الدوران في الفشل

تقي الوزان

2007 / 7 / 31

العودة السريعة للسيد عبد العزيز الحكيم الى العراق , وتحمله لمصاعب فترة العلاج , كشفت الوضعية التي آلت اليها قائمة "الائتلاف" , ووحدتها المهددة بالتمزق بعد خروج حزب " الفضيلة" , ومواقف "التيار الصدري" التي تكاد ان تكون بالضد من توجهات القائمة . ومن المعروف ان السيد عبد العزيز الحكيم تزعم "المجلس الأعلى" بعد استشهاد شقيقه السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله , وتبلورت زعامته لقائمة "الائتلاف" في فترة التفاعل النشط بين الاحزاب والمنظمات لتشكيل الكيانات السياسية المتمثلة بالقوائم التي دخلت الانتخابات . وبغض النظر عن الرافعات التي دعمت تشكيل قائمة "الائتلاف" , ومكنتها من تحقيق " الانتصار الحاسم" كما رددتها قيادات القائمة , فأن المقومات القيادية للسيد الحكيم أكتسبت خبرتها المميزة في خضم هذا الصعود والتشكل , وبات من الصعب ايجاد شخصية بديلة لها نفس المواصفات للمحافظة على وحدة القائمة في هذه المرحلة الجديدة التي قوامها الانحدار والتفسخ , ليس لقائمة "الائتلاف" وحدها , بل لكل العملية السياسية التي بنيت على اساس المحاصصة , والاستئثار بما يمكن الحصول عليه .

هذه العودة رغم حاجة وحدة القائمة اليها , الا انها لن تكون حاسمة في استمرار تماسكها , وفي احسن الاحوال انها ستؤجل تمزق القائمة لبعض الوقت . والسبب هو في فشل هذه الكيانات – بما فيها القائمة"الكردستانية" التي تعتبر اكثر تماسكاً من القوائم الاخرى – في انجاح العملية السياسية , وفشلها في خلق ادارة تستطيع ان تنقذ العراق من الانحدار الدموي الذي وصل اليه .
ان تشكيل القوائم جاء نتيجة البحث عن وسائل لضمان الفوز الانتخابي , وكنا تعتقد ان القائمة" العراقية" كان معوّل عليها لعلمانيتها, وبرنامجها السياسي الوطني الواضح . الا ان عدم الحصول على اصوات كافية لتحقيق مشاركة فاعلة في القرار السياسي , وبدل الاستفادة من التركيز على نهجها العراقي امام الفشل المحاصصاتي السريع , اندفع رئيسها الدكتور اياد علاوي للبحث عن وسائل اخرى اسرع بالوصول لموقع القرار العراقي , وخلق حالة من التشتت بين اطراف القائمة , واخذ بعضهم يتقافز على مختلف الجهات للحصول على جزرة ولو صغيرة , حتى ذهب احد العلمانيين "العريقين" للتسكع في باب السيد السيستاني , في قراءة خاطئة للمشهد السياسي الذي بحاجة لتغيير توجهات العملية السياسية برمتها .
ويمكن القول ان قائمتي "التوافق" و"الحوار" البعثيتين هما الأكثر وضوح " دموي " للأستحواذ على السلطة , والموقف الذي اتخذوه مؤخرا لزيادة درجات التوتر , واستمرار ابتزاز الحكومة , وتهديدها بسحب الثقة لأسقاطها ان لم تنفذ مطاليبهم خلال اسبوع واحد , جاء نتيجة التطمينات التي حصلت عليها من حكومات الجوار "السنية" , والتفاهمات التي توطدت مع الجانب الامريكي كبديل يمكن الاعتماد عليه مرة اخرى , اذا استمر الفشل الحكومي الحالي . وطرق الاخراج لهذه المسرحية كثيرة جداً .
ان اعلان الاتفاقات "الستراتيجية" الاخيرة بين "المجلس الاعلى" وحزب"الدعوة" , وبين الحزبين الكرديين الرئيسيين , ليست كافية لانجاح مشروع جبهة "المعتدلين" . طالما ان "المعتدلين " مؤسسة على نفس الاسس الطائفية والاثنية , والدليل هو تأخير اعلانها لعدم موافقة الحزب "الاسلامي" السني الانضمام اليها لحد الآن . ويخطئ من يعتقد ان مجرد تحقيق الاغلبية البرلمانية , وتمشية اجازة قانون اسثمار النفط والغاز وفق الرغبات الامريكية , سيمكنه من رضا الامريكان والاستمرار في هكذا عملية سياسية .
العملية السياسية بعد ان كانت تهم الامريكان في اغلب جوانبها , اصبحت بؤرة الصراع الرئيسية بين المشروع النووي"القومي" الايراني , والمشروع الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الامريكية وباقي دول الاقليم من الانظمة العربية "السنية" . والقيادات السياسية العراقية عليها ان تعي كونها اصبحت رأس الحربة للطرفين , ولا يمكن التوفيق بينهما , والتوافق المبني على اولوية الوحدة الوطنية هو الوحيد الذي سينقذ العراق والعراقيين .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن