القوائم السياسية العراقية ومفترق الطرق

عزيز العراقي
zizi.iraqi@yahoo.com

2007 / 9 / 27

يعتقد البعض ان تقرير بيترايوس و السفير الامريكي كروكرهو الذي فجر الخلافات داخل الحركة السياسيةالعراقية , وادى الى هذه الانسحابات و "تفليش" كيانات بعض القوائم , وبالذات قائمتي "الائتلاف" و"العراقية" . وليس الصراع الدموي الذي رافق المسيرة السياسية طيلة الاربع سنوات الماضية , وما ارتكبته العصابات البعثية التي تحالفت مع "القاعدة" السنية من جرائم ارادت بها تأجيج الصراع الطائفي , وما تركته من آثار وخيمة بعد ان جرت خلفها بعض المليشيات الشيعية , وما ترتب على ذلك من سلبيات اثرت على نجاح سير العملية السياسية .
والسؤال الذي وضع نفسه امام القيادات العراقية بعد توقف العملية السياسية , والفشل في ايجاد التواصل بين مختلف الاطر الطائفية والقومية التي اريد لها ان تكون الوعاء الذي يستوعب المكونات السياسية العراقية هو: هل ستستمر هذه القيادات في ركب الموجة الطائفية , وتصر على ان لاطريق غيرها , او تعيد النظر في وسائل عملها , وتتوجه بثقة لترميم العملية السياسية , وتشذيب الدستور , والعمل تحت راية المشروع الوطني ؟

لاشك ان قائمة" الائتلاف" هي اكبر القوائم , وهي التي تقود السلطة , وتستند لأكبر قاعدة شعبية , وتحظى بمباركة المرجعيةالدينية في النجف وتأييدها , وكان يعول عليها في ايجاد الطرق الاكثر سلامة للنهوض بالعراق بعد صدام . الا ان الصراعات العائلية , والطموحات الشخصية للكثير من زعماء القائمة , والتسابق في البحث عن السلطة والجاه , وضعت توجهات القائمة تحت رحمة هذه النزوات , وأصبحت ساحة للصراع الدموي بين مكوناتها الرئيسية والذي حصد الكثير من الابرياء , وباتت تتعثر بخيبة الانسحابات منها , وآخرها التيار الصدري .

وكان من المؤمل ان تتمكن القائمة "العراقية" من النهوض بالمشروع الوطني , لكونها الوحيدة التي شكلت على اساس برنامج سياسي خارج اطار الطائفية والقومية . الا ان رغبة بعض قياديها في الانفراد بالقرار , وبالذات رئيسها الدكتور اياد علاوي , وضع القائمة بعد فترة قصيرة من بداية تشكيلها في موضع قلق , وأعاق امكانية تقدم عملها على الساحة السياسية . ولعل رغبة علاوي الأخيرة للتنسيق مع القتلة من البعثيين, وضع القائمة امام مفترق طرق , ودفع بأثنين من اعضائها للأنسحاب بعد الانسحاب المبكر للدكتور مهدي الحافظ . والتصريحات الأخيرة للسيد حميد مجيد موسى رئيس الحزب الشيوعي العراقي - وهو المكون الرئيسي في القائمة"العراقية" – والتي اكد فيها على التزامهم ببرنامج القائمة , والذي يمنع الانجرار وراء اية مكاسب ذاتية على حساب برنامجها الوطني , وانهم غير ملزمين بأستمرار وحدة القائمة اذا خرج البعض عن مسارها . وكان التصويت على قانون الفيدرالية من قبل الشيوعيين واليساريين , وعدم انسحاب الوزير الشيوعي من حكومة المالكي مثلما اراد اياد علاوي , مؤشرات حقيقية لعدم توافق التوجهات , ويؤكد على ضرورة الانتهاء من الألتباس الذي اثاره التصرف الشخصي لعلاوي بتعامله مع القتلة من البعثيين , واراد به ان يكون بأسم القائمة .

ان وضع القوائم الأخرى ليس احسن حالا , فقائمة "التوافق" لديها من الاسباب ما يجعلها اكثر القوائم عرضة للتمزق , وتتنازعها مصالح عدة . تقع بين قيادات تدين للسنة التكفيريين ومتطلبات تكفير الاخرين , وبين قيادات بعثية لايهمها سوى العودة الى السلطة , وتحاشي المحاسبة التي ستتعرض لها عن مشاركتها في جرائم النظام السابق , وتهويش التصريحات على لسان قادتها يؤكد فقدان وحدة توجهها . والقائمة "الكردستانية" امام استحقاقات جادة لاتقبل التأجيل , مثل توحيد الوزارات المتبقية – وهي الاهم في توحيد الادارة الحكومية - , والتوافق على المتطلبات الدستورية في تغيير رئاسة الحكومة المستحقة مع نهاية العام الحالي . ويمكن القول – رغم بعض المؤاخذات - ان الاستمرار المرجو للقائمة "الكردستانية" هو الوحيد بين استمرار القوائم الاخرى الذي يدعم التوجهات العقلانية لسير العملية السياسية , ويصب اخيراً في ثبات المشروع الوطني .
اما قائمة "الحوار" فهي الوحيدة المتماسكة , وهي الوحيدة التي تكاد ان تكون خارج مصلحة التوافق الوطني, لأنها بعثية بالكامل .

مما لاشك فيه ان تغيير الخارطة السياسية , وانسلاخ مجموعات عن التشكيلات القديمة , وتشكيل اطارات جديدة هو في صالح العملية السياسية , طالما ان الاشكال القديمة اثبتت فشلها , وعجزها عن استمرار التقدم نحو التوافق والاستقرار , وعسى ان تتمكن الاصطفافات الجديدة , والتي تلوح في الافق من النهوض بهذا الواقع المزري , وأن لاتكون " جرخلة" جديدة في اليانصيب الوطني الذي لم يربح به احد غير الامريكان , والسراق , والقتلة الوحوش .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن