يا قماع شد قمعك علينا

هشام الصميعي
semai_hicham@yahoo.fr

2007 / 8 / 23

"الجلاد لم يولد من الجدار. ولم يهبط من الفضاء. نحن الذين خلقناه، كما خلق الإنسان القديم آلهته، ثم بدأنا نخاف منه إلى أن وصلنا إلى الامتثال والطاعة والرضا، وأخيرا إلى التسليم". عبد الرحمان منيف.

لا مجال للحديث عن تشابه الدولة البوليسية مع الدولة الديمقراطية فالأولى فضاء لقمع المواطن و سلخه من الحقوق و إهدار كرامته ولا قضاء مستقل فيها ولا هم يحزنون حيت يكون فيها هدا الأخير خاضعا لتعليمات الطبقة المسيطرة على مقاليد الحكم و وسيلتها في دلك السجون و الاعتقالات و القمع كوسائل للإكراه و إرهاب المعارضين لاستمرار حكم الأوليغارشية ولا مجال لحرية الصحافة في مثل هده الدولة الوحيدة القرن الناطحة للرأي فلا رأي يعلو على رأيها و جميع الآراء تنطق عن الهوى إلا رأيها الخلاق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

الدولة البوليسية وحش بارد يعيش على دماء الضحايا و ينام ويصبح على هوايته المفضلة القمع تم القمع ...ولكي تتأقلم مثل هده الأنظمة الاستبدادية مع المناخ الدولي و الضغوطات تكون مضطرة إلى تبديل جلدها و طلاء صباغة جذابة على جدرانها المتداعية . تعيش كجانوس سحري بوجهين فهي وديعة في بعض الأحيان شرسة في أغلب الأوقات لدلك فهي تعاني من حالة مرضية من فصام حاد لا يضاهيه سوى حالة فريدي تلك الشخصية الدموية في فيلم الرعب الشهير.

المستفيدون من اللعبة السياسية في المغرب و للتعتيم يتعمدون توزيع نظارات مهترئة بالمجان لاتشفع في إخفاء الحقيقة يوهموننا أننا نعيش في بلد ديمقراطي و أن كل من في قلبه شك في دلك هو إما يائس أو بائس عدمي . ولم يعد المخزن لوحده كما دأب في الماضي هو من يلمع الواجهة بل أصبح جزء كبير من مناضلي الأمس المتمخزنين اليوم يقومون بالمهمة فيرفعون المناديل لتلميع واجهة المتجر و يركبون مصابيح الزينة عاليا تم يزورون تاريخ الاستهلاك لبضاعة أضحت فاسدة و منتهية الصلاحية.

يأتي على رأس هؤلاء ماسح مائدة المخزن (المناضل الأنتيكي} حرزني. فبعد جولة يائسة لعواصم بعض الدول الغربية لترويج يافطة الإنصاف و المصالحة الذي في نظره أنصف ضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان( أغلب ممن خرج منهم من السجن يحمل عاهات و سرطانات و أغلب من دفنوا منهم في مقابر جماعية لازال دويهم ينتظرون تعويضاتهم و أغلب ملفات ضحايا الاختطاف لا زال دويهم ينتظرون قبرا للترحم عليهم أما الدولة فلازالت ترفض تقديم الاعتذار للضحايا فيما الجلادون يتحملون المسؤوليات السياسية و الإدارية في مغرب اليوم ). هدا هو حرزني الذي صرح تملقا أن اعتقاله في سنوات الرصاص جاء صدفة بينما كان يبحث في سوق صفرو عن صورة لمحمد الخامس فرب صدفة نافعة هاهو الآن أصبح ناسكا في محراب المخزن بعد أن دخل سقيفة المخزن و أغدقوا عليه الامتيازات يقصي كل من تجرأ على مجرد الشك في( الانتقال الديمقراطي) المفترى عليه. فإلى مزابل التاريخ عزيزي حرزني ونعم الدار و تذكر أن لا أحد سيذكرك بعد اليوم .

مادا تغير بين أمس المغرب و حاضره حتى يشنف هؤلاء مسامعنا بالحلو من الكلام مدحا في وحش بارد يلتهم حريتنا و تهوي زراويطه على ظهور المعطلين و العمال المشردين من جبل عوام إلى آكادير. مادا تحقق في الوقت الذي لازل فيه مواطنون أبرياء تزهق أرواحهم في مخافر الشرطة بفعل التعذيب؟ ويقاد فيه شيخ كبوكرين إلى الزنازين؟

مادا تغير في الوقت الذي تمنع و تقمع فيه مسيرات الجوع و العطش و تظاهرات ضد غلاء الأسعار و نهب المال العام بينما تقيم جرائد الغواني الدنيا على منع هيفاء من الغناء و الترنح بالأرداف؟

مادا تغير في الوقت الذي يقاد فيه صحافيون إلى السجون وناهبي المال العام يتقلبون في نعيم و تحرق مجلات و جرائد في المطابع باسم المقدسات أليست حريتنا التي تداس و كرامتنا المهدورة جديرة بالتقديس؟؟

للإشارة و تعزيزا للانتقال الديمقراطي و تكريس عهد حقوق الإنسان وسعيا منها لتدشين حملة القمع الميمونة وقعت الحكومة أكبر صفقة في استيراد الهراوات بملايين الدراهم استعدادا لسلخ الجلود .
المعذرة لناس الغيوان الروائع عن اقتباسي لعنوان المقالة من أغنيتهم ( يا جمال شد جمالك علينا ) و تحويله إلى يا قماع شد قمعك علينا .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن