...فليأتي الطوفان_ثرثرة

حسين عجيب

2007 / 9 / 10


دائما توجد إساءة أعمق من الغفران.
دائما توجد مرارة أكبر وأوسع من المستقبل.
.
.
في طفولتي ومراهقتي وشبابي وكهولتي,كثيرا,ما كنت ملطشة لهذا وذاك وهذه وتلك,وقليلا ما حصلت على حقّي الطبيعي بقياس العرف والعادة, ونادرا جدا ما كنت صاحب حظوة وحظ.
أكتب هذا الكلام وفي رأسي الصغير تعصف ذاكرة الخيبة,...ما الجديد يا حسين!
_ لا أندب ضياع نصّين حديثا"عتمة الواقعي وثقله" و"لو يعود الزمن قليلا إلى الوراء" بسبب انقطاعات الكهرباء المتكررة أولا, وبسبب غبائي التكنولوجي تاليا.
_ لا أندب ذاكرة الموت وهي تضغط روحي وأعصابي,وتكاد تأتي على آخر نفس.
_لا أندب ضياع العمر هباء,في هذه البلاد أل...................حبيبة.
كان يومي عاديا بمجمله. سوى أن فداء صديقي, قال جملته العابرة خارج الحوار: لقد أرسلت نتائج القبول في الهجرة إلى أمريكا عن طريق السحب العشوائي,إلى المقبولين, وانه قرأ الخبر منذ أكثر من شهر على شاشة العربية. سيصيبني الوجوم الفجائي,ثم وبحكم العادة أتظاهر أني بخير,كي لا أفسد جوّ السهرة, لقد تعوّدت على كبت مشاعري الخاصّة منذ نعومة أظفاري.
...في هذه اللحظة يتّصل الأشرار الثلاث, ومع أني لا أرغب في رؤية أحد,...أهلا...أهلا.
*
ما الجديد إذن!
لقد بنيت أحلاما كبيرة على سفرة أمريكا,فكّرت سأجيد الإنكليزية وسأستعيد حماستي وشغفي في بلاد وثقافة جديدتين,وربما أنجح في الالتحاق بإحدى جامعات الأدب أو علم النفس أو..أو.
وأهمّ من ذلك,سيتاح لي اختبار موهبتي ومهاراتي أو العكس خللي وغبائي, وسأقبل النتيجة.
كانت نافذة للحلم وتحطّمت.
كانت فرصتي الوحيدة لأعرف حجمي الحقيقي ,العقلي والنفسي, لقد تعرّضت طويلا للإساءة وخسرت التقدير الذاتي المناسب, لقد جار الزمان عليّ, وما أنا أكثر من كلب عجوز في اللاذقية, مثل ملايين عاشوا قبلي في مدنهم وقراهم,ثم طواهم الزمن والنسيان.
أظنني تجاوزت أسطرة الذات, وتجاوزت جروحي الرمزية والجسدية وعملت جهدي.
كسرني الخبر,هدّني....ثم لجأت إلى امرأة سورية, ما أزال أؤمن أن تأنيث سوريا هو الحلّ الوحيد في الحاضر والمستقبل_ وهو إيماني الوحيد.
*
ملاذي الأخير....هذه الثرثرة.
أهدأ قليلا, ثم أعاود الحماقة وخبط الجدران برأسي ودماغي.
سيجارة وكأس في اللاذقية, أحب منظر الليل وأستمتع وأسترخي, نجوم وغيوم, أم قمر, أم ليلة مظلمة.....كلّها أحتملها مع شعور واضح بالرضا,حقيقة. وأما النهار لا طاقة لي على احتمال بشره وصراعاته,ولا أطيق نفسي نهارا, الليل صديقي وحبيبي.
ثم جاء الأشرار الثلاثة,مع سوزان يصيرون خمسة, شربنا العرق وقرأ محمّد من بيت من سكّر, وتحّول ليلنا إلى سمر ونجوم وأحلام.
غادر أصدقائي بعدما شربوا نصف العرق الموجود,بقيت كؤوس وسجائر أعبّها وحيدا.
*
هذا كأس وفاء سلطان.
هذا كأس جهاد نصرة.
هذا كأس تيد هيوز.
هذا كأس أحلامي المطفأة.
هذا كأس جميل حلبي.
هذا كأس مازن شمسين.
.
.
وهذا كأسي الفارغ. كأسي المسموم.
أشربه وأتلمّظ, اشربه بعناد وصبر, اشربه وأحلم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن