السعودية وفشل الوساطة القطرية في اليمن

محمد النعماني
nommany2004@yahoo.com

2007 / 12 / 29

بات من المعروف أن الوساطة القطرية قد فشلت بعد دخول السعودية على الخط في ظل تصريحات متبادل بين طرفي الحرب السلطة والحوثيين حيت تؤكد السلطة بلسان المستشار السياسي للرئيس صالح استمرار الوساطة القطرية ومطالبة الحوثيين لأمير قطر بتفعيل هذا الوساطة والتدخل لكي تقوم السلطة باحترام الوساطة القطرية وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه من بنود، والاتهامات المتبادلة بين الطرفين فيما يتعلق بتنفيذ بنود اتفاق الوساطة القاضي بإيقاف الحرب في صعده، حيت يؤكد الحوثيين عدم التزام السلطات بذلك.

عدد من المراقبين رأى أن الوساطة القطرية قد فشلت في إيقاف الحرب في صعده وأن الحرب الخامسة قد اندلعت في مناطق مختلفة في المحافظة، وأن ما ينقل من أخبار ومعلومات عن هجمات متبادل بين الحوثيين والجيش اليمني يؤكد بالملموس أن الحرب في صعده مازالت مستمرة حيت تشير أصابع الاتهام إلى السعودية التي كانت هي وراء عدم إيقاف الحرب وفشل الوساطة القطرية لاعتبارات سياسية وسيادية سعودية ترى أن أي تدخل إقليمي في هذه المنطقة الحدودية المتداخلة مع مناطق يمنية (سابقة) بسطت الرياض نفوذها عليها، مازالت مثار خلاف حتى اليوم.

وعلى الرغم من كل الاتفاقيات فيما يتعلق بترسيم الحدود اليمنية السعودية إلا أن هناك أصوات مازالت تصدر من هنا وهناك تؤكد بأن السعودية قد بسطت نفوذها علي العديد من المناطق اليمنية،وأن ضعف الدولة والسلطة اليمنية كانت لها الأثر السلبي علي قيام المملكة بفرض شروطها وإبرام اتفاقيات ترسيم الحدود اليمنية السعودية، مستغلة عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية في اليمن، حيث ربطت السعودية أي مساعدات تقدم لليمن بملف ترسيم الحدود ،ويبدو أن التاريخ قد عاد إلى الخلف إلى بداية الستينات أبان الصراع السعودي المصري علي اليمن لغرض تحقيق مصالح الرياض في اليمن علي حساب مصالح المصريين الذين شاركوا في دعم الثورة اليمنية منذ اشتغالها أيلول( سبتمبر )1962 وحتي العام 1967.

وشكلت السعودية آنذاك اللجنة الخاصة وهي معنية بالملف اليمني بشكل عام ويرأسها ولي العهد الأمير سلطان بن عبد العزيز، والتي بدأت نشاطها عقب قيام الثورة.
بعض التقارير الصحفية أكدت أن اليمن منزعجة من استمرار نشاط اللجنة الخاصة حيت كشفت صحيفة القدس العربي أن بعض المصادر أوضحت " أن السعودية ترصد لـ(اللجنة الخاصة) ميزانية سنوية تقدر بأكثر من 300 مليون دولار (أكثر من مليار ريال سعودي) تخصص لشراء ذمم اليمنيين كسب ولاء الشخصيات القبلية والسياسية المؤثرة ومحاولة استخدامهم للتأثير علي القرار اليمني، وعلي خلق جو من عدم الاستقرار في اليمن وذكرت أن حجم الدعم السعودي لليمنيين المشمولين في قائمة (اللجنة الخاصة تراجع إلي النصف تقريبا، بعد التوقيع علي معاهدة جدة الحدودية بين البلدين، غير أن حجم ميزانية اللجنة الخاصة علي ما يبدو لم تتراجع بعد، بدليل أن الرياض استأنفت تمويلها للمعارضة اليمنية في الخارج فجأة، بعد صعود الملك عبد الله بن عبد العزيز إلي سدة الحكم في السعودية علي الرغم من العلاقة المتميزة التي تربطه بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح منذ وقت مبكر".

أحد المصادر الوثيقة الإطلاع كشف لـ القدس العربي أيضاً " أن اليمن قد يضطر للمعاملة بالمثل إذا لم توقف السعودية نشاط (اللجنة الخاصة) في اليمن، وذلك من
خلال دعم صنعاء للمعارضة السعودية في الخارج، والذي سيلحق بالسعودية ضررا أكبر".

هذه المعلومات تكشف لنا الخلل القائم في العلاقات اليمنية السعودية وأن السعودية مازالت تمسك بأساليب العمل القديم بالحفاظ علي نفوذها في اليمن وتأثيرها علي القرار السياسي اليمني المرتبط بكل القضايا الساخنة ليس علي المستوى المحلي فقط ( الشأن اليمني ) ولكن علي مختلف المواقف اليمنية من كل القضايا في العالم .
وتدرك المملكة كامل الإدراك أن فقدان نفوذها في اليمن قد يؤدي إلى خلق مشاكل كثيرة لها، منها ما يتعلق بالسيادة اليمنية علي مناطق يمنية احتلتها السعودية والمطالب المستمرة لجماعات سعودية بإقامة دويلات صغيرة وإمارات مثل ما هو عليه اليوم في الإمارات العربية المتحدة ، كما تخشي السعودية من تواجد المعارضة للأسرة السعودية في اليمن والدعم الذي يُقدم لها في الخفاء من قبل جماعات يمنية لها علاقة بالسلطة وبقوى إقليمية ودولية.
كما أن اليمن اليوم تستخدم المعارضة السعودية كورقه ضغط على المملكة أمام دعمها للمعارضة اليمنية .

السعودية اليوم تدخل وبشكل قوي علي خط الوساطة القطرية وفي الملف الجنوبي والحرب في صعده وهي علي استعداد بكل تأكيد على استمرار وتقوية اللجنة الخاصة ورصد الميزانيات الخاصة بما يتعلق بالحرب في صعده وملف الجنوب . وخاصة أن هناك اتهامات قد تناولتها العديد من الوسائل الإعلامية بأن هناك دعم يقدم للحوثيين من قبل إيران وليبيا وجماعات شيعيه في البحرين وهي الأنباء الذي نفها كل من الحوثيين والحكومة اليمنية ممثلة بوزير الخارجية أبو بكر القربى .

واعتبر بعض المراقبين بأن ذلك تراجع عن الاتهامات الحكومية للحوثيين بحصولهم علي دعم إقليمي في الحرب التي خاضوها مع الجيش في صعده، والخوف اليمني السعودي من تدويل قضية الحرب في صعده الذي قد يؤدي إلى التدخل ا الدولي لإيقاف هذه الحرب الملعونة الظالمة ضد الأهالي في صعده، إلا أن الوزير لم ينفي الاتهامات بما يتعلق بحصول المعارضة الجنوبية علي دعم مالي ويبدو لنا اليوم أن السعودية استطعت الإمساك حثي الآن بملف الأوضاع في الجنوب وأن عامل الزمن سوف يلعب دور هام في تحريك الملف الجنوبي إلى جانب ملف صعده، وان الأيام القادم سوف تودي إلى إعادة رسم موازين القوى السياسية في اليمن وبكل تأكيد سوف يكون للسعودية الدور الهام والأساسي في ذلك وفي رسم المستقبل السياسي لليمن فهي تمتلك كافه الإمكانيات والوسائل المتعددة للتأثير المتعدد الاتجاهات داخل اليمن، حتى لو كان علي حساب قضايا تربط بالمصالح اليمنية والسيادة الوطنية ويبدو لي أن السعودية تسعي إلي شراء ذمم العديد من اليمنيين الآن أضعاف ما تم أثناء صراعها مع المصريين عقب الثورة في اليمن وهي تدرك بان ذلك ليس بالسهل في ظل ما يجري اليوم من صراع إقليمي ودولي علي خطوط الملاحة الدولية حيث أن الموقع الجغرافي الهام لليمن وبالذات باب المندب يؤهلها على المدى البعيد بأن تلعب دوراً هاماً في مستقبل أي تسويات قد تجري في العالم ومنها بما يتعلق بصراع النفوذ في العالم.
والكل يسعي إلي شراء ذمم اليمنيين وبين الشاري والبايع يفتح الله
فليفتح الله على كل اليمنيين .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن