مقومات الأمن الوطني

جمال هاشم

2008 / 1 / 6

كانت النظريات الكلاسيكية للأمن ، تركز على مكافحة الإجرام بكل أنواعه عبر أجهزة الشرطة المختفلة ، وذلك بهدف توفير الطمأنينة للمواطنين والسهر على احترام القانون ، وحماية الأرواح والممتلكات ، لكن التطور الحضاري الذي حدث ، وسع من هذا المفهوم الضيق للأمن ، وأعطانا مفهوما واسعا يهم أغلب القطاعات فأصبحنا نتحدث عن : الأمن الروحي ، والأمن الغذائي ، والأمن الثقافي ... كما أن حماية أمن الأمة بمعناه الواسع ، لم تبق مهمة موكولة إلى جهاز متخصص هو جهاز الشرطة ، بل تعدد المتدخلون والمتعاونون من أجل حماية الأمن وتوفير السكينة والطمأنينة . فالإمام أو الخطيب الواعظ الذي يواجه الفقه المتشدد ، وينشر تصورا معتدلا عن الدين الإسلامي يساهم في توفير الأمن الروحي ، لأنه يقف في وجه كل من يريد أن يثير البلبلة ، بالخروج عن وحدة المذهب وإدخال تأويلات متطرفة تحدث الفرقة بين الناس ، كما تحول المسجد إلى ساحة للصراع السياسي ، بدل أن يبقى بيتا إلاهيا يتوحد فيه الناس تحت راية فهم معتدل للدين .ولايقل دور المثقف أهمية عن دور الواعظ ، خاصة إذا كان في طليعة المواجهين للفكر الظلامي المتشدد ، والمبشرين بقيم التسامح والتعايش ونبذ الكراهية . فالمثقف المتنور والصدامي ، ضروري في عصر انتشر فيه التأويل المتشدد للدين ، وانتشرت فيه التحليلات الشعبوية التبسيطية التي تلعب على وتر الأخلاق ، وتهادن الظلام . إن الأمن الثقافي لايتحقق إلا إذا تجاوز المثقفون أنانيتهم ، وانخرطوا في المشروع التحديثي ، وواجهوا تجار الدين بحزم وجرأة ، ولايمكن تنوير المواطنين وضمان أمنهم الروحي والثقافي إلا إذا لعب الإعلام السمعي ـ البصري ، والإعلام المكتوب دورهما الأساسي في نشر فكر التسامح والتعايش ، وفضح فكر الحقد والكراهية . ومن مهام الدولة كذلك ضمان الأمن الإقتصادي والإجتماعي ، عبر توفير شروط العيش الكريم وكل ضروريات الحياة من شغل وسكن وتعليم للمواطنين ، بالإضافة إلى سيادة العدل وتفعيل القوانين حتى يشعر الجميع أن دولة الحق تبنى بالمساواة بغض النظر عن المكانة الإجتماعية أو المالية ، فالوطن للجميع ولايمكن أن يحمى إلا من طرف الجميع . لقد قيل قديما : إن السجين لايدافع عن سجنه عند الضرورة ، لكن الإنسان يدافع عن أرضه وعن منزله ... وكلما شعر المواطن أن وطنه منزل كبير وليس سجنا إلا ودافع عنه بكل ما يملك ، وأصبح بدوره رجل أمن ينتبه إلى الأخطار المحدقة ، ويترصد التحركات المشبوهة ، ويساعد الأجهزة الأمنية في عملها وهي تتعقب الإرهابيين والمجرمين . إن سر تجذر الإرهاب في بعض الدول هو توفر المناخ المساعد وتوفر المتعاونين من الناقمين على بلدهم ، لكن المغرب والحمدلله تميز بانخراط المواطنين في حماية أمنهم ، وعزل الإرهابيين الذين بقي > فنجح العمل الإستباقي لأمننا في إفشال مخططاتهم الإجرامية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن