البحث عن جزر النزاهة

فاضل عباس
bumohd44@hotmail.com

2007 / 10 / 7

يقدم تقرير الفساد العالمي‮ ‬‭(‬G C R‭)‬‮ ‬تقييما سنويا عن حالة الفساد في‮ ‬مختلف أنحاء العالم وتعده منظمة الشفافية الدولية بحيث‮ ‬يغطي‮ ‬التقرير‮ (٢١) ‬اثني‮ ‬عشر شهراً‮ ‬ابتداءً‮ ‬من شهر‮ ‬يوليو إلى شهر‮ ‬يوليو من العام التالي،‮ ‬ويستعرض التقرير حالة الفساد في‮ ‬قطاعات محددة ففي‮ ‬عام ‮٦٠٠٢ ‬كان محور الفساد في‮ ‬قطاع الصحة،‮ ‬وفى عام ‮٧٠٠٢ ‬كان محور الفساد في‮ ‬النظام القضائي‮.‬
ويعتبر هذا التقرير الذي‮ ‬يصدر وفق‮ »‬مؤشر مدركات الفساد‮« ‬مهم بالنسبة للدول المعنية وكذلك بالنسبة للمنظمات والمؤسسات المالية الدولية،‮ ‬لأنه‮ ‬يعطي‮ ‬مؤشراً‮ ‬على صعيد مكافحة الفساد على المستوى الوطني‮ ‬بالنسبة للدول ومؤشراً‮ ‬على المستوى الدولي‮ ‬عن مدى جدية الأنظمة الحاكمة في‮ ‬تحقيق اكبر قدر من الشفافية ومكافحة الفساد،‮ ‬وخصوصاً‮ ‬أن الكثير من تلك الأنظمة وبالتحديد في‮ ‬الشرق الأوسط تطلب معونات من صندوق النقد الدولي‮ ‬أو البنك الدولي‮ ‬أو أية قروض دولية وبالتالي‮ ‬فان ضمان عدم التهام الفساد لتلك المساعدات أو القروض هو مسؤولية تتطلب من الجهات المانحة التأكد من مدركات الفساد وعليه تصبح المعركة ضد الفساد هي‮ ‬دولية ومحلية بامتياز‮.‬
ومنظمة الشفافية الدولية في‮ ‬شعارها العام تساعد الدول والأفراد ليعيشوا في‮ »‬جزر النزاهة‮«‬،‮ ‬وهنا وان تقاربت التسمية بين جزر النزاهة التي‮ ‬تبحث عنها المنظمة في‮ ‬العالم،‮ ‬مع دول تعتبر مجموعة جزر إلا أن الشفافية ومكافحة الفساد مطلوبة في‮ ‬جميع دول العالم،‮ ‬ومن هنا فنحن في‮ ‬المملكة نبحث كذلك عن أن تكون مملكتنا عبارة عن‮ »‬جزر النزاهة‮« ‬وهذا لا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يتحقق بدون أن تكون معركة مكافحة الفساد هي‮ ‬معركة مجتمعية تتحالف فيها القطاعات الرسمية والأهلية لمواجهة هذا‮ »‬الشر المستطير‮« ‬كما وصفه رئيس جمهورية ألمانيا الاتحادية السابق‮. ‬
وقد حصلت البحرين على المرتبة ‮٦٣ ‬عالمياً‮ ‬في‮ ‬تقرير عام ‮٦٠٠٢ ‬ثم تراجعت في‮ ‬تقرير عام ‮٧٠٠٢ ‬لتصل إلى المركز ‮٦٤ ‬عالمياً،‮ ‬وتراجع مؤشر مدركات الفساد من ‮٦‬،‮٥ ‬إلى ‮٥‬،‮ ‬على الرغم من محافظة المملكة على مرتبتها الرابعة الإقليمية،‮ ‬إلا أن ما‮ ‬يحدث الآن في‮ ‬المملكة من دفع قوي‮ ‬لمكافحة الفساد من قبل سمو ولي‮ ‬العهد والذي‮ ‬أعلن الحرب على الفساد حتى لو وصل الأمر إلى إدانة الوزراء هو مؤشر وطني‮ ‬تستطيع من خلاله المملكة أن تكون نموذجاً‮ ‬لمكافحة الفساد في‮ ‬الشرق الأوسط إذا استمر هذا النهج وتم تنفيذ توجهات سمو ولي‮ ‬العهد حتى الوصول إلى جزر النزاهة‮.‬
وهنا عندما نتحدث عن مكافحة الفساد فالأمر لا‮ ‬يتعلق فقط بالبحث وراء المفسدين في‮ ‬بعض الشركات ولكن المطلوب هو اكبر من ذلك ولابد أن‮ ‬يتضمن الأشكال الأخرى للفساد في‮ ‬المملكة ومنها،‮ ‬مكافحة المتنفذين الذين‮ ‬يستولون على أراضي‮ ‬الدولة،‮ ‬ومكافحة المتنفذين الذين استولوا على البحر،‮ ‬مكافحة هدم وردم المحميات الطبيعية،‮ ‬مكافحة إرساء المناقصات بطريقة مشبوهة والتي‮ ‬تقدم بعمولات كبيرة،‮ ‬ردم خليج توبلي،‮ ‬عوائد الشركات الكبرى لسنوات ما قبل المشروع الاصلاحي،‮ ‬والمحسوبية في‮ ‬التوظيف والترقيات في‮ ‬بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية‮.‬
وعندما نتحدث عن الفساد في‮ ‬مؤسسات الدولة فهذا لا‮ ‬يعني‮ ‬أن مؤسسات المجتمع المدني‮ ‬نظيفة بالكامل بل هناك مؤشرات أيضا تتصاعد حول فساد بعض الجمعيات وبعض السياسيين من الكبار والصغار في‮ ‬جوانب عديدة ومن ضمنها الفساد المالي‮ ‬والذي‮ ‬يصل عند هؤلاء إلى مرحلة النصب والاحتيال والابتزاز المالي‮ ‬للآخرين تحت‮ ‬يافطات سياسية،‮ ‬وهو فساد‮ ‬يحتاج إلى معركة كما هي‮ ‬معركة تنظيف المؤسسات والشركات الحكومية،‮ ‬فالفساد شر مستطير في‮ ‬المؤسسات الحكومية أو في‮ ‬بعض الجمعيات السياسية‮. ‬
ولكن في‮ ‬جميع الأحوال فان المملكة تخطو خطوات في‮ ‬ضوء توجيهات ولي‮ ‬العهد نحو التقدم في‮ ‬مؤشر مكافحة الفساد وهو ما‮ ‬يتطلب من الجهات الأهلية والنواب المساهمة في‮ ‬هذه المعركة،‮ ‬والتأكد من أن القانون‮ ‬ينطبق على الجميع حتى الوزراء كما وجه سمو ولي‮ ‬العهد،‮ ‬فمنظمة الشفافية الدولية وضعت من ضمن توصياتها عبارة‮ »‬معاقبة الفاسدين مهما علت درجاتهم الوظيفية والإدارية‮« ‬وهو ما حثنا عليه الإسلام عندما قال النبي‮ ‬محمد‮ (‬ص‮) ‬للصحابة‮: »‬إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه‮.. ‬وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد،‮ ‬والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت‮ ‬يدها‮«..!! ‬والإخوة أعضاء مجلس النواب والقادة السياسيون عليهم أن‮ ‬يقولوا ذلك عن الوزير أو النائب البرلماني‮ ‬أو السياسي،‮ ‬نأمل أن نسمع خلال الأيام القادمة في‮ ‬بعض الشركات أو المؤسسات الحكومية عن القبض والتحويل إلى النيابة العامة لكبار المفسدين‮ (‬الهواميرالكبيرة‮) ‬وليس فقط صغار الموظفين،‮ ‬وعدم وضع استثناءات لكون هذا الموظف قريبا أو بعيدا عن هذا المسؤول أو ذاك،‮ ‬فالمعيار في‮ ‬مكافحة الفساد هو وجود الأدلة والقرائن التي‮ ‬تدين المفسد في‮ ‬أي‮ ‬موقع‮.‬

الفساد طريق التحرير‮ !!‬

‮ ‬الإخوة الرؤساء العرب في‮ ‬دول المواجهة العربية لإسرائيل،‮ ‬نود أن نشير لهم إلى نقطة هامة في‮ ‬تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام ‮٧٠٠٢‬،‮ ‬وهي‮ ‬أن إسرائيل قد تفوقت على جميع دول الشرق الأوسط بما فيهم طبعاً‮ ‬الدول العربية في‮ ‬مرتبتها في‮ ‬مجال مكافحة الفساد فقد احتلت المرتبة الأولى إقليميا وبمؤشر لمدركات الفساد بلغ‮ ١‬،‮٦‬،‮ ‬وكانت دولكم في‮ ‬ذيل القائمة فهل هذه هي‮ ‬أسلحتكم لهزيمة إسرائيل وندع التعليق على هذه النقطة للشعوب العربية‮ !!.‬




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن