رسالة إلى الحكيم (سمير جعجع)

عبد الغني مصطفى
abdulgheni@yahoo.com

2008 / 1 / 21

أفيد القارئ بأنني أوجه رسالتي إلى هذا الرجل تحديداً دون رفاقه من قادة تآلف 14 آذار لأنه الوحيد بينهم الذي يرى ألا سبيل إلى المشاركة مع فيلق من الحرس الثوري الإيراني وهو حزب الله أو عصابة تتبع النظام المخابراتي في دمشق مثل حركة أمل. إنه الوحيد بينهم الذي يرى أن تآلف 14 آذار يجب أن ينجز الأهداف الكبرى لثورة الأرز مهما وضع على طريقها رجال النظامين الإيراني والسوري المعاديين لشعبيهما من عقبات.

الحكيم يعلم أكثر مني أن التنازلات التي يقدمها تآلف 14 آذار لن تجدي سوى تشجيع حزب الله وحركة أمل على الذهاب بعيداً في عرقلة كل الحلول المقترحة لاجتياز الأزمة والتي بات واضحاً لكل ذي بصيرة أنها هي الهدف بحد ذاتها وليس حلها وفق أية شروط . إن أي مبتدئ في السياسة يدرك أن أي تقاعس في مواجهة الجماعات المؤتمرة بأوامر أعداء الشعب اللبناني إنما هو تفريط بحقوق اللبنانيين ليس في الحرية فقط بل وفي الحياة أيضاً.

المفرطون بحقوق الشعب اللبناني من زعماء تآلف 14 آذار يغمضون عيونهم عن حقيقتين في غاية الأهمية تتعلقان في صدقية الوقوف في وجه النفوذ الأجنبي وهما ..

1. أن حزب الله يستلم سنوياً مئات الملايين من الدولارات من سلطة الملالي في إيران بالإضافة إلى ترسانة من الأسلحة المختلفة تقدر قيمتها بالمليارات. لئن كان حزب الله يدعي كذباً بأن هذه "المساعدات" إنما هي للدفاع عن لبنان بوجه الأطماع الإسرائيلية فإن ملالي إيران لا يقدمون هذه الأموال لهكذا غرض مزعوم في حين أن ملايين الأفواه الجائعة في إيران هي أضعاف أضعاف ما هي في لبنان. ثم لو كان حزب الله صادقاً فيما يدعي فلماذا يسعى بكل وسائله المتاحة لإعادة الوصاية السورية على لبنان؟ ثم إن مجموعة نبيه بري لا تساوي أكثر من صفر مكعب في حال تخلي حزب الله أو النظام السوري عنها. فلماذا الإتجار بها وبزعيمها وهي المأجورة لطرفين وليس لطرف واحد كما الأجراء عادة.
2. الحقيقة الأخرى والتي تتجاوز بأهميتها الأولى هي الخطاب السياسي لتآلف 14 آذار الذي يتجاهل عن عمد معاش الشعب اللبناني المتردي على الدوام وذلك ليس لأية أسباب أخرى غير أنه لا يريد أن يفضح إستراتيجية حزب الله المستوردة من إيران بالطبع والتي تقتضي التضحية بمعاش الشعب اللبناني وصولاً إلى حرقه في مواجهة الولايات المتحدة الأميركية ولنا في حرب تموز 2006 مثال لذلك. لماذا يسمح تآلف 14 آذار لما يسمى زوراً بالمعارضة لأن تدعي الدفاع عن خبز الشعب اللبناني ومعاشه وهي هي سبب معاناته. في كل جملة وأخرى من خطاب تآلف 14 آذار يتوجب تذكير الشعب اللبناني بأن إستراتيجية مواجهة الولايات المتحدة الأميركية التي تعمل عليها العصابات المأجورة هي وحدها المسئولة عن تردي أحوال اللبنانيين، عن خبزهم وعن حليب أطفالهم. لماذا، لماذا يغيب هذا عن خطاب زعماء ثورة الأرز ؟ أليس من أجل تبرير تقديم التنازلات لعصابات سورية إيرانية؟؟
إنني أتهم زعماء تآلف 14 آذار ـ ولا أقول ثورة الأرز بعد أن خابت الآمال بالثورة ـ في أنهم يتجاهلون عمداً هاتين الحقيقتين اللتين لا يجوز التغاضي عنهما بحال من الأحوال من أجل تقديم تنازلات متتالية لأعداء لبنان والشعب اللبناني. كيف تجوز مشاركة المأجورين للأجنبي في إدارة مصالح الشعب اللبناني عداك عن الإستقلال والحرية؟؟

أيها الزعيم الحكيم، وأنت من لا يتنازل عن أي حق من حقوق السيادة والحرية والإستقلال للبنان، إنني أناشدك بالنيابة عن كل فقراء لبنان ومعوزية، عن الجياع وعن الأطفال الذين لا يجدون حليباً حتى في صدور أمهاتهم، أناشدك أن " تفلخ " عن المتخاذلين وأن تعلن ذلك بأعلى صوت من على رؤوس الأشهاد وستجد عديداً من رجال الثورة بجانبك من مثل إلياس عطالله وسمير فرنجية وفارس سعيد وغيرهم. لا تضننّ أن ذلك سيضعف من ثورة الأرز، العكس هو الصحيح؛ سيتنبّه المتخاذلون إذّاك إلى أنه لا يجوز الإستمرار في تقديم التنازلات التي لن تفلح إلا بتشجيع المتآمرين على الإستمرار في تآمرهم والصدوع لأمر الأجنبي. " إفلخ " وتوكل على الشعب الذي سيتبيّن أنك ما " فلخت " إلا من أجل خبزه وحليب أطفاله اللذين يقامر بهما نصرالله بزعم معاداة إسرائيل. " إفلخ " وقل لنصرالله وغير نصرالله إن من يعادي إسرائيل حقاً عليه أن يوفر الخبز لشعبه والحليب لأطفاله وبغير ذلك يكون مضللاً ومخادعاً للشعب، وما ضجيج عدائه إلا نفاق.

أيها الحكيم الزعيم نأمل منك، وأنت ابن الشعب، ألا تفصل خطابك عن خبز الشعب الذي بدونه لن يعود هناك أي معنى للحرية وللسيادة وللإستقلال.

مع فائق إحترامنا،
أخوكم/ عبد الغني مصطفى



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن