضنية دؤوبة تمكنهم من تقليل نسبة المتورطين بالثقافة الذاتية الذين شوهوا وجه الحياة الجميل بمفا سدهم وضرورة تحريرالمخدوعين بهم . وانه لأمر يحز فى النفس حقآ أن تجد الذاتيون الأ نانيون النفعيون يشكلون الأكثرية فى واقع عالمنا الثالث المتخلف المبتلى بتخلفهم ومفاسدهم . فكم أتمنى ان لايكون لي أولاد خالة ذاتيون أو شلة من عقارب إخرى مماثلة إبتلي بعارها وشنارها . يتبع - -



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن