سيناء.. صراع -أولاد العم- في ذكرى -أيام النصر

ايمان كمال
eman_kimo1937@yahoo.com

2007 / 10 / 16

شهدت سيناء في ذكرى الاحتفال بانتصارات أكتوبر وتحريرها من الاحتلال الإسرائيلي، صراعا واشتباكات عنيفة ما بين قبيلتين في شمال سيناء، وهو ما استدعى حظر فرض التجوال ومنع التلاميذ من الذهاب إلى مدارسهم وذلك بعد أن قام أبناء إحدى القبيلتين "الترابيين" بحرق مقر الحزب الوطني هناك.

وتعود أسباب الأزمة إلى مشاجرة نشبت بين مواطن من أبناء قبيلة "الفواخرية" -وهي قبيلة بدوية على حدود مصر- وآخر من أبناء قبيلة "الترابيين" -والتي تعد أكبر قبيلة حضرية بسيناء- ترتب عليها بعد ذلك أن هاجم عدد من أبناء القبيلة الأخيرة أبناء القبيلة الأولى وأطلقوا عليهم النار، فلما استنجد أبناء قبيلة "الفواخرية" بأجهزة الأمن لم تتحرك في الوقت المناسب، فقاموا بالتظاهر وحرقوا إطارات السيارات في الشوارع كما اقتحموا مقر الحزب الوطني، وأشعلوا فيه النيران معبرين عن سخطهم الشديد في ظل الاحتفال بانتصارات أكتوبر، وذلك قبل أن تتدخل قوات مكافحة الشغب ورجال الأمن المركزي الذين قدر عددهم بـ15 ألفا لفرض حظر التجوال على المكان دون أن يتم التوفيق بين أبناء القبيلتين.

"إلهام أحمد" من سكان قبيلة الفواخرية تقول لـ"بص وطل" إن المكان أصبح كأنه قطعة من الأراضي المحتلة بفلسطين فالمدرعات أمام البيوت، وهناك حظر تجول لدرجة أن الأمن -في ذروة الأزمة- أعاد التلاميذ في الصباح لبيوتهم مرة أخرى قبل أن يذهبوا إلى مدارسهم.

وتكمل قائلة إن "الفواخرية" يطالبون بالإطاحة بالمحافظ غير الحريص على أمنهم لأن كل ما فعله هو محاولة التسوية بين الطرفين، فكيف يساوي بين الجاني والمجني عليه -على حد قولها- وتوضح أنهم في بداية الأزمة طلبوا من أجهزة الأمن حمايتهم إلا أن تلك الأجهزة اعتبرت الأمر صراعا قبليا بين قبليتين فقط.

وعما إذا كان هناك تقاعس أمني في التعامل مع الأزمة يقول الدكتور "جهاد عودة" أستاذ العلوم السياسية وعضو أمانة السياسات بالحزب الوطني إن المشكلة ليست مرتبطة بالأمن، فهما مجرد عصابتين ومجموعة من البدو الهجامين -على حد تعبيره- يقومون بالهجوم على المدن وهذه مسألة اجتماعية، وليس للأمن أن يتدخل لحل النزاع القبلي، وليس له دور فيما حدث من شغب، ويرجح "عودة" أن تكون هناك أياد خارجية تدعم بعض القبائل المسلحة لأهداف خفية، مشددا على قدرة الدولة على إنهاء الأزمة في أقرب وقت.

وعلى العكس لا يرى د."عمرو الشوبكي" الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية أن هناك أيادي خارجية فيما حدث، مستدركا أن هذا لا يمنع في ذات الوقت من أن تستثمر بعض الأطراف الداخلية الوضع الداخلي لصالحها، في حين يعيد أسباب الأزمة إلى طريقة التعامل الحكومي مع أهالي سيناء، معتبرا أن الدولة تتعامل مع سيناء باعتبارها مجرد "منتجع سياحي" تبنى به المنشآت دون استثمار للقوة البشرية الكبيرة الموجودة بها، مما جعل أهالي البدو يشعرون بأنهم غير مستفيدين من عائدات السياحة وهو ما جعلهم دائما في نزاع، وكذلك -والكلام لا يزال لـ"الشوبكي"- منذ تفجيرات طابا -قبل عامين- اتسعت دائرة الاشتباه والاعتقال بين أهالي سيناء حتى وصل عدد المعتقلين منهم لـ4 آلاف مواطن، وهو رقم ضخم لم يحدث منذ عقود طويلة..

وهو ما زاد من حالة الاحتقان بين القبائل، مؤكدا أن حل هذه المشكلة يكمن في مشاركة البدو في عائدات المنتجعات وجعلهم شركاء في خطط التنمية البشرية، كما أنه لا بد من تدخل بعض المؤسسات غير أجهزة الأمن لحل المشكلة كالمجتمع المدني والأحزاب وغيرها؛ لأن الأجهزة الأمنية أثبتت فشلها -على حد قوله- وهو نفس ما اتفق عليه الكاتب والباحث "أمين إسكندر" والذي أكد أن الحل في الأساس هو تطبيق مبدأ المواطنة لأهالي سيناء، والتأكيد على أن لهم حقوقا وواجبات متساوية مع باقي الشعب المصري، معتبرا أن هناك تحيزا واقعا عليهم وأن أجهزة الأمن تتعامل معهم على أساس أنهم أنصاف مواطنين، وقد أرجع العامل الرئيسي لما يحدث إلى ضعف السلطة والأجهزة الأمنية، قائلا إن الدولة الآن أصبحت في مرحلة هشة لا تقوم بدورها في خدمة المواطنين، فبعض أفراد هذه القبائل اعتبر أن وجود إسرائيل في المكان أفضل من أجهزة الأمن، نافيا في الوقت ذاته وجود أيادٍ إسرائيلية في الأحداث الملتهبة.

يذكر أنه في أثناء محاكمة المتهمين بالشغب احتشد آلاف المواطنين حول المحكمة وهتفوا بسقوط محافظ شمال سيناء متهمين إياه بالتقاعس عن حل المشكلات العاجلة وهو ما أدى لاندلاع أحداث العنف وقد قررت المحكمة إخلاء سبيل 86 متهما مع استدعاء الضباط لسؤالهم عن الحادث بعد العيد.




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن