فصل جديد في قضية مستمرة

مها عبد الكريم
maha_a101@yahoo.com

2008 / 2 / 4

القضية ربما لا تبتعد كثيرا عن قضية الشهادات الدراسية المزورة التي أثيرت قبل مدة والتي طالت عددا من مسؤولي وموظفي الحكومة العراقية , وربما حلقة أخرى من حلقاتها وتدور في نفس فلكها
في شهر آب من العام الماضي قدمت طلبا للحصول على وثيقة تخرج مترجمة مع الدرجات إلى تسجيل كلية العلوم في جامعة بغداد وبعد تقديم المستمسكات المطلوبة ودفع مبلغ ألفي دينار رسوم عن كل نسخة مطلوبة أعلموني أن موعد استلام الوثيقة سيكون بعد شهرين لان وثيقة الدرجات يجب أن تختم وتصدق من قبل رئاسة الجامعة .. استلمت الوثيقة بعد انقضاء الفترة المحددة ,ولأني كنت بحاجة إلى وثيقة مصدقة من قبل الخارجية ولان إجراءات الكلية تقضي أن يكون تصديق الوثيقة في وزارة الخارجية بواسطة معتمد الكلية قمت بتسليم الوثيقة إلى المعتمد في نهاية شهر تشرين الأول من نفس العام (2007) ومع تسديد مبلغ التصديق وعدوني أن تكون جاهزة بعد أسبوع, وبعد ثلاث أشهر من المراجعات والمماطلة أخبرتني إحدى موظفات عمادة كلية العلوم أن الوثيقة ضاعت مع مجموعة أخرى من الوثائق تم تحديدها بوجبة 1/11 ..معتمد الكلية أخلى مسؤوليته من قضية فقدان الوثائق باعتبارها فقدت في وزارة الخارجية بعد أن قام بتسليمها وبالعودة إلى قسم التسجيل اخبرني مدير التسجيل الذي تسلم مهام عمله منذ فترة قليلة , انه استلم قسم التسجيل مع مجموعة مشاكل بضمنها قضية الوثائق المفقودة والتي وصل عددها إلى (600) وثيقة .. نعم ستمائة وثيقة وهو رقم غير قليل ولا يمكن أن يصنف تحت بند الإهمال أو التقصير من قبل موظف واحد..والوثائق المفقودة طبعا هي شهادات علمية في أقسام مختلفة لكلية العلوم تشمل بالتأكيد درجات كالماجستير والدكتوراه والسؤال كيف تعاملت الكلية مع هذه القضية وما هو مصير الوثائق المفقودة ؟؟؟.. مدير التسجيل يرى أن القضية هي نتاج تلاعب موظفين بهدف الاستيلاء على مبالغ التصديق وبالتالي إخفاء هذه الوثائق وعدم تسليمها إلى وزارة الخارجية..لكن الغريب في الأمر أن قسم التسجيل قام بتوجيه خطاب إلى وزارة الخارجية للاستفسار عن الوثائق المطلوبة فعاد الاستفسار مع إشارة الخارجية إلى أنها قامت بتصديق الوثائق وتسليمها إلى المعتمد الذي ينفي استلام الوثائق ويدعي أن موظفة أخرى كانت تقوم بوظيفة المعتمد سابقا هي التي قامت بتسلمها ولان وزارة الخارجية لا تمتلك سجل أو وثيقة مثبت فيها اسم الشخص الذي قام بتسلم هذه الوثائق بقيت القضية غامضة!!.. قسم التسجيل في كلية العلوم قام بخطوة ايجابية وذلك بتعويض أصحاب الوثائق بعمل وثائق جديدة دون رسوم طبعا بمعنى أن الكلية ستتحمل مبلغ لا يقل عن مليون ومائتي ألف لكن هذا لا يلغي الوقت والجهد المبذول للتعويض عن الوثائق المفقودة ولا يبعد غرابة استمرار أطراف القضية في وظائفهم مع اعتراف الجميع بحدوث الخلل !!

اعتقد أن الاستنتاج الأول والأكثر إلحاحا الذي يخطر لكل مطلع على هذه القضية هو أن تزويرا ما سيجرى على هذه الشهادات بأسماء وصور مستفيدين منها ليس فقط للحصول على وظائف في الدولة ولكن باعتبارها وثائق معدة للسفر يمكن بواسطتها وبنفس الطرق الملتوية والمشبوهة الاستيلاء على المنح التي تقدمها بعض جامعات العالم للعراق(عبر بعض الوزارات ) للدراسة فيها !!
ويبدو إننا ألان نواجه طرق جديدة للتزوير أكثر خطورة من الطرق السابقة التي تمثلت بمزورين يمتلكون عدة مئات من الأختام لدوائر مختلفة ويتمركزون في مناطق معينة ومعروفة للتزوير وكأن مرض التزوير الخطير اكتسب مناعة ضد الطرق الاعتيادية لكشفه ليصبح أكثر شراسة وعدوانية بحيث صار يهاجم أصحاب الشهادات الحقيقية ويسلبهم شهاداتهم وفرصهم للحصول على ما يستحقون من وظائف بكل وقاحة وبدون أدنى خوف من محاسبة ..وهذا يدعو للتساؤل عن عدد الحالات المشابهة في حالة حصولها في كليات أخرى على الأقل للتأكد أنها لن تصبح ظاهرة جديدة
هيئة النزاهة التي كشفت عن أعداد كبيرة جدا من هذه الشهادات المزورة والتي كانت حصة بعض الوزارات منها أرقام تصل إلى عدة آلاف , رغم إعلانها عن أعداد الشهادات المزورة أو إلقاء القبض على بعض المزورين ممن أطلقت عليهم اسم مزورين " الكبار " إلا إن إجراءاتها بحق المستفيدين من هذه التزوير بقيت تقريبا مجهولة إلا بعض الإشارات الخجولة إلى أن ملاحقة أصحاب الشهادات المزورة مازالت مستمرة وانه سيتم مطالبتهم بإرجاع الرواتب التي تسلموها على أساس شهادتهم المزورة

بقي أن أشير إلى أن قضية الشهادات الدراسية المزورة التي أحيلت إلى هيئة النزاهة كان من أبرز المتورطين فيها نواب في البرلمان ووكلاء وزارات ومحافظون لا زالوا مستمرين في الخدمة ويحصلون على رواتبهم ومخصصاتهم المالية من الدولة على أساس شهاداتهم المزورة التي ضموها إلى وثائقهم الرسمية حيث تحتفظ بها الإدارات العامة , وان هذه الشهادات كان يتم تزويرها من قبل مزورين وفي مناطق محددة ومعروفة مثل سوق مريدي ولذا فان اكتشافها يتم بسهولة كبيرة في حال الاستفسار عن صحة صدورها من تلك الدوائر، "لكنهم يرون أن هناك صعوبات كبيرة في كشف الوثائق والشهادات التي يتم استخراجها للسفر، لان "غالبية تلك الشهادات يتم تصديقها من وزارة الخارجية، التي تنبهت إلى الأمر في الآونة الأخيرة وحددت تصديق الوثائق بالمعتمدين لدى الكليات"!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن