وثيقة شيوعية بلغارية تفضح التواطؤ الستاليني الصهيوني

جورج حداد

2007 / 9 / 26

جنبا الى جنب الهجمة الامبريالية ـ الصهيونية العالمية على الفكر الاشتراكي العلمي والشيوعية والاشتراكية والحركة الوطنية وعلى رأسها المقاومة، تنتشر في اوساط اليسار (بمن فيه الاحزاب الشيوعية العربية) ظاهرة خطيرة هي ظاهرة تلطيخ الاشتراكية العلمية والماركسية ـ اللينينية، من قبل كتاب "شيوعيين" بالذات، مثل كريم مروة وحسقيل قوجمان وجريس الهامس (مع كل الاحترام الذي نكنه للاخيريْن). وتتخذ هذه الحملة شكلين:
الاول (انتهازي تحريفي، وفي المحصلة: خياني)، ويمثله كريم مروة: وهذا الاتجاه يدعي زورا المطابقة بين الستالينية والماركسية ـ اللينينية، وهو يوجه انتقاداته الى الستالينية مدعيا انها هي نفسها الماركسية ـ اللينينية، كي يخرج الى معارضة ونقض الماركسية ـ اللينينية ككل، من خلال معارضة الستالينية. ويدعو هذا الاتجاه الى التخلي عن المقاومة ضد اسرائيل والاحتلال الاميركي، وعن العنف الثوري والثورة والاشتراكية والوحدة العربية ومحاربة الامبريالية والصهيونية، والى تبني "الخط السلمي" للتطور، بما في ذلك ـ بالاخص ـ قبول المشاريع "الدمقراطية" الاميركية للمنطقة، والتعايش "السلمي" مع اسرائيل اذا كفت (!!!) عن سياسة "العدوان" على الكيانات العربية القائمة. والنتيجة المنطقية لهذه الدعوات هي القبول بالامر الواقع الاميركي ـ الصهيوني للمنطقة، والتخلي عن "اوهام" العروبة والتحرر الوطني والقومي والثورة الاشتراكية، والقبول بتحويل المنطقة العربية الى منطقة نفوذ ومصالح اميركية ـ صهيونية بقيادة اسرائيل وبالتعاون مع آل سعود وبقية شيوخ النفط واذنابهم في مختلف الكيانات "العربية" السايكس ـ بيكوية.
والثاني ("شيوعي ثوري" ارثوذكسي)، ويمثله حسقيل قوجمان وجريس الهامس: وسواء عن قناعة او غير قناعة ذاتية، فإن هذا الاتجاه، في دفاعه الصحيح عن القضية الوطنية وقضية الاشتراكية والماركسية ـ اللينينية، يحول هذا الدفاع موضوعيا الى دفاع شكلي لا يخرج عن اطار "وضع السم في الدسم". فمن خلال الرفض الصحيح للخط الخياني لخروشوف وغورباتشوف، الذي آل اخيرا الى انهيار المعسكر الاشتراكي والاتحاد السوفياتي نفسه، فإن هذا الاتجاه لا يزال يصر على ان ستالين (في السلطة) كان قائدا شيوعيا ثوريا، وان السلطة الفرعونية الوحشية، الستالينية، كانت استمرارا وتطبيقا للماركسية ـ اللينينية. وبذلك فإن هذا الاتجاه يقدم كل التبريرات للاتجاه الانتهازي التحريفي والخياني، للتبرؤ من الماركسية ـ اللينينية بحجة نقد الستالينية والتبرؤ منها. لا شك ان ستالين والستالينيين لم يتخلوا "لفظيا" عن الاشتراكية والماركسية ـ اللينينية. ولكنهم عمليا كانوا ألد اعداء الاشتراكية والماركسية ـ اللينينية الحقيقية، بأسم الاشتراكية والماركسية ـ اللينينية. والارتكابات الفظيعة التي ارتكبها ستالين والستالينيون، بحق عملية بناء الاشتراكية في الاتحاد السوفياتي والمعسكر الاشتراكي (السابقين)، وبحق الحركة الشيوعية العالمية، والحركة الشيوعية العربية والحركة الوطنية العربية، بالاخص، هي التي وجهت طعنات قاتلة لهذه التجربة الانسانية الكبرى، ومهدت السبيل ليس فقط للانحراف والخيانة الخروشوفية ـ الغورباتشوفية، بل ولتقويض الحركة الاشتراكية واضعاف وتقويض الحركة الوطنية والتقدمية في العالم بأسره، تمهيدا للهجمة الامبريالية الاميركية ـ الصهيونية العالمية الراهنة. والستالينية، والخروشوفية ـ الغورباتشوفية، انما تقفان على ارضية طبقية واحدة، هي ارضية البيروقراطية و"الارستقراطية" الحزبية والدولوية، وارضية سياسية واحدة، هي ارضية خيانة وخداع واستغلال الطبقة العاملة، والتعاون والاندماج مع الرأسمالية والامبريالية. والاختلاف بين الطرفين لم يكن سوى اختلاف في الاسلوب، تبعا للظروف: فبينما كانت البيروقراطية في العهد الستاليني تخون الاشتراكية سرا، فإنها في العهد الخروشوفي ـ الغورباتشوفي انتقلت الى الخيانة المكشوفة. واننا لنرى اليوم بأم العين: كيف ان الستالينيين القدماء (امثال كريم مروة والياس عطالله وفخري كريم وحميد مجيد موسى) يتحولون بقدرة قادر الى غورباتشوفيين، وبطبيعة الحال الى بوشتشينيين وبيريزاولمرتيين، وطبعا حريريين ـ جعجعيين ونورمالكيين. كما نرى كيف يتم، في الصين "الشعبية"، الزواج غير المقدس بين الستالينية (الماوتسيتونغية) والخروشوفية ـ الغورباتشوفية (الدينهسياوبينغية)، اي الزواج غير المقدس بين "الاشتراكية!!!" الشكلية التي يزني بها "ابناؤها" بالذات، او مدّعو بنوتها، وبين الرأسمالية الفعلية، حيث يتم (باسم الحزب الشيوعي والطبقة العاملة واتحاد العمال والفلاحين ودكتاتورية البروليتاريا) خلق نظام رأسمالي ـ فرعوني هجين (باسم "شعب واحد ونظامان")، على قاعدة: العمل الرخيص (ارخص اجور عمل نسبيا في العالم) للكادحين، والارباح الكبرى (اكبر نسبة ارباح في العالم) لـ"الرفاق" الرأسماليين الجدد وشركائهم البيروقراطيين الحزبيين والدولويين الجدد والقدماء الذين تعلموا كيف يضعون ربطات العنق ويلبسون الجينز وقبعة الكاوبوي ويتحدثون الانكليزية، بلكنة "ثورية" طبعا.
ان الدراسة التاريخية الموضوعية، من وجهة نظر مصلحة الجماهير الشعبية الكادحة، لتجربة بناء الاشتراكية، تبين:
1 ـ ان الستالينية، في الممارسة والواقع، تمثل قطيعة كاملة، وانقلابا تاما على الماركسية ـ اللينينية. فمثلما ان ستالين قتل (او ساهم مع الصهاينة في قتل) لينين، ونصب له ضريحا وحوله الى مومياء وطوطم، فإن الستالينية قتلت الماركسية ـ اللينينية وحولتها الى "جُمـَليّة" (PHRASEOLOGY) فارغة. ومحافظة الستالينية على "الجُمـَليّة" (PHRASEOLOGY) الماركسية ـ اللينينية لا ينفي هذه الحقيقة، بل يؤكدها اكثر، ويكشف مدى عمق خيانة ستالين والستالينيين. لأن هذه الخيانة كانت تتم عن سابق تصور وتصميم، ويجري إلباسها، بكل دقة وعناية، بأفضل اللبوس "الاشتراكية" و"الماركسية ـ اللينينية"، تماما كما يتم إلباس الميت افضل ثيابه. فهذه العصابة من الخونة كانت تتقصد تستير جرائمها وخياناتها الفظيعة بالستار الماركسي ـ اللينيني، تماما كما كان ولا يزال في كل زمان ومكان جميع الخونة والاستبداديين والمجرمين والاستعماريين والصهاينة يسترون جرائمهم ضد الانسانية، بالاستار الدينية والاخلاقية والدمقراطية والانسانية والمبادئ الشريفة. مما يجعل جرائمهم مضاعفة، وان كانت تخدع لزمن ما جمهورا ما.
2 ـ ان ستالين شخصيا، والستالينية عامة، كانا يتصفان بالمكيافيلية والديماغوجية معا. وعلى هذا الاساس، كانت آلة الدعاية والقمع الستالينية تحاول ان تضفي على نفسها طابعا معاديا للصهيونية، بل ومعاديا للسامية او اليهودية. ولكن الوقائع التاريخية تثبت ان ستالين والستالينية كانا حليفين موضوعيين للصهيونية. وحتى حينما كان يتم الاختلاف بين الطرفين، فإنه لم يكن يتجاوز نمط الاختلاف بين قطاع الطرق والقراصنة والمجرمين واللصوص. ونشير هنا الى واقعتين رئيسيتين:
الاولى، داخلية: وهي ان ستالين طوال فترة حكمه، وحتى اغتياله على يد "شركائه" الصهاينة بالذات، مكن العناصر الصهيونية من التسلط في جميع اجهزة الاعلام والتنظيم والقمع في الاتحاد السوفياتي السابق.
والثانية، خارجية: وهي ان ستالين اتفق مع روزفلت وتشرشل على دعم اقامة اسرائيل. وقد التزمت البيروقراطية الخروشوفية ذاتها، بالرغم من معارضتها الشكلية للستالينية، كأسلوب وممارسة وليس كأهداف، بالتعهد الستاليني بدعم اقامة اسرائيل. وكل المساعدات التي كانت تقدم لبعض الانظمة العربية، المسماة "وطنية" و"تقدمية"، لم تكن تخرج عن هذا الالتزام، وان كانت تطمح الى تحقيق نوع من "التوازن" بين الانظمة العربية (الصديقة للاتحاد السوفياتي) واسرائيل، كانعكاس وتجسيد اقليمي لسياسة "التفاهم اليالطي" الستالينية وسياسة "التعايش السلمي" الخروشوفية، بين الكتلتين الشرقية والغربية، وهو ما فشلت تلك الانظمة العربية في تحقيقه و"استغلاله"، نظرا لتهافتها السياسي والفكري والاخلاقي، الناشئ عن هامشيتها وحثاليتها وحقارتها كشريحة طبقية برجوازية صغيرة منحطة ومتهتكة.
ومن خلال بحثنا عن اشكال واهداف التعاون الستاليني ـ الصهيوني ، عثرنا على وثيقة صادرة عن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البلغاري السابق، تتعلق بتسفير اليهود البلغار (تقول بعض المراجع التاريخية ان عددهم بلغ حوالى 50 الفا) الى اسرائيل سنة 1949. وهذه الوثيقة مؤلفة من جزأين:
الاول ـ رسالة موجهة من قبل "النشطاء الشيوعيين" في المجلس الملي اليهودي في بلغاريا، الى اللجنة المركزية للحزب، يقترح فيها الشيوعيون اليهود البلغار، بقيادة جاك ناتان (شيوعي يهودي بلغاري، عضو في الحزب منذ 1920، بروفسور اكاديمي، عالم اقتصاد ومؤرخ، كان مديرا للمعهد العالي للاقتصاد المسمى "معهد كارل ماركس")، وقف تسفير اليهود البلغار الى اسرائيل، والسماح بعودة من يريد العودة منهم من اسرائيل الى بلغاريا.
والثاني ـ قرار سكرتارية اللجنة المركزية في الحزب الشيوعي البلغاري، برفض الاقتراحين.
وهذا هو الرابط الانترنيتي للوثيقة باللغة البلغارية:
www.nbu.bg/historyproject/dokumenti_44-62/razdel7t8/f1bop8ae504.pdf



من خلال قراءة هذه الوثيقة الهامة يتبين ضمنا او مباشرة:
1 ـ وجود قرار قيادي سابق بتسفير اليهود البلغار الى اسرائيل (للاسف لم نستطع حتى الان الحصول على هذا القرار، نظرا للسرية "المفهومة" التي يحاط بها الارشيف الحزبي، تجاه المواطنين والشيوعيين "العاديين"، والمثقفين والباحثين التاريخيين، ولكن ليس تجاه المخابرات الاميركية والاسرائيلية والغربية).
2 ـ نعثر في هذه الوثيقة على "التوقيع الكريم" لـ فولكو تشرفينكوف، "يد ستالين" في بلغاريا و"ستالين بلغاريا" في زمانه.
3 ـ ان عملية "دولية" بهذه الاهمية، وتحظى بالاهتمام المباشر لتشرفنكوف شخصيا، لم يكن من المنطقي بتاتا ان تمر بدون علم وموافقة "أبي الشعوب" "ستالين العظيم". اي ان القرار اولا واخيرا هو قرار قيادي سوفياتي (ستاليني ومابعد ستاليني). وطبعا ان الرفاق حسقيل قوجمان وجريس الهامس ناهيك عن كريم مروة، لا يستطيعون انكار ذلك في قرارة نفوسهم، وان كانوا يستطيعون شكليا انكاره على طريقة ذلك القاضي الذي سأل شاهد عملية زنى قال انه رأى الرجل والمرأة يتجامعان (وكان ـ اي القاضي ـ ذا غرض لدى المرأة): هل رأى عضو الرجل يدخل في عضو المرأة؟. واعتمد على نفيه ليبطل شهادته.
4 ـ ان الجماهير اليهودية غير الحزبية، والشيوعيين اليهود انفسهم، كانوا عرضة لحملة تضليل من قبل القيادة الستالينية حول طبيعة اسرائيل وعلاقتها بالانتداب البريطاني (وكأن "وعد بلفور" ليس بريطانيا، وكأن الانتداب البريطاني كان على "اسرائيل" وليس على فلسطين العربية لتحويلها الى "اسرائيل")، وحول طبيعة "الغزاة العرب" (علما ان جيوش الدول العربية التي دخلت الى فلسطين بحجة مساعدة الشعب الفلسطيني، انما دخلت كجزء من المؤامرة لعرقلة واجهاض الثورة والمقاومة الشعبية الفلسطينية، وللمشاركة الفعلية في تنفيذ مؤامرة تسليم فلسطين العربية الى الامبريالية والصهيونية العالمية، ولإضفاء الطابع "الشرعي الدولي" على اسرائيل من خلال اتفاقات الهدنة معها. وهذه الحقائق تعرفها القيادات الشيوعية، الفلسطينية واليهودية والسوفياتية وغيرها، ولكنها تغافلت عنها تنفيذا لاوامر القيادة الستالينية المتواطئة مع الامبريالية والصهيونية العالمية).
5 ـ ان الشيوعيين اليهود البلغار، وان كانوا ضحية للديماغوجية الستالينية، الا انهم كانوا اكثر حرصا على مواجهة الدعاية الامبريالية والصهيونية من قيادة الحزب الشيوعي البلغاري الستالينية ذاتها.
6 ـ ان الشيوعيين اليهود البلغار (او على الاقل قسم مرموق منهم) كانوا فعليا ضد الهجرة الى فلسطين، ولكن الاوامر الستالينية، الموضوعة بالتواطؤ مع الامبريالية والصهيونية، كان يجب ان تنفذ. والا، فإن المخالفين كان يمكن ان يتم محاكمتهم واعدامهم بتهمة... العمالة للامبريالية والصهيونية (!!!).
7 ـ اخيرا لا آخر، إن هذه الوثيقة تؤكد ثلاثة حقائق هي:
الاولى ـ ان قضية قيام اسرائيل، ليست قضية دينية ـ قومية، بقدر ما هي قضية سياسية ـ طبقية ـ اجتماعية. وقد تواطأت على قيامها الامبريالية والصهيونية، بمشاركة الستالينية الخائنة للاشتراكية وللاممية البروليتارية، والرجعية والانظمة العربية (السايكس ـ بيكوية) الخائنة للقضية الفلسطينية خاصة والقضية القومية العربية عامة.
الثانية ـ ان القوة المباشرة، او القماشة البشرية لقيام اسرائيل، هي اليهود المضللين. اما القوة الفعلية التي قررت، ونفذت، قيام اسرائيل، فهي القوى الكبرى الدولية، الامبريالية العالمية (وفرعها الصهيوني)، بالتواطؤ مع القيادة السوفياتية المنحرفة، بدءا من "ستالين العظيم" الذي كان يلقب "أبا الشعوب"، والذي هو في الحقيقة الخائن الاكبر للشيوعية وللطبقة العاملة والجماهير الشعبية في العالم اجمع، وانتهاء بغورباتشوف.
والثالثة ـ انه اذا توفر لحركة التحرر الوطني العربية، بمختلف فصائلها: التقدمية والقومية والدينية، الوعي السياسي ـ التاريخي الحقيقي لطبيعة الصراع مع اسرائيل والصهيونية والامبريالية العالمية، ومن ثم الخطاب السياسي التحرري ـ الانساني، لا التعصبي ـ الشوفيني، الديني ـ العنصري، الذي تتوجه به الى الجماهير الشعبية اليهودية، فإنها ـ اي هذه الجماهير ـ ، ذات مصلحة في النضال ضد الصهيونية والرأسمالية والامبريالية، مثلها مثل الجماهير الشعبية العربية والعالمية قاطبة؛ وهي لذلك تمثل احتياطا ورديفا مميزا للحركة الثورية العربية الصادقة والشريفة وغير الملوثة.
XXX

وفيما يلي نص الوثيقة مترجما عن اللغة البلغارية:
قرار سكرتارية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البلغاري حول
عدم تحديد سفر اليهود الى فلسطين وعدم السماح بعودة الذين سافروا منهم
11 اب 1949
قرار " أ " رقم 261 لسكرتارية اللجنة المركزية في 1949 .VIII. 11
لا يقبل اقتراح الرفيق جاك ناتان بأن يتم توقيف الهجرة الى فلسطين من قبل اليهود الذين يرغبون طوعيا بالسفر.
لا يقبل الاقتراح بالسماح بالعودة الى بلغاريا من قبل اليهود الذين اصبحوا في فلسطين.
غ. تشانكوف
ف. تشرفنكوف

XXX

صوفيا 27 تموز 1949

هيئة النشطاء الشيوعيين
لدى
المجلس الملي
لليهود في بلغاريا
الى
اللجنة المركزية
للحزب الشيوعي البلغاري
هنا

ايها الرفاق،
في 5 حزيران هذه السنة، انعقد في صوفيا كونفرانس الهيئات المنطقية اليهودية في بلغاريا. وفي هذا الكونفرانس، الذي حضره حوالى 50 مندوبا، طرحت للبحث عدة مسائل مرتبطة ببناء المنطقيات اليهودية، وكذلك بالنشاط المستقبلي للاقلية اليهودية في البلاد.
والقرارات التي اتخذها الكونفرانس هي مشمولة في قرار عام، نرسل نسخة عنه رفقا مع النص الحالي.
احدى المسائل الهامة التي بحثها الكونفرانس، هي مسألة هجرة اليهود البلغار الى اسرائيل. كما هو معلوم لديكم، انه في اوائل شهر ايار من هذه السنة، سافرت اخر مجموعة منظمة من قبل لجنة الهجرة لدى المجلس الملي. وبعد مداولات مستفيضة، فإن الكونفرانس اتخذ قرارا واضحا وحازما، بأن مسألة الهجرة يجب ان تعتبر منتهية، وعلى هذا الاساس، ان لا يسمح في المستقبل لاي ممثل لاسرائيل ان يحضر الى البلاد لهذا الغرض.
والدوافع لهذا القرار هي:
1 ـ ان الهجرة كان لها تبريرها السياسي في مرحلة تكوين الدولة الجديدة اسرائيل وفي الوقت الذي كان فيه الشعب الاسرائيلي يخوض النضال لاجل التحرر من المحتل البريطاني والغزاة العرب،
اما اليوم، فإن حكومة اسرائيل توجه بوضوح سياسة البلاد نحو معسكر الامبرياليين الانغلو ـ اميركيين.
2 ـ ان الحكومة الاسرائيلية، بخوضها سياسة معادية للشعب، لم توفر الشروط لاستيعاب جماهير غفيرة من اللاجئين، بالرغم من دعايتها المقبولة، وبنتيجة ذلك فإن قسما ملحوظا منهم هم حتى الان بلا مأوى وبلا عمل.
3 ـ بقي في بلادنا حوالى 10.000 شخص من اليهود البلغار، وهو ما يمثل نواة صلبة مشغولة بالعمل من اجل البناء الاشتراكي عندنا. والسماح بهجرة منظمة جديدة سيكون من نتيجته ايجاد خلخلة وبلبلبة في وسط السكان اليهود الباقين.
4 ـ في مطمحهم لتحقيق ايديولوجيتهم القومية، المعادية للشعب والضارة، فإن فلول الحركة الصهيونية عندنا والعملاء في الخارج، وعن طريق تجديد المحاولات لتنظيم هجرة جديدة، يهدفون الى تحويل اهتمام اليهود الباقين في بلادنا، ووضع العراقيل امام استخدام الامكانيات التي توفرها لهم الجمهورية الشعبية البلغارية للاندماج في العملية الانتاجية والوقوف على اسس اشتراكية متينة.
وبالطبع ان تصفية مسألة الهجرة، لا تستبعد حالات فردية للسفر، ولكن ان لا يكون لذلك ابدا اي طابع منظم وواسع. وان يتم اعطاء التصاريح بالسفر تبعا للنظام العام.
وبنتيجة الوضع الصعب واليائس، الذي يوجد فيه قسم من اليهود البلغار الذين هاجروا من بلادنا، يلاحظ وجود اتجاه برغبة العودة الى وطنهم الاول الجمهورية الشعبية البلغارية، وهذا الطموح يعبر عنه العدد الكبير من الرسائل، التي يتم تلقيها هنا من قبل اليهود البلغار في اسرائيل. وحول هذه المسألة نحن نرى بأنه يمكن ان يسمح بعودة عدد معين من اليهود البلغار، الامر الذي يؤدي الى تأثير سياسي موجه ضد سياسة الحكومة الاسرائيلية الرجعية الحالية.
نرجوكم، في اقرب وقت ممكن، اتخاذ موقف من المسائل التي عرضناها عليكم آنفا، وافادتنا بالنتيجة.
مع تحياتنا الرفاقية
المسؤول: البروفسور جاك ناتان

XXX

وفي القرار العام الصادر عن كونفرانس الهيئات المنطقية اليهودية في بلغاريا، المذكور آنفا، هناك فقرة كاملة عن موضوع الهجرة، نترجمه حرفيا فيما يلي:
ان الاحداث فرضت ان يتولى المجلس الملي المسؤولية وان يضبط الهجرة الى اسرائيل. هذه العملية الكبيرة في الحجم والشدة قد تم القيام بها في ظروف تفهم ظاهر وتعاون من قبل السلطات الحكومية والمجلس الملي. وكونفرانس المنطقيات الشعبية اليهودية مع اعطائه التقييم السياسي للعمل المنجز من قبل المجلس الملي في مجمل نشاطه، يجد ان عمله كان صائبا ومبررا. ولدى انجاز العمل الملموس فيما يتعلق بالهجرة، يؤكد الكونفرانس على نقاط الضعف التالية:
أ) عدم كفاية العمل التوضيحي، في اوساط المهاجرين، حول افاق تطور اسرائيل كدولة رأسمالية، مما اعطى الامكانية لعدد معين من مواطنينا ان يجري ايقاعه في شباك الديماغوجية الصهيونية.
ب) ان الموقف المتخذ لعدم سفر الاختصاصيين وغيرهم من العمال المهرة، اليهود، المشغولين في الانتاج، لم يتم تحقيقه بثبات.
ج) لم يتم القيام بالعمل الايديولوجي الكافي في اوساط السكان اليهود، لنشر الاممية البروليتارية والثقة بانتصار الاشتراكية. وهذا فسح المجال لقسم من اليهود التقدميين ان يقعوا تحت تأثير القومية اليهودية البرجوازية. وعدم التحديد في الوقت المناسب لامكانية السفر بعد فترات طويلة ادخل الفوضى في عملية الهجرة.

XXX

كما يوجد فقرة حول المؤتمر اليهودي العالمي، هذه ترجمتها:
د) المؤتمر اليهودي العالمي
اخذا بالاعتبار الطابع الرجعي والنشاط الموالي للصهيونية لقيادة هذه المؤسسة اليهودية العالمية، وهو ما عبرت عنه في رفضها الفظ للانضمام الى المؤتمر العالمي للسلام، فإن الكونفرانس يرى ان مشاركتنا اللاحقة في المؤتمر اليهودي العالمي لا تنسجم مع السياسة الدمقراطية الشعبية، التي ينتهجها المجلس الملي، ولهذا خرج منه وكف عن عضويته فيه.

ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
ـ* كاتب لبناني مستقل




https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن