عاشور الطويبى شعرية الصمت والسكون !

أحمد الفيتوري
afaitouri_55@yahoo.com

2007 / 12 / 18


حاوره :أحمد الفيتوري
كأن عاشور الطويبى مشغولا عن الشعر ولكن بالشعري ، هو الطبيب أستاذ الطب من يشغله الجسد وأوجاعه مشغول بأوجاع الروح فيبدو الشارد عن كل واردة ، هو فى المكان المشغول عنه مشتغل بالنمنمة وتنمل الحجري فيه ، هو فى الشعري فى السكون فى صخب الرتابة تأخذه عن الشوارد واردة ؛ نملة مثلا ؛ اصطفاق أجنحة فراشة مثلا ، طفولة يدغدغها الحبور مثلا ، مسحة حزن فى وجه بهي مثلا ، وطن مسفوحة دماء رماله .
كأن الشاعر عاشور الطويبى عزلة فى الشعر الليبي المعزول والمستبعد يعارك عزلته بمثابرة الشاعر ، وينهض بنص منفرد ومتفرد ، فهل هو خارطة الشعرية الليبية ؛ قبيلة القبلي التى تذهب لتعارك رياح الجنوب ولا تعود وتترك على الرمل آثارها ؟ .

الحوار

س1 : متى بدأت كتابة الشعر،كيف دخلت الشعر ، وكيف كان الشعر بالنسبة لك ، هل هو مشروع فى الثقافة أم لغة للروح أم نزوة تورطت فيها ؟ .

ج : أنا لا أعتقد أن للشعر بداية كما ليس له نهاية أيضا قد يكون - وهنا يبدو نوع من المبالغة - فى تصميم الجينات كما أن للتنشئة والتكوين الثقافي دور كبير ويبدو أيضا أن أول كتاب أو أول حكاية أو أول أغنية أو أول جملة شعرية يستمع لها الإنسان تكون هي المفتاح أو الدليل أو الإشارة التى تأخذ فى النمو فتظهر أحيانا وتختفي أحيانا أخرى .
على كل أنا لا أدرى متى بدأت كتابة الشعر لأنني لا أدرى إن كان ما أكتب شعرا أم غير ذلك ، لكن الاهتمام بالشعر كان فى فترة مبكرة جدا ؛ فى فترة تقترب من مرحلة الطفولة ، فالشعر بالنسبة لى كامن فى الحلم فى الحكاية التى تحكيها الجدة فى خرافة " أم بسيسى " فى سيف بن ذى يزن فى ألف ليلة وليلة فى الألوان ، ولا زلت أعتقد حتى اليوم أن الشعر فى الصورة ، الرسم ، النحت ، ملامح الوجه الجميل فالشعر مرتبط بكل هذا . لكن تحديد الشعر مسألة دقيقة وصعبة ، وقد دخلت عالم الشعر هذا من باب الدنيا الواسع بكل جمالها وبكل قبحها ، بكل برودتها وبكل حرارتها ، هكذا دخلت هذا العالم كما أنا عاشور الطويبى بما أرى وأسمع وما أحس فى هذا العالم الكبير .
وفى البداية كنت أعتقد أن الشعر لغة للروح ولكن منذ قرابة عقد من الزمان أعتبره مشروعا ، وأعمل أن يكتمل هذا المشروع ؛ كتابة هذا العالم شعريا وكما أراه وكما أحس به ولهذا المشروع وجهان : التعامل مع الشعر كمتلقي أي أن تراه وأن تحسه فيما حولك ، وتقرأه فيما يكتبه الآخرون . والوجه الآخر أن تكتب أشياءك ، أفكارك ، أحلامك ، تفاعلك ، مشاهداتك فى هذا الكون . ولهذا لا بد أن يكون لدى المرء الكثير من الرصانة ومن الجدية ومن الأعداد والاستعداد ، والأعداد المعرفي لابد أن يكون معرفة شمولية قدر الإمكان لأنه لا شيء يأتي من لا شيء ، فإذا لم تضع الماء فى القدح لن تشرب ماء بكل بساطة .

س2: ما الذى يعنيه أن تكون شاعراً ليبيا ،هل للشعر ملامح وخصوصية جغرافية تاريخية ، تضاريس لروح الوطن ، أم الشعر كون ولغة اللغات أم ماذا ؟

- الشعر كون ولغة اللغات هذا صحيح ، كما أن أي شيء هو كون ولغة اللغات ، المسألة بالنسبة لى شديدة الوضوح . أما أنني ليبي فهذه مسألة واقعية وأيضا ليس عليها اختلاف ؛ مسألة أنى موجود على هذه البقعة الجغرافية مسألة واقع وواقع أحبه . ولكنني لا أفكر كثيرا فى هذه المسألة : كوني شاعر ليبي أو غير ليبي ، فإذا ما نجحت أن أكتب شعرا يمكن للمتلقي فى أي مكان من هذا العالم أن يستجيب له ويتفاعل معه وأن يبتهج به هذا هو الأمر الهام أما ارتباط الشعر بالمكان فلا أرى له ضرورة أي المكان الجغرافي ، أما المكان التاريخي ؛ المكان التاريخ مهم كونه تاريخ وطن وتاريخ ثقافة وتاريخ ذاكرة وتاريخ حضارة . لكن هذا لا يعنى أنه وحيد فهنالك حولك ثقافات أخرى وحضارات أخرى وإبداعات عظيمة أخرى ، باختصار لا أرى بأن هذه المسألة تحتاج إلى تفكير فيها بشكل كبير . فالشعر له علاقة بالمكان هذا أكيد لأنه يقع فى حيز الزمان والمكان ولكن الشعر أيضا فى كل زمان وفى كل مكان ، فالشعر تتم الاستجابة له والتفاعل معه فى أزمنة وأمكنة مختلفة .

س3: هل للشعراء الليبيين أثر فى شعريتك أم الأثر العربي ولماذا ؟

- أقول بكل ثقة ووضوح بأن للشعراء أثر كبير على عاشور الطويبى أي شعراء ، لكن الاقتراب الوجداني يكون مع من تعرفهم عن قرب وتعيش عالمهم و يشاركونك المكان ونفس الزمان ويكون هذا الاقتراب أكثر وجدانية وحميمة . ولهذا أنا أفتخر - ليس في هذا أي صيغة للمجاملة - فخرا حقيقيا بكل ليبي يكتب الشعر أو أي إبداع كان . غير أن الأثر الذى يحدث لى يكون من الشعر الحقيقي ؛ الشعر الذى يكتبه شاعر من البرازيل يكون له نفس الأثر على كما الشعر الذى يكتبه ليبي هذا من ناحية الجوهر ، ولكن مع الشاعر الليبي هناك اقتراب وجداني أكبر هناك الدفء . وكونك تطلع على تجارب الآخرين من ليبيا أو من الصين تطلع على تجربة نفسية على أسلوب على معاملة مع مفردة ، يبقى أثر ذلك فى النفس ولا بد أن يظهر فى لحظة من حالات الإبداع . وإني أفهم التأثير بأنه غير التقليد والإتباع ولكن بمعنى أن أعايش تجربة الآخر .

س4 :على صدقي عبد القادر ، على الرقيعى ، محمد الفقيه صالح ، عاشور الطويبى ،فرج العشة ، فرج العربى ، مفتاح العمارى ،فاطمة محمود ، خديجة الصادق ،.أسماء شعراء وشاعرات ليبين ما ذا تعنى هذه الأسماء وأين موقع هولا أو أحدهم أو آخرين فى الشعر العربي والليبي على الخصوص ؟

- دعني أبدأ من الجزء الأخير من السؤال ؛ موقع هؤلاء فى الشعر العربي ، هذا الموقع الذى أرى أنه جميل .
طبعا هناك ظلم يعيشه الإبداع الليبي منذ البدء ؛ هو إبداع مهمل ومنسي ولا يتم التعامل معه باحترام أو تقدير وهذا خطاء سيندمون عليه . أما بالنسبة للشعراء الذين ذكرهم السؤال فيمكن لى أن أقول فيهم القول المقتضب التالي : على صدقي عبد القادر شاعر فى بداياته الأولى - منذ نصف قرن - بدأ كشاعر صنعة وهو صانع شعر تلاءم مع مرحلته تلك لكنني لم أنجذب إليه ، ولكنه حين كتب بعد ذلك الشعر الحديث كتب قصائده الرائعة رغم أن فيها الكثير من التكرار . وما يشدني أكثر لهذا الشاعر أن الشعر حياته كلها .
: على الرقيعى حالة خاصة فى الشعر الليبي ، لم تستمر بحكم وفاته مبكرا وقد كان يمكن أن يكون قامة كبيرة فى الشعر الليبي والشعر العربي ، وهذا لا يعنى أنه لم يكن لم يخلق شيئا من هذه القامة . انى أحب شعره وأتذوقه وهو من الشعراء الذين كان اقترابي منهم أقصد من أعمالهم اقترابا كبيرا .
: جيلانى طريبشان الشاعر الذى ضيعه الشعر ؛ ضيعه ليس بالمعنى الجسدي أو النفسي ولكن بمعنى أنه لم ينتبه إلى حد الآن إلى الإمكانيات الهائلة لديه كشاعر محترف ، مازال يدور حول قاعة الشعر دون أن يدخل وهو الذى لديه مفتاح هذه القاعة . على أي حال أنا أحب شعره وأحبه وأعتز بصداقته
: محمد الفقيه صالح أنا أحبه ، ويعجبني إخلاصه فى المسألة الشعرية والمشروع الشعري ، وأعتقد أن العمل الشعري الذى على محمد الفقيه أن يكتبه هو العمل الملحمي الذى لم يكتب حتى الآن .
: مفتاح العمارى لم أحب شعره قبل ستة أو سبعة سنوات وهذا راجع إلى أنى وجدت شعراء آخرين فى شعره ولم أجد الشاعر الليبي ولعل هذا إحساس . ولكنى حاليا ومنذ ما يقرب السنوات الأربع وجدت العمارى وقد دخل قاعة الشعر، وتبقى مسؤوليته فى أن يجد مفتاح كنوزه الشعرية .
: فرج العربى شاعر جميل وجماله أنه يكتب بطريقة فيها الكثير من البساطة ، فيها الكثير من التلقائية .
: فرج العشة لم أتعرف على أشعاره وما أطلعت عليه منها لم يمكنني من اكتمال الصورة وبالتالي الرأي .
: فاطمة محمود شاعرة لم تكتب الشعر بعد .
: خديجة الصادق لم أطلع على الكثير من شغلها ولم أكون رأيا حول كتاباتها .
: عمر الكدى شاعر - الشاعر كما قال خليفة التليسى عن محمد الفقيه صالح ذات مرة - ولكن ليس لديه مشروعه الشعري .
: فوزية شلابى شاعرة بل فلنقل شاعر . فوزية شلابى كان يمكن أن تكون سيدة قاعة الشعر إلا أنها ربما لا تعتقد أنها شاعرة وهذه مصيبة كبيرة لأنها شاعرة حقيقية ، وأتمنى أن أقرأ لها شيئا جديدا .
محى الدين محجوب أحب فيه رهافته وإخلاصه للشعر وأحب شعره طبعا .
س 5 :ما الذى يعنيه نقد الشعر لك ؟ هل ثمة نقاد للشعرية العربية ، خاصة فى ليبيا ؟
- هناك نقاد بعدد رمال الصحارى العربية يكتبون فى الصحف والمجلات والدوريات العربية ، وتخرج المطابع الكثير من كتبهم ولكن ليس هناك نقاد فى نفس الوقت . نقاد الشعرية العربية المخلصين لنقد الشعرية أقل من القليل . أما فى ليبيا فالذين يشتغلون على هذا بجد و مسؤولية وإخلاص هم أقل من عدد أصابع اليد الواحدة .
س 6 : ماذا تكتب ، لماذا تكتب ؟ ماذا تقرا ، لماذا تقرا ؟
- إذا لم أقرأ ولم أكتب فلماذا أحلم ؟ . إني أقرأ لأنني أريد أن أدخل مدن جديدة ، قرى جديدة ، وأصنع جبالا جديدة ، وأخوض فى بحار جديدة ، وتكون لى بحيرات جديدة وأسافر دون جواز سفر .
وأكتب لأني أعتقد أن هناك من يقرأني .
س 7 : أين شعريتك من قصيدة النثر من قصيدة اليوم العربية والليبية على الخصوص ؟
- ( لا إجابة )



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن