الشاعرة المغربية حكيمة الشاوي، أو الأمل الذي يصيرمستهدفا من قبل مؤدلجي الدين الإسلامي.....21

محمد الحنفي
sihanafi@gmail.com

2008 / 1 / 30

الإهــــداء

 إلى الرفيقة المناضلة الحقوقية، والنقابية، والسياسية حكيمة الشاوي، في مواجهتها المباشرة، وغير المباشرة، لأزلام التطرف، والإرهاب، في فرادتها، وفي صمودها.

 من أجل مجتمع متحرر، وديمقراطي.

 من أجل أفق بلا إرهاب.

 من أجل قيام جبهة وطنية عريضة ضد التطرف، وضد كل الشروط الموضوعية المؤدية إلى قيمه.

 من أجل الدفع في اتجاه قيام مؤدلجي الدين الإسلامي بمراجعة ممارستهم النظرية، والمسلكية.

****************
الهجوم على الشاعرة مجرد وسيلة لتحقيق الأهداف الاستراتيجية:....5

وتحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، هو المدخل الحقيقي لتحقيق كرامة الإنسان. ولهذا الاعتبار، فمؤدلجو الدين الإسلامي يعارضون معارضة مطلقة، كل إعمال للحقوق المدنية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، وخاصة تلك التي تهدف إلى ضمان الشغل للجميع، لأنها ستقطع عليهم طريق إيجاد جيش المخاطبين، الذين يعملون على إعدادهم لليوم الذي يحققون فيه أهدافهم في تأبيد الاستبداد القائم، آو فرض استبداد بديل، والشروع في بناء الدولة الدينية، أو كما يسمونها: "الدولة الإسلامية"، بعد السيطرة على أجهزة الدولة.

وبذلك يتبين أن الغاية من الهجوم على الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، من خلال الهجوم على الشاعرة حكيمة الشاوي، ليس هو الحيلولة دون الإساءة إلى الدين الإسلامي، وإلى شخصية الرسول، من خلال رفض الإذعان لاعتبار الحرمان من الحقوق الاجتماعية قدرا، ولا كون الواقع لا يستجيب لذلك، ولا كون تفعيل الحقوق الإنسانية، ومنها الحقوق الاجتماعية، تتناقض مع الدين الإسلامي، ومع "الشريعة الإسلامية"، كما يراها مؤدلجو الدين الإسلامي؛ بل لأن هؤلاء المؤدلجين، إنما يدعون ذلك، من أجل إعداد المسلمين للتجييش وراءهم، في أفق تبيد الاستبداد القائم، الذي يخدم مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي، أو في أفق السعي إلى فرض استبداد بديل على المجتمع ككل، مما يجعل مؤدلجي الدين الإسلامي يدخلون مباشرة في بناء الدولة الدينية، أو العمل على بناء ما يسمونه ب "الدولة الإسلامية"، الأكثر استبدادا، والأكثر قمعا للمسلمين من أي دولة أخرى، كما ذهبنا إلى ذلك في غير ما مكان من هذه المعالجة.

ج ـ نبذ حقوق الإنسان الثقافية، باعتبارها حقوقا غير واردة في الدين الإسلامي من وجهة نظر مؤدلجي الدين الإسلامي، الذين يرون أن المسلين يجب أن يتشكلوا، وفق ما جاء به الدين الإسلامي، أي وفق ما هو موجود في الكتاب، والسنة، حسب تأويلاتهم لهما، وحسب ما هو مدون في الشريعة الإسلامية.

ونحن نعرف أن الثقافة، في جوهرها، هي عملية التفاعل الدائم، والمستمر، بين القيم المنبعثة من مكونات مخلفة، لإنتاج قيم جديدة، ومتطورة، ومتفاعلة، في نفس الوقت، مع باقي القيم المتجددة، والمتطورة، الصادرة عن المكونات المختلفة، والقائمة في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، حتى يستمر الإنسان المتفاعل في الأصل مع مختلف القيم، والمجسد لها على أرض الواقع متطورا باستمرار.

والذي نعرفه، ويعرفه معنا عامة الناس، وخاصتهم، من المتمكنين من المعرفة العامة، والخاصة، العلمية، وغير العلمية، الدينية، وغير الدينية، الفلسفية، وغير الفلسفية، الفكرية، وغير الفكرية، الفنية، وغير الفنية، التاريخية، وغير التاريخية، أن القيم الثقافية تتكثف في شخصية الإنسان، بحسب مستوى معرفته.

فالإنسان الجاهل تكاد تكون ثقافته بدائية، لأنه لا يقرأ، ولا يكتب، ولا يفهم الظواهر المختلفة التي يحتك بها، ولذلك فالقيم الثقافية، التي تتبلور في شخصيته، تبقى بسيطة، وبدائية، وتأتي عن طريق التقليد، والاحتكاك المباشر اليومي، بالمحيط الذي لا يكون إلا محدودا في الزمان، والمكان، مما يجعل شخصية الجاهل تتخذ طابع الثبات. فهذه الشخصية لا تكاد تظهر عليها علامات التطور، والتحول، مما يجعل مختلف مراحل عمرها تتخذ نمطا واحدا، تقريبا، رغم التحول الذي يعرفه الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، وبالرغم ما يمكن أن يحصل فيه. ولذلك فمؤدلجو الدين الإسلامي، يرون في كثرة الجاهلين في المجتمع ما يخدم مصلحتهم، فيسعون إلى التأثير فيهم، نظرا لمعرفتهم البسيطة التي لا تتطور هي بدورها، والتي يدركون بساطتها وثباتها في نفس الوقت، ولحرص حامليها، من المؤدلجين، على عدم تفاعلها مع الواقع المتحرك، حتى يحافظوا على ثباتها من أجل سلامة التأثير في المتلقين من الجهلاء، الذين لا يعرفون إلا، ولا ذمة، فينقادون وراء مؤدلجي الدين الإسلامي؛ لا لأنهم يقتنعون بأدلجتهم للدين الإسلامي، بل لأن ما يتلقونه من بساطة المعرفة المؤدلجة للدين الإسلامي، توحي لهؤلاء الجهلاء من النساء، والرجال، بان ما يتلقونه، وما يستوعبونه، وما قد يقومون به، بسبب انسياقهم وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، وقبولهم بالتجييش، الذي يفرضونه على أتباعهم وتنفيذهم للأوامر التي يتقونها منهم، حتى وان كانت تقضي بالقيام بالأعمال الإرهابية، التي تحرق الأخضر واليابس، سيجعلهم يحتلون مكانة رفيعة عند الله في الحياة الأخرى، وكأننا لازلنا في مرحلة البعثة النبوية، في الوقت الذي يصير فيه مؤدلجو الدين الإسلامي محتلين للمكانة الرفيعة في الحياة الدنيا، بوقوفهم إلى جانب الاستبداد القائم، وعملهم على تأبيد ذلك الاستبداد، أو بوصولهم إلى إقامة استبداد بديل، ليتربعوا على رأس الدولة الدينية، بعد سيطرتهم على أجهزة الدولة الإيديولوجية، والقمعية، والسياسية، التي يوظفونها في إقامة الدولة الدينية، التي يسمونها: "الدولة الإسلامية".

ولذلك فمؤدلجو الدين الإسلامي، لا يسعون إلى تعميم التعليم، وإلى انتشار المعرفة المعمقة، وإلى إسهام الجميع في تنمية تلك المعرفة، لأنهم يحرصون على استمرار سيادة الجهل، والأمية، حتى يساعد الجهل، والأمية على تنميط المسلكية الفردية، والجماعية، وفي جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، باعتماد قيم ثقافة أدلجة الدين الإسلامي، في عملية التنميط تلك، ونفي قيم جميع الثقافات الأخرى في التعامل مع الجهلاء: نساء، ورجالا.

والإنسان الابتدائي المعرفة، تبقى معرفته بسيطة، إن لم يعمل على تنميتها، في أفق تحولها إلى معرفة متوسطة. وهذا النوع من البشر غالبا ما يكون مريضا بالجهل المركب، الذي يقتضي ادعاء معرفة شيء غير معروف. فهو غالبا ما يكتفي، وبسبب ضغط متطلبات الحياة، بالمعرفة الابتدائية التي تجعل القيم التي تحلى بها في مسلكيته، لا تتجاوز أن تكون بدورها بسيطة، وشبه بدائية، إلا أن هذا النوع من البشر، غالبا ما يتميز بالممارسة الانتهازية، في بدائيتها، وتخلفها، كقيم تنم عن رغبة في استغلال الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي؛ ولكن دون إدراك أبعاد الممارسة الانتهازية البدائية، والمتخلفة، والتي غالبا ما تقود إلى القيام بأعمال إجرامية، للانتقام من المجتمع الذي حرمهم من حقوقهم في استكمال تعليمهم، وتحقيق تطلعاتهم.

وهكذا نجد ان مؤدلجي الدين الإسلامي يركزون غالبا على هذا النوع من البشر لاعتبارين:

الاعتبار الأول: أن هذا النوع من البشر يستوعب، بسرعة، الخطاب المؤدلج للدين الإسلامي، ويعمل على إشاعته بين الأميين الجهلاء، وبالبساطة المطلوبة، لجعلهم ينحشرون، وبالسرعة المطلوبة، وراء مؤجلي الدين الإسلامي.

والاعتبار الثاني: الطبيعة الانتهازية لهذا النوع من البشر، الذين ينصاعون، وبالسرعة المطلوبة، وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، من أجل احتلال المراكز المتقدمة، حتى ولو أدى الأمر إلى تنفيذ الأوامر الصادرة عن مؤدلجي الدين الإسلامي، والقاضية بممارسة الأعمال الدنيئة، والمنحطة، التي تجلب الأموال الطائلة، بما في ذلك الإقدام على تنفيذ العمليات الإرهابية، أو الإشراف عليها من بعيد، مهما كان نوع تلك العمليات، في أفق العمل على تأبيد الاستبداد القائم، أو العمل على فرض الاستبداد البديل، الذي يرفع شأن مؤدلجي الدين الإسلامي إلى مستوى السيطرة على أجهزة الدولة الدينية.

وبناء على هذين الاعتبارين، فمؤدلجو الدين الإسلامي يعتبرون هذه الفئة الحاملة للمعرفة الابتدائية مهمة، وأساسية، لا تحتاج إلى أدلة مقنعة، من أجل إقناعها بأدلجة الدين الإسلامي، ومن أجل العمل على تروجها بين الأميين، من أجل توسيع قاعدة المجيشين وراء مؤدلجي الدين الإسلامي، كما أنها لا تحتاج إلى مجهود كبير، من أجل جعلها تقتنع بتنفيذ الأوامر التي تتلقاها من مؤدلجي الدين الإسلامي، ومن أجل إقناعها بضرورة القيام بمختلف الأعمال الدنيئة، والمنحطة، التي يمارسها عادة المجيشون وراء مؤدلجي الدين الإسلامي.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن