د. فهمية شرف الدين : المثقفة العربية تعاني من تمييز ضدها في التعليم منذ البداية

مازن لطيف علي
mazinboox@yahoo.com

2007 / 8 / 3

حاورها : مازن لطيف علي
إذا أردنا كتابة تاريخ العراق في الثلاثين سنة الأخيرة، كيف يكتب تأريخ العراق.. كأنه نضال ضد الإستعمار، ولا يكتب بإعتباره تأريخا كتب بدَمْاء الناس، وكتب من قبل فئات استولت على السلطة، ومن الذي صنع تاريخ العراق... المخابرات العراقية هي التي صنعت تأريخ العراق في الثلاثين سنة الأخيرة، هذا ما تؤكده الباحثة والكاتبة د. فهمية شرف الدين،

التي أثارت كتاباتها جدلاً واسعاً مع بعض المثقفين العرب، ولدت د. فهمية شرف الدين عام(1943) في كفر بنت “لبنان”، وعملت في معهد الإنماء العربي في بيروت وفي حقل التدريس الجامعي، وهي أستاذة في معهد العلوم الإجتماعية لمادة علم إجتماع المعرفة. “لبنان” والأمين العام للجمعية العربية لعلم الإجتماع، تعمل في البحث العلمي في مجال علم إجتماع المعرفة والفكر السياسي والإجتماعي، أمينة سر اللجنة الأهلية لمتابعة قضايا المرأة، ناشطة في قضايا المرأة خاصة في مسائل مقاربة النوع الإجتماعي أصدرت أكثر من عشرين كتاباً في قضايا الفكر والثقافة منها “الثقافة والايديولوجيات في الوطن العربي - بيروت 1993”.. “أصل واحد وصور كثيرة - ثقافة العنف ضد المرأة في لبنان - بيروت - دار الفارابي2002” وغيرها من المؤلفات وكذلك عشرات البحوث الإجتماعية والثقافية وكان لنا حوار معها :
*للماذا يعاني المثقف العربي من عدم فهمه للإصلاح السياسي، بل إنه، في بعض الأحيان يقف بالضد منه كممارسة إنسانية وآلية إدارية في الحكم؟
لا أعتقد أن المثقف العربي يعاني من عدم فهمه للإصلاح السياسي، لكنه لايشارك في هذا الإصلاح، المشكلة ليست في القوانين إنما في الأداء، لذلك يرى المثقف العربي أن أي إصلاح يجب أن يكون في الأداء، ولكن حتى الأداء لو حسنت النوايا، فهناك قضايا أساسية يجب إصلاحها في العالم العربي لا تتصل بالممارسة فقط وإنما بالرؤيا نفسها، يعني انّ الأقطار العربية المختلفة تنظر إلى مسألة ممارسة السلطة بإعتبارها مسألة هي بحد ذاتها هدف فليس هناك من تمييز واضح ما بين المعارضة والموالاة، على سبيل المثال في بداية القرن العشرين حتى زمن الإستقلالات الوطنية، المثقف العربي كان يملك تصوراً ورؤى لتغيير المجتمع متطابقة مع الرؤى الأوربية، يعني إن هذا المجتمع من أجل نقله من مكان إلى مكان آخر هناك مجموعة من الإجراءات التي يجب علينا أن نقوم بها وأهمها نشر التعليم، نقل المجتمع من زراعي إلى صناعي، بناء دولة قانون هذه الرؤى بقيت مسيطرة، وحتى الإنقلابات العسكرية التي فشلت في صراعها مع إسرائيل ما عدا دولة صغيرة مثل لبنان التي تمتاز بأنها ليست لديها انقلابات عسكرية، والحرية والديمقراطية فيها تميل نحو الفوضى هاتان الرؤيتان فشلتا فشلا تاماً ومع ذلك مازالتا تمارسان.. فالرؤية العسكرية والرؤية الأخرى التي ترى التصنيع حلاّ، فالرؤية الأولى فشلت فلم تنقل المجتمعات إلى التصنيع ولم تنقل الناس من الجهل إلى المعرفة ولم تبن دولة قانون بل دولة مخابرات والرؤى العسكرتارية لم تحقق شيئاً أيضاً.. نحن الآن أمام رؤى أخرى والتي تقول إنه من الأفضل للشعوب أن تكون الآليات التي تحكم علاقاتها هي آليات تتسم بشيء من الديمقراطية يعني إنها تقوم على الحوار والمشاركة وآليات الإنتخاب، لكن المثقفين العرب أغلبهم ليسوا هنا كيف يمكن لمعظم المثقفين العرب أن يكونوا مع صدام حسين وأن يصدروا البيانات ولايزالون حتى الآن يدافعون في البلاد العربية عن
هذا العنف القائم في العراق ويعدونه مقاومة، أية مقاومة التي تقتل المدنيين، اليوم حتى المحتلين يمكن أن يتم التحاور معهم.. العرب أينما كانوا هم كذلك لم تنضج الممارسة العربية، أفكار حقوق الإنسان يجب إحترام الإختلاف، يعني موقف كل الأنظمة العربية خلال (100) سنة ضد الأقليات، فرؤى التمجيد التي تنتمي للقرن التاسع عشر وليس للقرن العشرين رؤى شوفينية قومية حملها بعض رواد الأحزاب القومية بما فيها الأحزاب الشيوعية تدخل ضمن هذا الإطار من دون أن يكون لديهم قدرة على تعديل هذه الإتجاهات في الرؤيا في الوقت الملائم.
*هل يستطيع الباحث أو المؤرخ التجرد بصورة كلية من أيديولوجيته عند كتابة التاريخ؟
- يُكتب التاريخ وكأن التاريخ لأشخاص، لا يكتب التاريخ الإجتماعي للشعوب، بدأت مشكلة كتابة التاريخ العرب في أن الباحثين والمؤرخين ينطلقون عادة من موقعهم الذاتي.. هناك بعض المؤرخين الذين يحاولون فعلاً كتابة التاريخ الإجتماعي بمعنى كتابة تاريخ حقيقي للشعوب.. إذا أردنا كتابة تاريخ العراق في الثلاثين سنة الأخيرة كيف يكتب تاريخ العراق.. كأنه نضال ضد الإستعمار ولايكتب بإعتباره تأريخاً كتب بدم الناس.. وكتب من قبل فئات استولت على السلطة، من الذي صنع تاريخ العراق؟ المخابرات العراقية صنعت تاريخ العراق في الثلاثين سنة الأخيرة، حيث قررت أن تخوض حرباً ضد إيران إستباقية على طريقة الأمريكان عملوا أيضاً حرباً إستباقية على الكويت وعملوا الحرب الثالثة مع الأمريكان.
* تقف النخب العربية موقفاً معادياً من العولمة و تصنفها بشكل متطور للإحتلال، في حين يرى آخرون بأن العولمة فعل متطور متعدد الجوانب إستغلته الرأسمالية في حين لم تستثمره المذاهب السياسية الإقتصادية الأخرى؟
- لاشك في أن العولمة مرحلة أخرى من الرأسمالية وهي تطور ذاتي في الرأسمالية.. يعني أن الرأسمالية يضاف إليها تطور الإحتكارات في القرن الماضي، ومتعددة الجنسية بإضافة الثورة الإعلامية والمعلوماتية وشبكة المعلومات إليها، أصبحت من الحقائق.. ولكن أنا أعتقد أن مشكلة الإعتراضات للمثقفين العرب هي إعتراضات تقع في ميدان آخر ليس ميدان العولمة، هي عبارة عن مواقف أكثر منها معرفة العولمة ومحاربتها، الآن هناك تيار عريض وكبير ضد العولمة لكن هذا التيار يتكئ على شروط معرفية، أما نحن فلانملك سوى الموقف، فالوفود العربية تذهب إلى المؤتمرات وهي لا تعرف ماالقوانين التي تسوق منظمة التجارة العالمية، يقولون نريد تحرير التجارة ولا أحد يعرف ما القوانين المضرة وما القوانين النافعة.
* برأيك كيف نؤسس لثقافة علمانية جماهيرية تستطيع تجاوز قيود التقاليد الإجتماعية والموروثات التأريخية؟
لايمكن تأسيس ثقافة من دون تأسيس مجتمع، يعني ان البنى المادية للثقافة جزء من التغيير الذي يجب أن يحصل في المجتمع، بمعنى تغيير موضوعي في البنى الإقتصادية والسياسية عند ذلك تنتج ثقافة ديمقراطية، عندما تكون الآليات السياسية الديمقراطية موجودة ومتاحة، يعني مهما تحدثنا عن لبنان وهي ليست نموذجاً عظيماً، وأنا لست من المعجبين بالتجربة اللبنانية، وليس لدي هذا الاستعلاء الذي يمارسه اللبنانيون، أنا أفضل الفوضى على الدكتاتورية، فرغم كل هذه الفوضى في العراق إلا أنها في النهاية ستنتج تسويات ما وإذا كانت هناك نخب سياسية وثقافية في العراق قادرة على توجيه هذه الفوضى من إتجاهات إيجابية أعتقد أن الموضوع أحسن بكثير من الدكتاتورية.
* أين هي المثقفة العربية.. هل مازالت تمثل الطرف السالب في الثقافة العربية؟
- المثقفة العربية تعاني من تمييز ضدها في التعليم منذ البداية وتعاني التمييز في الإعلام، مثلاً تلاحظ كم إمرأة تسأل في السياسة، انا عندما يتصلون بي أخرج عبر وسائل الإعلام وأتكلم عن النساء وهي قضية محترمة ولا أستنكف منها وهي إحدى قضايا النضال المجتمعي، الإعلام لايعترف بوجود إمرأة تتكلم في السياسة، لأن الذين يقومون على الإعلام هم أناس يعتبرون المرأة أضعف من الرجل وإنها لاتملك تصورات حول مايجب فعله ويمارسون التمييز ضدها، المثقفة العربية عليها أن تقتحم الميدان في التحليل السياسي لكن الفرص ليست متساوية، يجب الإعتراف بذلك علماً أن المرأة الآن في وضع تعليمي ومعرفي معادل للرجل إذا لم تكن قد تفوقت عليه في ما يخص شروط إنتاج المعرفة، لكن كل التقارير تشير إلى أن (70) مليون أمي في العالم العربي (45) مليونا منهم من النساء.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن